اعتادت إيران انتهاك الاتفاق النووي المبرم عام 2015، إلا أن آخر ما قامت به يحمل حساسية كبيرة، نظرا لأنه قد يمهد لإنتاج أسلحة نووية في منطقة الشرق الأوسط المضطربة بالفعل.
وفي بيان لها، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها "تأكدت من وجود 3,6 غرامات من معدن اليورانيوم في مصنع أصفهان للأبحاث النووية في وسط إيران".
ومنذ شهر، أعلنت إيران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة، وهو مستوى أعلى بكثير من معدل 3,67 المنصوص عليه في الاتفاق.
ويعد الانتهاك الأخير بمثابة نكسة جديدة للاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عام 2018، معيدا فرض عقوبات على إيران, وردا على الانسحاب، أعلنت طهران أنها ستتحرر من تعهدات الاتفاق.
ويثير التحرر الأخير تساؤلا بشأن ما سيحدث بعد حيازة إيران أسلحة نووية.
ويقول جوردان ستيكلر، الباحث بمنظمة "متحدون ضد إيران النووية"، "لا تريد إيران بالضرورة حيازة سلاح نووي، الأمر الذي قد يستدعي معارضة المجتمع الدولي وعقوبات قاسية وهجوما محتملا لثنيها عن ذلك".
وفي حديث لموقع "الحرة"، رجح ستيكلر أن "تسعى إيران إلى حيازة أسلحة نووية، لأن هذا السعي سيوفر لها إمكانية التطوير وبالتالي الإنتاج في الوقت الذي تختاره، الأمر الذي من شأنه أن يمنحها نفس فوائد حيازة سلاح نووي.
ونص الاتفاق النووي على أن تمتنع طهران لمدة 15 عاما عن إنتاج أو اقتناء فلزات البلوتونيوم أو اليورانيوم أو سبائكهما، وعن إجراء أنشطة بحث وتطوير تعدين البلوتونيوم أو اليورانيوم (أو سبائكهما)، أو صب فلزات البلوتونيوم أو اليورانيوم أو تشكيلها أو صنعها آليا.
تنفي إيران سعيها لحيازة أسلحة نووية، وتقول إنها لا تريد استخدام الطاقة النووية سوى للأغراض السلمية لكنها في نفس الوقت تسرع من وتيرة انتهاك القيود المفروضة على أنشطتها النووية، بموجب الاتفاق.
وعن الأسباب وراء ذلك يقول ستيكلر إن جوهر سياسة إيران الخارجية يهدف إلى إخراج الولايات المتحدة من المنطقة مقابل توسيع نفوذها.
وأضاف "منذ الثورة الإسلامية عام 1979، تبنت طهران وجهة نظر تآمرية حول دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهي مقتنعة بأنه بصرف النظر عمن يحكم البيت الأبيض، فإن واشنطن عازمة على تغيير النظام الإيراني".
وتابع "بالتالي، فإن سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية هو نتيجة حسابات استراتيجية، تجبرها على السعي وراء رادع قابل للتطبيق ضد مجموعة التهديدات التي تشعر أنها تنحاز ضدها".
وفيما يتعلق بهذه التهديدات، أشار ستيكلر إلى وضع إيران الأمني "غير المستقر"، قائلا: "الولايات المتحدة هي القوة الإقليمية المهيمنة وأقوى دول المنطقة متحالفة معها. كما أن إيران محاطة بقواعد وأصول عسكرية أميركية. وينظر النظام هناك إلى أن حيازة تكنولوجيا الأسلحة النووية تضمن صد الجهود الخارجية للإطاحة به".
ويعتقد ستيكلر أن قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية سيغير ميزان القوى في المنطقة، ويمنح طهران يدا طويلة لمتابعة هدفها المتمثل في طرد النفوذ الأميركي، بحسب ما يقوله.
وأضاف "سيحصل حزب الله وغيره من الميليشيات الشيعية الموالية لطهران على حماية مظلة نووية إيرانية"، مما يزيد من التهديد الإرهابي للولايات المتحدة وإسرائيل والحلفاء الإقليميين الآخرين.
ويأتي على رأس الحلفاء الإقليميين "دول مجلس التعاون الخليجي التي تشكلت كثقل موازن لقوة إيران الإقليمية، وتعتمد على التعاون الأمني مع الولايات المتحدة".
وفي حالة حيازة طهران للسلاح النووي أو سعيها لذلك، يرجح ستيكلر أن تسعى السعودية والإمارات إلى تطوير أو شراء أسلحة نووية وتكنولوجيا صواريخ باليستية خاصة بهما للتخفيف من التهديد الإيراني، مما قد يؤدي إلى اندلاع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط المضطرب بالفعل".
وترغب السعودية في توسيع برنامجها النووي الوليد ليشمل في نهاية المطاف تخصيب اليورانيوم.
وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قال، عام 2018، إن المملكة ستطور أسلحة نووية إذا أقدمت إيران على ذلك. ولم تبدأ الرياض بعد تشغيل أول مفاعل نووي لديها.
وفي أيلول الماضي، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا صينيا سريا يفيد بأن السعودية "قد تمتلك من خام اليورانيوم ما يكفي" لإنتاج وقود نووي.
وأعد هذا التقرير جيولوجيون صينيون، كانوا يسعون لمساعدة الرياض على تحديد احتياطياتها من اليورانيوم كجزء من اتفاقية التعاون في مجال الطاقة النووية.
وفي هذا الإطار يقول مسعود الفك، الخبير في الشأن الإيراني، إن حيازة إيران أسلحة نووية "ستؤدي إلى خلل عميق في التوازن الاستراتيجي بينها وبين الدول العربية".
وفي حديث لموقع "الحرة"، قال الفك: "السلاح النووي الإيراني لن يشكل خطرا كبيرا على الدول التي تمتلك رادعا نوويا مثل دول أوروبية والولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا أو حتى جارة إيران الشرقية باكستان أو تركيا التي يحميها الرادع النووي بحلف شمال الأطلسي (الناتو)".
وتابع "العرب وحدهم سيكونون على رأس قائمة الخاسرين، وسيصبح أمنهم القومي تحت رحمة إيران، وبذلك ستأخذ عملية بسط نفوذ إيران في العالم العربي وتيرة متسارعة".
قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2018 إن "المملكة ستطور أسلحة نووية إذا أقدمت إيران على ذلك, صحيفة تنقل عن "وثائق سرية": السعودية قد تنتج وقودا نوويا بفضل احتياطاتها من اليورانيوم".
كشفت وثائق سرية أن "السعودية ربما تمتلك احتياطيات كافية من خام اليورانيوم المستخرج من أراضيها، الأمر الذي قد يمهد الطريق لإنتاجها المحلي من الوقود النووي.
رفع أسعار النفط, في كانون الاول 2019.
وذكر تقرير لوكالة مخابرات الدفاع الأميركية أن "إيران تعتمد على ثلاث قدرات عسكرية رئيسية وهي برنامج الصواريخ البالستية، والقوات البحرية التي يمكن أن تهدد الملاحة في منطقة الخليج المنتجة للنفط، ووكلاؤها من الجماعات المسلحة في دول مثل سوريا والعراق ولبنان".
وفي حال حازتها أو تطويرها أسلحة إيران، يرى ستيكلر أن "إيران ستستغل ذلك من أجل كسب نفوذ اقتصادي كبير عبر تهديد ممرات الملاحة، سواء النفطية أو غير النفطية، وتعطل حركة الشحن عبر مضيق هرمز، الشريان الذي يمر من خلاله خُمس إنتاج النفط العالمي، إلى جانب مضيق باب المندب".
وقد يدفع أي توقف للإمدادات النفطية أسعار الخام للارتفاع الحاد, ويقول ستيكلر: "عبر التهديد فقط بتقييد الوصول إلى الإمدادات، يمكن لإيران أن تتسبب في ارتفاع كبير في أسعار النفط والغاز في جميع أنحاء العالم".
وأضاف "ستكون خيارات البحرية الأميركية في الرد على الاستفزازات الإيرانية محدودة بسبب الورقة النووية الرابحة".
وفي السيناريو الافتراضي لحيازتها أسلحة نووية، يؤكد ستيكلر أن "تنتهي العزلة الاستراتيجية والاقتصادية لإيران، مما يمكنها من بناء شبكة من الحلفاء مع تحييد خصومها الإقليميين".
وفي نفس السياق، أشار إلى أن "النظام الإيراني سيكون لديه مساحة أكبر لعدم الانصياع للقانون وزعزعة الاستقرار بالمنطقة أكثر مما هو عليه بالفعل، ولذلك شدد الباحث بمنظمة "متحدون ضد إيران النووية" على ضرورة أن يتحد المجتمع الدولي لمنع إيران من الحصول على قدرة أسلحة نووية".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News