المحلية

الأربعاء 10 شباط 2021 - 04:00

إتفاق "مار مخايل"... إكرام الميّت دفنه

إتفاق "مار مخايل"... إكرام الميّت دفنه

"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

بعد مرور خمسة عشر عاماً على ولادة اتفاق "مار مخايل"، أيقن الطرفان "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر" أن الإتفاق هذا بات بحاجة إلى عملية تطوير، أو إعادة بناء تتماشى مع طبيعة الظروف الحالية. لكن المُلفت بهذا الإعتراف، أنه جاء على طريقة "نَشر الغسيل"، وكأن كل فريق أراد أن يغسل يده من "تسوية" قامت منذ البداية على سياسة المصالح المتبادَلة، إلى أن وصلت اليوم إلى نقطة أصبحت الخسائر فيها تفوق ما حقّقته من أرباح طيلة السنوات الماضية.

في السادس من شباط العام 2006، وُضعت العلاقة بين "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر" على سكّة جديدة بنتها مصالح متبادَلة لم تحترم صدقيّة وقداسة المكان التي وُقّعَت فيه "الوثيقة"، وهذا ما تؤكده حقيقة الخلافات القائمة اليوم بين الطرفين، وتحديداً من بوابة الحكومة، حيث تتعارض مواقفهما ومطالبهما مع التعهّدات التي انطلقا منها في ذاك التاريخ، حيث الولاء اليوم للمصالح السياسية ـ الشخصية والحزبية فقط.

قبل العقوبات الأميركية على رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بفترة زمنية غير طويلة نوعاً ما، لم تكن الإشكالية بينه وبين "حزب الله" كما أصبحت عليه خلال فترة التلميحات حول ضمّه إلى لائحة وزارة الخزانة الأميركية، والتي تخلّلها "إطلاق نار" مُباشر على سلاح "المقاومة"، خصوصاً بعدما شعر "التيّار" بأن سبب استهدافه هو علاقته مع "الحزب" الذي لم يقف، بحسب أوساط مطّلعة، عند خاطر باسيل وتعويضه لا بموقف حكومي ولا بدعم يُرضي طموحه السياسي.

مصادر بارزة في "التيار الوطني الحر"، تعتبر أن "البُرتقالي" ظُلم من خلال علاقته مع "حزب الله"، على الرغم من تأكيدها أن العلاقة هذه ثبّتت في مرحلة محدّدة الإستقرارين السياسي والأمني في لبنان، لكنها في مراحل عدة كانت على حساب الدولة ومؤسّساتها بحيث لم يستطع "الحزب" مُجاراتنا في بناء الدولة ومُحاربة الفساد لأسباب تتعلّق ببنية الطائفة الشيعية، ونظراً لعدم وجود رغبة لديه للوقوف بوجه حليفه الشيعي حركة "أمل". وأيضاً ينحسب الأمر على المعابر غير الشرعية التي يعتبر "حزب الله" أن جزءً منها يتعلّق بمدّ "المقاومة" بالسلاح.

من وجهة نظر أخرى، ترى مصادر مقربة من "حزب الله"، أن وصول "التيّار الوطني الحر" بعد خمسة عشرة عاماً إلى قناعة بأن التفاهم مع "الحزب" لم ينجح في "مشروع بناء الدولة، فهذا يدل على أن ثمّة مشكلة لدى "التيّار" خصوصاً وأن "حزب الله" سلّف "العهد" وباسيل الكثير من المواقف وكان رأس حربة في وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.

وتابعت المصادر نفسها، أن السؤال الذي يجب طرحه على باسيل في هذا الوقت، ما الذي تغيّر اليوم عن الأعوام الماضية لكي يُصار إلى استهداف هذه العلاقة ومحاولة غسل اليدين منها، فهل هي الوعود الأميركية، أم أن هناك لعبة ضغط سياسية يُمارسها باسيل ضد "الحزب" لسحب موافقة منه بالوقوف إلى جانبه في معركته الرئاسية التي يُحضّر لها على أكثر من جبهة؟.

سياسي بارز يُشبّه اتفاق "مار مخايل" بـ"زواج المتعة" الذي ينتهي عندما تنتهي المُهلة المُحدّدة بين الطرفين، علماً أن الجهتين استفادتا من هذا "الزواج"، إذ أصبح لعون يومها حليفاً شيعياً تماشى معه في "شَيطَنة" الطائفة السنيّة وأوصله إلى رئاسة الجمهورية، ومن جهة "حزب الله" فقد تمكّن من ضرب الصفّ المسيحي وضرب حالة "14 أذار"، بالإضافة إلى حصوله على جواز عابر للطوائف تمكّن من استخدامه في الخارج والداخل.

في المحصّلة، فمن خلال جردة حسابية سريعة، يتبيّن أن العلاقة بين "الأصفر" و"البرتقالي" قد وصلت اليوم إلى طريق مسدود، أو ربما وُضعت في الثلاّجة مؤقتاً بانتظار الوقت الملائم لإعلان موتها. لكن، بما أن الإتفاق حمل إسم "مار مخايل" نظراً للمكان الذي وُقّع فيه، وبما أن أحد أطرافه هو حزب ديني وعقائدي، فإن الشرع الإسلامي والمسيحي يؤكد أن "إكرام الميّت دفنه".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة