"ليبانون ديبايت" - غسان جرمانوس
ينتظر كثير من اللبنانيين هذا الموسم بفارغ الصبر، يتهيؤون نفسياً ويُحضّرون لوائح طلباتهم من مرشّحيهم وزعمائهم، هي دائماً طلبات للإستفادة الشخصيّة في هذه المناسبة الذهبيّة التي تأتي مرّة كل 4 سنوات او ربما أكثر.
"موسم انتخابي"، هو مصطلح موجود فقط في لبنان، بإعتبار ان الموسم هو مخصص للفواكه والخضراوات، وهو وقت محدد في السنة يقطف الفلاح زرعه ويبيعه ويقبض المال ويؤمّن مصاريفه واحتياجاته السنوية.
بالنسبة لكثير من اللبنانيين، الانتخابات هي أيضاً موسم، لقطف بعض الدولارات من المرشّح، للحصول على وظيفة عامة، لإخراج احد المساجين بالواسطة، او لبناء طابق او لحفر بير ارتوازي دون رخصة وغيره من الامور التي لها علاقة بإستغلال الاموال العامة ومخالفة القوانين. الكل يشارك في هذه الحفلة الجنونيّة دون هوادة او تردّد او شعور بالذنب، فالكل يظن ان الدولة هي البقرة، ومن واجباتنا حلبها واستغلالها لتحقيق نجاحاتنا الشخصيّة، وما هي هذه النجاحات؟ سيارة جديدة ومنزل ملبّس حجر وكل مستلزمات التشبيح السخيف للشعور اننا اصبحنا أناس ذات شأن.
هكذا نحن، ننظف البيت ونجمع القمّامة من داخل منزلنا الجميل "المهفهف"، لنرمي الكيس على جانب الطريق الوسخة المليئة بأكياس اخرى.. بالنسبة لنا، كل ما هو خارج ملكنا الخاص المسجّل لا يعنينا.
البرامج الانتخابية ونظافة كف المرشّح وكفائته... ما هذا الهراء؟ المهم هو القطاف والاستفادة من هذا الموسم وإستعمال "الحربقة" لهذه الغاية.
شاطئ وطرقات نظيفة، هواء نقي، نظام، احترام اشارات، بنى تحتيّة، معامل طاقة، اقتصاد منتج... كلّها امور لا تعنينا لا من قريب ولا من بعيد!
مصطلح الموسم الانتخابي جعلنا نوصل اللص، والمرابي، والمتخلّف الذي يملك بعض الدراهم، نعم نحن اوصلناه ونحن شركاء بالجريمة بالتكافل والتضامن.
امّا اللص الذي نوصله، هو ايضا يعتبر المدّة التي يقضيها في الحكم موسم، فيمعن في الصفقات والمحاصصة وجمع الثروات...
ببساطة هذه العقليّة اودت الى انهيار الدولة والاقتصاد.
اليوم، انهار الدخل الفردي ومعه الليرة والاقتصاد، لا كهرباء، لا فرص عمل، الشواطىء والهواء وسخة... ولا يجود اي افق حل بل بالعكس، نحن ذاهبون الى ما هو أسوأ فليقول لي "الحربوق" اللبناني ماذا سيفعل الآن!
لقد علقنا كشعب، بجميع طوائفه، في قفص الفقر والبؤس، وأطمئنكم اننا لن نخرج منه قريباً.
عندما كنت صغيراً، قال لي والدي مرّة انّ كل خطأ ترتكبه في حياتك او كل تقصير تتعمّده.. سيأتي يوم وتدفع ثمنه! وبالفعل هكذا كان يحصل معي في مراحل حياتي المهنيّة والشخصيّة.
انتهت مواسم "القطاف" يا اخواني، مواسم السرقات والاحتيال ومخالفة القوانين، وجاء موسم الحساب، موسم دفع ثمن أخطائنا وقلّة وطنيّتنا وجهلنا لأهميّة الثروة المشتركة والمصلحة العامة التي فرّطنا بها الى اقصى الحدود!
في هذا الموسم، سنخسر كل شيء، بما فيه احلامنا ومستقبلنا، لكننا نستحق ذلك... نعم، عندما نعيد النظر بما فعلناه، سنفهم اننا نستحق ان نكون أسوأ وافقر واوسخ وافسد دولة في العالم... وبجدارة.
علّنا نتعّظ ونفهم انّ الاوطان لا تُبنى بالإحتيال والتفنيص.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News