المحلية

الاثنين 25 كانون الثاني 2021 - 03:00

موزَةٌ للقِرد يا تشارلز

موزَةٌ للقِرد يا تشارلز

ليبانون ديبايت - روني ألفا

درَسنا داروين في الجامِعَة. الرّجُل تتلخّص نظرّيَتُهُ في نشوء وارتِقاءِ البَشَر بأنَّ أصلَنا قِرَدَة وبالتّحديد مِن فَصيلَة " الأورانج أوتان ". فليَغفُرْ لي العِلم وليرأف بِوقاحَتي أنا المتَضِّع الذي أملِكُ في فَهمِ طبيعَة الإنسان ما يملِكُهُ النملُّ في فهمِ طبيعَة الفِيَلَة والأُسود.

لَو عشتُ في زمَنِ تشارلز داروين لَكنتُ بالتأكيد مِن الذينَ يحلمونَ بِلقائِه ومُجالَسَتِه ولَو أنَّ جائِزَة نوبل كانت على أيامِه لَكانَ أوَّل مَن فازَ بِها غيرَ أنّهُ ومِن دونِ جَميل ألفرد نوبِل جمَّعَ مِن الأوسِمَة والشّهادات والدّروع ما يملئ عشرَة ملاعِب فوتبول. أن يَقولَ تشارلز بأنَّ نسلَنا البشري مصدره قبائِل النسانيس والقرود يثيرُ جدلاً. أؤيد نظريته كلما تفرّست بوجوه أغلب أهل السياسة.

أميلُ إلى أنَّ مهنَة البعضِ مِنّا تردّه إلى فصيلَةِ النسانيس والقُرود. أنظُروا كَم مِن الناسِ يتمشّونَ بيننا وأذنابُهُم ظاهِرَة على العَيان. هناك بشرٌ مِن رؤوسِهِم حتى أخامِص أرجُلِهِم يشبِهونَ الأَذناب. رؤوسهم أذناب وصدورهم أذناب وأسفَلهم أذناب. لَو أنَّ عروضات السيرك تلعَبُ هذه الأيام مِن دون معوقات لرأينا اسيادَهُم يربطونَهم بِرَسَنٍ ويرقّصونَهم كيفَما يشاؤون بمكافأةٍ لا تتعدّى الموزَة أو قشرَتها. هذه الفصيلَةُ مِن القِرَدَة الآدميّة تؤدي عُروضاً ثمَّ تعودُ بِخُطى واثِقَة لتتسلَّقَ كتِفَ مدرّبِها وتَبقى هناك حتى الأمر التالي.

تابِعوا أغلَب السياسيين في العالَم وبالاخص عندَنا. بالله عليكم ألا ترونَ في أدائِهم صورَةً طبقَ الأصل عَن أداءِ أسيادِهِم؟ مِن أصل عشرين أو ثلاثين نائِباً في كتلَة يمكنُ إحصاء أكثَر مِن نصفِهِم قِرَدَة. يقرأونَ بياناً واحِداً ويُدلونَ بِتصريحٍ واحِد. يقلِّدونَ رئيس كتلَتِهم رئيس القبيلَة. أَليسَ للقردِ مَوهبَة في التقليد لا يجاريه فيها أيُّ مَخلوقٍ آخَر؟ بالتأكيد لا بدّ أن يكون للإنسان جذورُ سَعادين بِدَليل أنَّ أعداداً منهَم تزاوِلُ السياسَة في لبنان كما الأورانج أوتان أي بمنتَهَى براعَة المُقَلِّد.

القِرد السياسي اللبناني قِردٌ قَيد الإعتِقال. مَخلوقٌ متوحِّش مَوضوعٌ خلفَ القضبان. الغوريلّا الذي يترأسّ قبيلَته يحجُرُ عليه ولا يطلِقُهُ إلا لإعلان حرب على قَبيلَة منافِسَة. مَجموعَة مِن القٌرود تَحكمُنا.. عَن جَدّ. نحنُ الذينَ مِن غير فَصيلَة القِرَدَة نتفرّجُ عَلى سيرْك. حتّى أننا ملَزمون بدَفعِ " دخوليَّة " لنتمتَّع بعروضات القرود السياسيَّة. أليسَ لهذا السّبب يُقحِمُ البعضُ لَدى حَديثِه عَن شؤون وشجون السياسَة في لبنان كلِمَة " يا قِرد " ؟

أنا مقتَنِعٌ ولَو مِن دونَ أجوبَة علميَّة قاطِعَة بأّنَّ أغلَب السياسيين في لبنان هم أذناب. تَماماً كالأذنابٍ التي كانَت تتدلّى مِن أقفيَةِ القُرود منذ آلاف السنين. هؤلاء لَم يفقِدوا تَوظيف أذيالِهِم ولذلك بقيَتْ قيدَ الإستِعمال ولَم يمحِها النشوء والإرتِقاء. أذيالُهُم ترجرِجُ على الدولار الطّازَج والكرسي المطَوَّبَة والسلطَة المؤبَّدَة. أُرموا لَهم عظْمَة أو مَوزة وراقِبوا كيفَ ترتجفُ أذيالُهُم فَرحاً وغِبطَة؟

بالطّبع لا تَكسو بشرَة أغلَب السياسيين في بَلَدِنا طَبَقة سَميكَة مِن الشّعر كَما الحالُ عندَ الأوران أوتانغ. استَبدَلَها هؤلاء بجلودِ التّماسيح. إقتَرِبوا منهُم ولَو قَليلاً ألا تشتَمّونَ في رائحَتِهم شيئاً من القِرَدَة؟ مِن منكُم يودُّ الإقتراب مِنهم؟ هؤلاء لم يغتسلوا بالفَضيلَة مرَّةً ولا تعطّروا بالعِفَّة مرَّةً ولا لبسوا ثيابَ الصِّدقِ مرَّة. معاشَرَةُ قرودِ حَديقَة الحَيوانات أشرَف لَكم مِن معاشَرَتِهِم. هؤلاء عِبءٌ عَلى الأخلاق والدّين والقانون ولا يستَحِقّونَ أصلاً أن يُدفَنوا في جبّانات ومَقابِر دينيّة ولا أن يُصَلّي عليهِم الشيخُ والكاهِن. هؤلاء عندَما يَموتونَ لا يتحوّلونَ إلى جَثامين ولا حتّى إلى جُثَث. هؤلاء يتحوَّلونَ إلى جِيَف فلا تَقرَبوهُم. فتّشوا عَنهم. يسكنونَ عَلى مقرَبَة مِن منازِلِكُم ومَكاتِبِكُم ودورِ عِبادَتِكُم. أُقضوا عليهِم قبلَ أنّ نصيرَ كلّنا مثلُهُم. مواطِنون في حَديقَة حَيوانات يتفرَّج عَلينا العالَم ونحنُ نتقهقَر مِن رتبَة بشَر إلى رتبَة أورانج أوتان.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة