المحلية

السبت 06 شباط 2021 - 08:49

مفاجأةُ التحقيق في اغتيال سليم

مفاجأةُ التحقيق في اغتيال سليم

ليبانون ديبايت - ميشال نصر

فيما المساعي الحكومية معلّقة على خيط البيان الأميركي - الفرنسي المشترك، والذي قد يكون من المستحيل صرفه عملياً في سوق التشكيل، عاد الأمن إلى الواجهة من جديد، مع "تصفية" أحد أبرز وجوه "شيعة السفارة"، بحسب ما يحلو لهم تصنيفه، بُعَيد زيارة له إلى الجنوب، وسط المراوحة السياسية القاتلة التي أصابت بتداعياتها الأمن الإقتصادي والإجتماعي، ليكتمل المشهد المخيف الذي يُرسَم، مع دخول عامل الإغتيالات السياسية إلى الساحة من جديد.

العملية التي هي الثانية منذ اغتيال جو بجاني، وبعد أحداث طرابلس، التي انبرى المعنيون فوراً، وفي مقدّمتهم "سندباد" الجمهورية، إلى إلباسها لتنظيم "داعش"، تماماً كما تسريبات الجهاز المعني بالتحقيق في جريمة الكحالة، عن وقوف جهة من داخل مخيم عين الحلوة وراء قتل بجاني، طرحت العديد من التساؤلات رغم وقوف كل من الضحيتين على طرفي نقيض.

فإذا كان جو بجاني شخصية عادية، لا مواقف سياسية بارزة لها، أو دور في الثورة أو ارتباط بسفارات، فإن لقمان سليم "جسمه لبّيس" ، من مقاومته الشرسة في وجه محور الممانعة الممتدّ من الضاحية إلى طهران، وصولاً إلى اتهامه بالعمالة للسفارة الأميركية، مروراً بدوره الفاعل في ثورة ١٧ تشرين كأحد المحرّكين للحراك الشيعي على صعيد المجتمع المدني وداخل بيئته.

وسط هذا التعارض خيط واحد يجمع، محاولة البعض التلميح إلى أن بجاني قُتِل على يد مجموعة تحرّكها إسرائيل بعدما اكتشفت تل أبيب خيانته لها، وإطلاق بعض المقاومين العنان لأفكارهم، بأن العدو الصهيوني - الأميركي قرّر التخلّص من سليم ليحقّق بقتله ما عجز عنه بحياته، وما وثائق جريدة "الأخبار" التي نشرت ذات يوم، نقلاً عن ويكيليكس"، إلا خير غطاء للمؤامرة.

في كل الأحوال، وبعيداً عن توجيه الإتهام بإعدام سليم ل"حزب الله" أو غيره من الجهات، في انتظار اكتمال معطيات التحقيق، في منطقة تعجّ بأجهزة الأمن والإستخبارات على أنواعها وبمختلف جنسياتها، ومع انعدام وجود كاميرات مراقبة، وإصرار أهل سليم على عدم تسليم هاتفه للتحقيق اللبناني، بعدما كانوا وجدوه، بمبادرة فردية منهم نتيجة احتياطات يتّخذها المغدور، على بعد 500 متر من المنزل الذي تواجد فيه في نيحا، أي في المكان الذي يُرَجّح أنه خُطِف فيه، والذي يبعد حوالي ٣٦ كلم عن مكان اكتشاف الجثة، يجدر التوقّف
عند مجموعة أمور أبرزها:

- عدد الرصاصات التي أُطلقت على رأسه، وعددها خمس، وذلك إن دلّ على شيء فإما عن حقد، أو خوف، أو توجيه رسالة لزرع الرعب عند الآخرين.

- بالتأكيد كان سليم موضع مراقبة ومتابعة عن قرب، استطاعت أن تنفذ من الثغرات رغم الإجراءات الأمنية الشخصية التي اتّخذها سليم، ومنها استخدام سيارات مستأجرة. وهو ما كشف عنه شهود عن وجود سيارتين غريبتين تواجدتا تباعاً في نيحا، بُعَيد وصول سليم إلى أحد منازلها، إحداها رباعية الدفع.

- الراحة التي ميّزت تحرك الجناة لجهة خطفه، ورمي هاتفه بعيداً عن مكان وجود جثته، وفي ذلك أكثر من دلالة، خلافاً لكل الجرائم المرتكبة سابقاً.

-عدم وجود علامات صدم على السيارة التي كان يستقلّها، ما يعني أن أي مطاردة لم تحصل، أي عمليا صعود الجناة على متن السيارة بطريقة عادية. وهنا، رجّحت المعلومات، أن يكون عدد القتلة ٤ أشخاص، موزّعين على سيارتين.

- عملية الخطف تمّت بعد دقائق من مغادرته منزل أصدقائه، أي بين الساعة الثامنة والربع والثامنة والنصف، ليتعرّف أحد الشهود على السيارة عند الحادية عشر مساءً. واللافت أن القتلة يعرفون المنطقة جيداً وكافة مسالكها وطرقها الفرعية، متحاشين المرور عبر مناطق فيها كاميرات مراقبة.

أما الأمر الآخر، فهو عدم توصّل المتابعة التقنية لداتا الإتصالات إلى أي نتيجة، ما يعني أنه لم يتمّ استعمال أي آلية تواصل عبر الهواتف الخليوية، وهذه الأمور تدلّ عن حرفية ودقّة. بالتأكيد، ثمة من سيخرج للقول بأنه ضمانة للوصول إلى الحقيقة كان تكليف شعبة المعلومات بالتحقيق، نظراً لموقع الشعبة السياسي، غير أن ذلك التحليل خارج السياق والواقع، وهنا، تكفي الإشارة إلى ما يردّده دائماً الوزيران نهاد المشنوق وأشرف ريفي، عن نتائج تحقيقات في جرائم أساسية توصّلت الشعبة إلى كشفها، لكنها بقيت قيد الكتمان نتيجة القرار السياسي وضغط الأمر الواقع.

"كتار قلال، يكون مِش هَمّ، منكمِّل بلّلي بقيوا"، يردّد الشاطر حسن. فالسلسلة التي بدأت مع جو ستُكمل بعد لقمان، لتتّضح شيئاً فشيئاً خارطة الأهداف والغايات. وكما قال منسّق الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت يان كوبيتش مغرّداً، يردّد اللبنانيون، آملين أن لا يكون مصير هذا التحقيق كمن سبقه، رغم قناعة الجميع، بأن شيئاً لن يتغيّر أو يتبدّل.... "فعادة أهل البيت قتل القتيل والسير بجنازته".....

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة