واستناداً لاعتبارات المجتمع الدولي عموماً والإدارة الأميركية خصوصاً، يرى الكاتب والمحلّل السياسي في واشنطن وسام يافي، أن تأجيل الإستحقاق الإنتخابي النيابي، وبمعزلٍ عن أسبابه التقنية أو السياسية، أو مدته الزمنية القصيرة "مؤشّر سيء عن أداء المؤسسات اللبنانية، كما أنه رسالة إلى المجتمع الدولي، بأن لبنان لا يريد التغيير ويريد الإستمرار في الأداء السياسي الفاشل".
ولا يُخفي المحلّل يافي في حديثٍ ل"ليبانون ديبايت"، بأن لبنان ينتقل اليوم من "منطق الدويلات إلى مبدأ الدولة، حيث من المهم أن يظهر بهذه الصورة أمام الخارج كما أمام الداخل، خصوصاً وأن إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها الدستوري، سوف يساهم في "تنفيس الضغط على الحكومة والجيش، وعلى كل المؤسسات اللبنانية".
ومن ناحية الإلتزام بمعايير الديمقراطية، فإن يافي، يكشف أن عواصم القرار، وبشكلٍ خاص واشنطن، يقاربون الإنتخابات النيابية في لبنان، على أنها "تمرين للديمقراطية، وتأكيد لها، وتكريس للقرار اللبناني بتعزيز دور الدولة على مساحة ال10452 كلم، وبالتمسك بالقانون والأصول الديمقراطية".
أمّا خلاف هذا الأمر، أي عدم إجراء الإستحقاق الإنتخابي النيابي، سوف يدفع، بحسب يافي، نحو "ظهور تمسّك لبنان بالبقاء ضمن منطق الدويلة ورفض الديمقراطية، وذلك بغضّ النظر عن نتائج هذه الإنتخابات والمعادلات السياسية التي سترسمها".
وبالحديث عن اقتراع المغتربين والسجال الداخلي والإنقسام في ساحة النجمة، فيعتبر يافي أنه من الواضح، وبالنظر إلى تراجع عدد اللبنانيين في الإنتشار الذين سجلوا أسماءهم للمشاركة في الإنتخابات المقبلة، وبنسبة خمسين بالمئة عن عدد المسجلين في انتخابات 2022، يبدو واضحاً أنه كان نتيجة توجّه المغتربين للإبقاء على حقهم في الإقتراع ل128 نائباً، وليس لستة نواب فقط وفق القانون الحالي، وإن كان بعض المغتربين يميل إلى انتخاب 6 نواب للإغتراب.
وهنا، يقترح يافي حلاً وسطياً ما بين إلغاء اقتراع المغتربين في أماكن إقامتهم، يقضي بأن تشمل بعض لوائح المرشحين في الدوائر الإنتخابية في لبنان، وبشكل إختياري، أحد المغتربين كمرشحٍ ويتمّ انتخابه من المغتربين، وذلك من أجل تأمين أوسع مشاركة من الإغتراب من جهة، وإلى زيادة حماسة المغتربين للمشاركة في الإنتخابات من جهةٍ أخرى.
وفي السياق، يلحظ يافي أن الفتور لدى المغتربين لجهة المشاركة بالإستحقاق الإنتخابي النيابي، يعود إلى أداء المجلس النيابي، وبسبب رفضهم لعودة الأسماء والوجوه نفسها، وذلك بغض النظر عن أداء بعض التغييريين.
وعن تأثير مشاركة أو تغييب أصوات المغتربين، يقول يافي "إن لم ينتخب المغتربون فإن 3 مقاعد فقط من 128 مقعداً سوف تتأثر"، موضحاً أنه وفق القانون الحالي، سيحصل المغتربون على 6 نواب، بينما اقتراعهم لمرشح مغترب في كل دائرة في لبنان، سيمنح الإغتراب 10 مقاعد نيابية في البرلمان.
ويؤكد يافي، أن مشاركة الإغتراب في الإنتخابات، سيفتح المجال أمام مشهد إنتخابي مختلف، من حيث العناوين والشعارات والإتجاهات الجديدة وغير المسبوقة، لأن أولويات المغترب مختلفة عن أولويات الداخل اللبناني، رغم التقاطع في المواضيع الوطنية.