"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
فجأة ومن دون مقدمات، وبعد تهويل باريس و"تجمّد" خطوط تواصلها مع بيروت، ووسط زحمة الأزمات التي يعاني منها الرئيس ايمانويل ماكرون، وعلى بُعد ايام من عودة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من العاصمة الفرنسية، بعد جلسة الاستماع له، وما رافقها من "هروب" لشركة "الفاريز"، قرر الايليزيه دعوة مجموعة دعم لبنان لتأمين حزمة مساعدات للشعب اللبناني.
ولكن ما الذي تغيّر فجأة؟ تكشف مصادر دبلوماسية مواكبة ان الفرنسيين حصلوا على الضوء الاخضر الاميركي غداة زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو الى باريس،حيث جرى نقاش معمّق للوضع اللبناني بحضور اعضاء فريق ماكرون المكلّف بالملف اللبناني، انتهى الى ان واشنطن معنيّة بأمرَين، الاول الحدود والتطبيع مع اسرائيل، والثاني حزب الله لارتباطه بطهران، حيث الفساد والارهاب بابان للتغيير والتحجيم، أمّا فيما خصَّ الشعب اللبناني فلا معارضة اميركية في مدِّه بالاوكسيجين. انها سياسة الرئيس بايدن اللبنانية ومن يظن غير ذلك واهم، تختم المصادر.
غير ان الساعات الفاصلة عن "لقاء الشحادة"، شهدت سلسلة احداث لافتة وغامضة، سياسية وامنية وقضائية، مترابطة غير مستقلة عما جرى على شبكة التواصل من لقاء القادة الافتراضي، الذي لفت فيه حضور ممثلين للمجتمع المدني، وما سبقه وسيتبعه من نقاشات حول مصير المساعدات المقدّمة والجهات التي استفادت منها، نتيجة عشرات الشكاوى التي تلقّتها الجهات المانحة والموثقة، والتي انتجت وضع آلية جديدة لايصال المساعدات تختلف عما سبق، وفقاً لمصادر متابعة، كاشفة ان هناك اصراراً جدياً ودعوة من قبل بعض الدول ومنها خليجية على حصر تعاملها مع الجمعيات الاهلية مباشرة.
هذا "التصعيد" اذا جاز التعبير ترافق مع بيان فرنسا "التخويفي" شديد اللهجة، اكتشفت من خلاله "البارود"، متباكية على خارطة طريق مبادرتها بإصلاحاتها الذهبية التي بقيت حبراً على ورق، مهدّدة متوعدة، بحرمان بيروت من "طلة" رئيسها، مكشرة عن انيابها لواشنطن وعقوباتها، مستندة الى بيان البنك الدولي الذي بشر بعظائم الامور مع تحول اكثر من نصف اللبنانيين الى "شحادين"، يسعون وراء رغيف خبز وحبة دواء، قد يحصلون عليها بمنة من حاكم او حسنة من مانح.
"الحربقة" اللبنانية لم تتأخر في الفوران دفعة واحدة، ليتحرك القضاء "ويوعى من نومته الغميقة" مدعياً على ثمانية ضباط، بناء لمجموعة ادعاءات بعضها مجهول المصدر، في ملف يضم آلاف الصفحات، سينتهي بحسب مصادر واكبت تلك المرحلة الى تبرئة ذمة العديد من المتهمين المفترضين، إلّا في حال جرّ فتح ملف الحربية اليوم الى نبش غيره، وحينها سيكون حديث اخر للمتهمين والتاهمين؟ وهنا لا بد من سؤال اساسي، هل حققت حملة الاسابيع الاخيرة الاعلامية هدفها؟ ام هي رسالة للاميركيين الذين تلقفوها جيدا؟
في كل الاحوال يبقى الاهم، ان ثمة من اقتنع ان الاصلاح يبدأ من الامن والقضاء، والاغلب هي جهة خارجية، حيث ينتظر ان تتدحرج كرة الفساد تلك لتشمل عشرات الاسماء الاخرى، ولن تكون ابدا تصفية حسابات محدودة في الزمان والمكان.
غير ان اللافت، هو الحدث الامني "الغريب"، الذي رافق "الهدية" المقدمة للمانحين، مع العثور على جثة العقيد المتقاعد في الجمارك منير ابو رجيلي، والذي تمّت "تصفيته" في بيته في قرطبا، وهو ثاني ضابط جمارك "ينحر" بالاسلوب نفسه.
فهل للامر علاقة بملف تفجير مرفأ بيروت؟ أم هو أمر آخر؟ بالتأكيد مراجعة سجل خدمة العقيد المغدور ستحسم الامر وتسقط تحليلات المؤمرة ،على أمل ان لا يطالب احد بتحقيق دولي في القضية لتبيان الحقيقة.
ما يجري اليوم ليس سوى تأجيل لما سنصل إليه حكماً بعد شهرين، فيما القيّمون على شؤون الناس يواصلون التلهي ويوحون بأنهم يفتشون عن حلول، سواء منهم من في الداخل او من في الخارج. فلا "الزفة" عادت نافعة ولا "البهدلة"، على قاعدة "بتبزق عليه بقلك الدني عم تشتي".
"فـ يلي بيسمع كلمة امو شو منقلو؟". على ذمة الشاطر حسن، الذي غالباً ما أصاب، "شاطر... شاطر!".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News