بعد نحو 22 عاماً على جرائم قتل تورط فيها النظام الإيراني وراح ضحيتها أدباء وصحفيون ونشطاء سياسيين، خرجت الإيرانية، روحاني سلطاننجاد، التي كان زوجها وابنها من بين هؤلاء الضحايا عن صمتها لأول مرة وروت تفاصيل مروعة.
تحدثت السيدة عن عملية قتل زوجها حميد حاجيزاده، وإبنها البالغ من العمر تسع سنوات، كارون حاجي زاده، على أيدي أفراد محسوبين على النظام حسبما تبين بعد ذلك.
وإغتيال زوجها وطفلها في ذلك الوقت حصل ضمن جرائم "قتل سياسية متسلسلة" هزت المجتمع الإيراني في نهاية التسعينيات والتي وجهت أصابع الاتهام فيها بعد ذلك إلى وزارة الاستخبارات التي قالت إنها ارتكبت من قبل قوات "طائشة".
وقالت الأم والزوجة المكلومة في حديث حصري لموقع "راديو فاردا" إنها تتذكر آثار الدماء على جسد نجلها الصغير الذي قتل مع والده، الكاتب والشاعر، بمنزلهما في محافظة كرمان منتصف ليل 22 أيلول 1998، تعرض الأب لـ27 طعنة وابنه لـ10 طعنات حتى لفظا أنفاسهما في الحال.
وتتذكر سلطاننجاد أنها سألت أمها: "لماذا أنجبتني حتى أنجب كارون؟ اعتبرت نفسي مذنبة بحمل كارون، ما الذي رآه في هذا العالم ليموت بهذه الطريقة؟ كنت خائفة من كل البشر، خفت أن يكونوا جميعهم قتلة".
ابنا الأديب الراحل، أرفاند وآراس، اللذان كانا أول من وصل إلى موقع جريمة قتل الأب والأخ، أيقظا أمهما التي كانت نائمة في غرفة مجاورة في المنزل، ولم تعلم بوقوع الجريمة. ظنت الأم أن زوجها تعرض لنوبة قلبية وارتطم رأسه بالنافذة وهو ما كان يمكن أن يفسر الدماء التي كانت تغطي وجهه.
الأم والزوجة التي اكتشفت أيضا مقتل طفلها "بشكل مروّع" قالت: "كان فمه مليئا بالشعر والدم. كانت عيناه مفتوحتين، يداه ممتلئتين بالشعر والدماء. لم أستطع تحمل ذلك، ركضت بعيدا، وكنت أصرخ وأنادي باسمه".
وصل الجيران والمحققون وخبراء الطب الشرعي وقاموا بتفقد المكان وأخذ عينات، ثم أخذوا جثة الرجل، واستجوبوا الأم وابنيها في مركز الشرطة. سُئلت سلطاننجاد عما إذا كانوا في خلاف مع أي شخص. قالت في اللقاء مع "راديو فاردا": "كان حاجيزاده لطيفا جدا لدرجة أنه لا يمكن تخيل أن يكون على خلاف مع الآخرين".
تابعت الزوجة والأم القضية لمعرفة الحقيقة، ذهبت إلى المحكمة العسكرية في طهران، وأرسلت خطابات إلى الرئيس والمرشد الأعلى ومحافظ كرمان، رئيس القضاء في الجمهورية الإسلامية حضر إلى كرمان والجميع أخبروها أنهم يتابعون القضية، لكن هذا لم يحصل أبدا.
وعن سبب وجود الشعر على جثة الابن، قالت إنها لا تعرف السبب، وتأكدت أنه ليس شعرها، أي أنهم لم يقصوا شعرها وهي نائمة ووضعوه في فم ويد الابن في محاولة لتوريطها.
وكانت قد سارت في ذلك الوقت شائعات بأنها "القاتلة".
وتعتقد أنه شعر زوجها، لأن ابنها بدا وكأنه كان يحاول الإمساك بأبيه بيديه وأسنانه من الخلف "ربما للدفاع عنه أو لأنه أصيب بالهلع".
رئيس قسم التحقيقات الجنائية أبلغها أن جثة الأب تشير إلى أنه كان "هادئا" بينما كان الطفل في حالة "فزع"، فقد كانت عيناه "تحدقان"... "ربما أراد الدفاع عن والده، أو أنه كان خائفا، لا أعرف ما حدث لطفلي، ما حدث لحاجيزاده".
في تلك الليلة، تروي الأم، طعن الجناة صغيرها الذي كان على بعد ثلاثة أمتار منها ولم تسمع صوته، وتشير إلى أن معصمه تعرض للكسر "ربما أراد أن يأتي إلي لكنهم لم يسمحوا له بذلك".
بعد الجريمة، لم تستطع تحمل البقاء في المنزل، إذ أنها باعته بعد نحو عام تقريبا، ولم تعد إلى الحي مرة أخرى.
بعد ذلك علمت أن ما حدث جريمة سياسية وأن المسؤول عنها وزارة الاستخبارات. لم تُبلغ بذلك بشكل رسمي، فقط سمعت من الناس ووسائل الإعلام.
لكنها تتذكر أنه قبل نحو 40 يوماً من عملية الاغتيال المروعة، أبلغها زوجها أن سيارة بها أربعة أشخاص توقفت أمامه في أحد الشوارع، وقد حذروه من "اللعب بالنار".
وقالت لـ"راديو فاردا": "في ذلك الوقت كنت أتساءل من هم، لكنني لم آخذ الأمر على محمل الجد ولم أطلب المزيد من المعلومات من حاجزاده".
بعد 22 عاماً من وقوع الجريمة، لا تسعى الأم والزوجة المكلومة سوى إلى تحقيق "العدالة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News