أكثر من ثلاث سنوات مرت على الأزمة الخليجية، جرت خلالها محاولات عدة لرأب الصدع بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، لكن هذه المحاولات لم تصل إلى أي نتيجة حتى الآن.
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في حزيران 2017 علاقاتها الدبلوماسية مع قطر, واتهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرفة وبالتقارب مع إيران، وهو ما نفته الإمارة.
وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقلات القطريين.
ومع بدء العد التنازلي لتولي الرئيس المنتخب مهامه رسميا في 20 كانون الثاني المقبل، كشف مستشار الأمن القومي الأميركي في إدراة ترمب، روبرت أوبراين، عن اتصالات مكثفة مع قادة المنطقة لحل الأزمة الخليجية، ما يثير تساؤلات بشأن إمكانية نجاح هذه المساعي.
وتأتي تصريحات أوبراين، في وقت يزور فيه وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الإمارات وقطر والسعودية وإسرائيل، خلال جولة تشمل سبع دول في محاولة أخيرة لحل الأزمة الخليجية في عهد ترمب.
ويرى نائب رئيس المجلس الأميركي للسياسة الخارجية والخبير في الأمن الإقليمي للشرق الأوسط، إيلان بيرمان، أنه على الرغم من عدم اليقين الذي يحيط بنتائج الانتخابات في الولايات المتحدة، فإن الإدارة الأميركية الحالية تحاول استخدام الأسابيع الأخيرة المتبقية تعزيز التقدم في الملفات التي اتخذت فيها خطوات سابقة.
وأشار في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن الأزمة الخليجية ضمن هذه الملفات في إطار التكامل الإقليمي في الشرق الأسط، وكذلك التطبيع مع إسرائيل.
وتعكس تصريحات أوبراين تفاؤل مسؤولي إدارة ترمب بترجيح إمكانية حسم الخلاف بين دول الخليج وقطر، في إطار الجهود المبذولة لتعزيز تحالف الشرق الأوسط في مواجهة إيران، وبما يمهد الطريق أمام المزيد من الدول العربية لفتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
ويقول مدير مركز دراسات السلام وحقوق الإنسان في جامعة كولومبيا الأميركية، ديفيد فيليبس، إن الوقت ضيق للغاية وكان على إدارة ترامب أن تفعل ذلك منذ وقت طويل، لأن الدبلوماسية معقدة وتتطلب من العديد من الجهات الفاعلة لمواءمة استخدامها".
من جهته قال وزير الخارجية القطري، تعقيبا على تصريحات أوبراين، إن "الرغبة يجب أن تكون لدى كل الأطراف وإن المزاعم التي بنيت عليها المقاطعة لم تكن صحيحة".
في المقابل يؤكد الباحث السياسي البحريني، عبدالله الجنيد، لموقع "الحرة"، أنه "ليس فقط الولايات المتحدة الأميركية من تريد حل هذه الأزمة، فالدول الخليجية بقيادة السعودية تريد إنهاءها".
لكن الجنيد يرى أن الجانب القطري "هو من أهدر جهود أمير الكويت الراحل الشيخ، صباح الأحمد"، عندما فرط في المشاركة بقمة الرياض، "وهذا يؤكد أن الأزمة الخليجية ليست على سلم أولويات القيادة القطرية"، وفق تعبيره.
وأضاف أن "جميع دول الخليج تتطلع إلى الخروج من هذه الأزمة لما تمثله من ضغوط اجتماعية على مواطني دولهم، إلا أن إخضاع إرادة قرابة 28 مليون خليجي، هم مواطني السعودية والإمارات والبحرين، إكراما لأقل من 200 ألف قطري، فإن ذلك مستبعد جدا، والإدارة الأميركية تعي ذلك".
وردا على سؤال إمكانية جلوس الأطراف المتخاصمة على طاولة واحدة، قال الجنيد إن ذلك "يتطلب مرونة عالية جدا من الجانب القطري".
ويؤكد الجنيد أنه "من غير الجائز افتراض أن دول الخليج المقاطعة لقطر، ستتراجع عن اشتراطاتها القطعية".
من جانبه قال المسفر إن "قطر على استعداد للجلوس، وهي دائما تطلب ذلك، على أن يكون الاحترام المتبادل في مفهوم السيادة الكاملة لكل دولة، وبالتالي لا يتدخلوا في شؤونها الداخلية، قطر ليس لديها مانع إذا تعاملت هذه الدول على مستوى الندية، واحترام سيادة الدولة وقراراتها الداخلية والخارجية".
بدوره، قال المحلل السعودي مبارك آل عاتي إن الأزمة الخليجية قابلة للحل في أي وقت، شريطة أن تنفذ قطر مطالب الرباعي العربي.
وأضاف: "النظام القطري يراهن على وصول الديمقراطيين للسلطة في الولايات المتحدة مرة أخرى، أعتقد أن وجود جو بايدن في البيت الأبيض سيكون مشابها للديمقراطي باراك أوباما في السياسيات، ولهذا تنظر قطر ودول أخرى في المنطقة بتفاؤل بفوز بايدن".
وشدد آل عاتي على أن الأهم في هذه الأزمة ليس الحل، بقدر إيجاد حل نهائي حتى لا تتجدد مرة أخرى، مشيرا إلى أن الأجواء لا تزال تبعث على حالة من عدم التفاؤل، رغم أن الإدارة الأميركية تملك أدوات خاصة بها لإيجاد حلول مرضية لكل الأطراف، بحسب قوله.
وتابع: "مع احتمال وجود سيناريو بتوجيه ضربة عسكرية لإيران لدى الرئيس ترمب، ستعمل واشنطن بقوة لإيجاد حل للأزمة الخليجية في هذا الوقت إذا ما كان الخيار مطروحا، لكن عامل الوقت لا يشكل ضغطا على الرباعي، بقدر ما يضغط الدوحة وواشنطن".
ويرى فيليبس أنه "بالطبع يجب رفع الحظر المفروض على قطر، خاصة وأنها حليف للولايات المتحدة التي لديها قاعدة عسكرية مهمة فيها، لكن يجب أن يكون ذلك بشروط، أهمها أن تقلل من تعاونها الوثيق مع تركيا التي هي مصدر لعدم الاستقرار في المنطقة، فضلا عن وقف دعمها للجماعات المتطرفة مثل حركة حماس".
وأنشأت تركيا قاعدة عسكرية في قطر بعد اندلاع الأزمة الخليجية، الأمر الذي تنتقده الرياض، وزاد من حدة الخلافات.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News