المحلية

الأربعاء 24 شباط 2021 - 02:30

السفارة الروسية في لبنان خارج الخدمة!

السفارة الروسية في لبنان خارج الخدمة!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

حسناً إذاً، روسيا تريد سعد الحريري رئيساً للحكومة، أقلّه، هذا ما يفصح عنه الديبلوماسي "المَعصوم"، ميخائيل بوغدانوف، الذي أضافَ مؤخراً إلى قائمة ألقابه لقباً مستحدثاً: "الأب الروحي لحلفاء واشنطن في بيروت"، طبعاً بعدما أصبح هؤلاء أيتاماً، بالمعنى السياسي.

النقاش هنا يجب أن يبدأ بالسؤال التالي: هل تدري موسكو أن نائب وزير خارجيتها لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا وما بينهما، يتدخّل في عمق تفاصيل داخلية وقضايا لبنانية من نوعٍ خاص، على شكل إقحام النفس في مسألة تشكيل الحكومة، ويتّخذه البعض عنواناً لتوجيه الرسائل والضغط على أطراف معينة في الداخل؟ على الأرجح هي تعلم، بمقدار علمها أن ذلك يُخالف معاييرها وقواعدها السياسية، المُعلَن عنها والمعمول بها، منذ زهاء 30 عاماً على المستوى اللبناني، والتي عادةً ما يتولى السفير، أي سفير، إبلاغها إلى المَعشَر السياسي عند كل صباح. ومع ذلك، لا تُحرِّك ساكناً، الّلهم إلا إذا أجرت تعديلاً من دون أن تفصح عن ذلك لشركائها المفترضين داخلياً.

الأسوأ من ذلك، أن سفارتها الكائنة في منطقة "المصيطبة" حيث معقل الحزب التقدمي الإشتراكي "بيروتياً"، تحوّلت، وبنتيجة ما تقدّم وعلى نحو ما يحصل، إلى لزوم ما لا يلزم. فمثلاً، يجد نخبة المستشارين والمبعوثين، من الرسميين وغيرهم، أن الطريق الأقصر إلى الكرملين يمرّ عبر موسكو، لا سفارتها الواقعة على مرمى حجر، وهذا يدعو إلى القلق ثم الريبة من مستوى التجاهل ومنسوب التقليل من القيمة السفير والسفارة على نحو ما نشهد. بل أن ما يصنّف أكثر ضمن دائرة السوء، أن السفير "حديث العهد" ينكبّ، ومنذ فترة تولّيه منصبه، على تسيير شؤون السفارة وتلبية مواعيد من هنا وهناك، وقد انقرض عن جدول أعماله، أي ذكر لموقف سياسي روسي "ذات قيمة"، تماماً كإتخاذه مسافة فاصلة عن وسائل الإعلام. ويُقال في هذا الصدد، أن ثمة أمراً روسياً بكفّ يد السفير عن وسائل الإعلام، كمبرّر على الأرجح لهذا الصوم الطويل الذي يناقض مستوى الحضور الذي تولى تقديمه سابقاً السفير المتقاعد ألكسندر زاسبكين.

على العموم، وبصرف النظر عن كل شيء، لا بد من التساؤل عن سرّ هذا العشق الروسي الذي يعبّر عنه بوغدانوف على الدوام وعلى الملأ، لرئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، المتهم روسياً بالإخلال بالوعود السياسية والتنفيذية عندما كان رئيساً إصيلاً للحكومة، والذي حُرم مرةّ من زيارة موسكو كعقابٍ له على أغراقها في "منّ وسلوى" وعود إقرار معاهدة التعاون العسكري والتقني بينها وبين لبنان ذات ربيع، ثم حاد عن ذلك نزولاً عند رغبة الأميركي الذي بعث إليه برسالة شفهية عاجلة!

بوغدانوف يعلم بهذه الواقعة جيداً، وأن الحريري يشتغل بما يخالف المصالح الروسية في لبنان، وإلى جانبه الكرملين ومجلس الدوما وكل مستويات القرار في روسيا، ومع ذلك يخرج وكيل وزير الخارجية بعناوين عريضة، من قبيل التشديد على ترؤس الحريري للحكومة، ورمي تهمة تعطيل التأليف على خصوم الحريري ـ حلفاء روسيا المفترضين في الداخل، ثم يتقمّط بعد ذلك لبوس النصح، ليمرّر عبر السفير اللبناني في موسكو (لا السفارة في بيروت)، رسائل إلى المَعشر السياسي اللبناني، من النوع "العاجل والحازم" يدعوهم فيها إلى الكفّ عن لغة التعطيل المستمرة للتأليف، ما يسمح هنا لذاك السفير من أن يجود بما لَذّ وطاب من تفسيرات، من خلفيته السياسية طبعاً، ناقلاً الرسائل على شكل إدانة موسكو، لتصرّفات جبران باسيل المصوّر على شكل "بابا ياجا" (أسطورة روسية) الكائن ذو الأسنان المعدنيّة الذي يعيش في غابة ويتغذى على الأطفال، وثلثه المعطّل الذي أصبحَ شأناً ذات قيمة رفيعة ويحتاج، في سبيل تبديده، إلى موقف عالي الشأن من موسكو!

ومسألة تحريف التصريحات الواردة من موسكو لم تعد شأناً عابراً، مثلها مثل الوعود التي يتولّى بوغدانوف وأنسابه الكَيل بها، وهنا لا بد من التذكير بالوعد الذي وُرّطَ به مستشار رئيس الجمهورية، أمل أبو زيد، حيال استعداد موسكو ـ كما أبلغ بوغدانوف - لتزويد لبنان بلقاحات "سبوتنيك V" مجاناً وعلى سبيل التقدمة، فما كان من الأخير إلا أن أسرع لإبلاغ أصحاب الشأن في بيروت نتيجة لقاءاته، قبل أن يبدّدها السفير الروسي في بيروت، ما جعل من أبو زيد "كتلة من الخجل" يلاطِم مختلف وسائل الإعلام كي يجد سبيلاً إلى تبرير موقفه!

لقد ارتدّ موقف بوغدانوف وغيره، على الحلفاء والأصدقاء، و"سوء الفهم" يتعاظم لدى الكتلة السياسية المفترض أنها قريبة من موسكو، إذ باتت تقرأ مواقف الأخيرة بالمقلوب. فما يَرِد عبر الأطر الرسمية، يختلف كلياً عمّا يحضر في وسائل الإعلام، أو يجري قذفه "من فوق" على شكل مواقف من مسؤولين روس، ما بات يولّد "نَقزة" لدى عموم "أصدقاء" روسيا في لبنان، سيّما ما له صلة بتضارب المواقف وعدم استقرارها عند رأي واضح، بل الأسوأ، تجريد "سفارة المصيطبة" من مكانتها أو وضعيتها الدبلوماسية ـ السياسية لصالح تسيير شؤون المبعوثين من أصحاب المصالح الشخصية وتغنيجهم على ما عداهم.

الآن، مطلوب من روسيا أن تبرّر موقفها، خاصة في ظل الرسالة التي تردها ممّن هم أصدقاء لها في لبنان.

مطلوب من موسكو، بكل محبة، التبرير إلى رئاسة الجمهورية و"التيار الوطني الحر" والآخرين، موقفها من تعظيم شأن سعد الحريري، الحائز على تسمية 5% فقط من النواب المسيحيين، مقابل توهين غيره، تحت شعار حماية المسيحيين!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة