رأى الرئيس فؤاد السنيورة في حوار عن التطورات الراهنة، أن "مبادرة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بتحييد لبنان، ليست دعوة إلى التدويل، بل فكرة طرحها لعقد مؤتمر من أجل لبنان".
في حديثٍ له عبر "سكاي نيوز عربية"، قال السنيورة: "الأجدر بنا حل مشاكنا بين بعضنا البعض والإستغناء عن مثل هذا المؤتمر، وعلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري أن يقتنعا بأن ليس هناك من خيار ثالث، فإما أن تتألف حكومة يتم فيها إرضاء اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي أو أن تتألف كما يطالب بها عدد من السياسيين".
وعن زيارته للبطريرك الراعي مع وفد من لقاء الأزهر منذ يومين مؤيداً للمبادرة، لفت السنيورة إلى أن "هذه الزيارة الثانية لهذه المجموعة لغبطة البطريرك، إذ كانت الزيارة الأولى في التاسع من تموز الماضي في العام 2020 لتأييد البطريرك عندما أطلق مبادرته من أجل تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية، وهذه المرة جئناه أيضا لنشد على يده ونقف الى جانبه بشأن تحييد لبنان والعمل من أجل إنقاذه، ولنؤكد له أن حماية لبنان تكون بحماية وثيقة وفاقه الوطني، ودستوره وبالحفاظ على نظامه الديمقراطي البرلماني، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بسيادته ودولته، وأن هذه هي ثلاثية خلاصنا الوطني لمن يريد الخلاص".
وعن المبادرة الفرنسية وإمكانية عقد مؤتمر دولي لمناقشة حياد لبنان وإنقاذ صيغته؟ قال: "يجب أن ننظر الى الأمور من زاوية ما، العمل الذي يجب أن يتم من أجل إنقاذ لبنان، لا سيما بسبب استمرار حال الاستعصاء الذي يعاني منه اللبنانيون ويعاني منه لبنان بسبب عدم التمكن من تأليف الحكومة الجديدة على الأسس التي طالب بها اللبنانيون بداية وعمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على صياغة فكرة حكومة المهمة الإنقاذية، بعد أن إستمع إلى اللبنانيين، وايضاً إلى الممثلين الحزبيين، وبالتالي، فقد طرح الرئيس ماكرون أن تتألف حكومة إنقاذية من مجموعة من الاختصاصيين غير الحزبيين والمستقلين الذين بإمكانهم ان يؤلفوا فريق عمل متجانس ومتضامن من أجل إنقاذ لبنان".
وأضاف، "الحقيقة أن هذا الطرح أيده السياسيون اللبنانيون بإستثناء محمد رعد من حزب الله الذي قال إننا نوافق على 90% مما قاله الرئيس ماكرون، وبالتالي بادر الرئيس ماكرون إلى سؤال محمد رعد: وما هي الـ10% الباقية. قال رعد: نحن لا نوافق على الدعوة لانتخابات نيابية مسرعة ولا إلى تعديل قانون الإنتخاب، وقال له الرئيس ماكرون: إذا أنت توافق على كل الطروحات الأخرى. قال له: نعم. المشكلة أنه، وبعد ذلك، تنكر معظم السياسيين لتلك الطروحات، لا سيما رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحزب الله. هم تنكروا لما كانوا قد وافقوا عليه. والحقيقة أن هذا الطرح هو الطرح الوحيد الذي يمكن أن يحظى بثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي".
وتابع السنيورة، "الفكرة الأساسية بشأن ما طرحه غبطة البطريرك أنه ليس دعوة للتدويل، هو فقط فكرة من أجل أن يعقد مؤتمر من أجل لبنان، أليس الأجدر بنا ألا نذهب إلى حضور مثل هذا المؤتمر إذا كنا نستطيع أن نحل مشكلاتنا بين بعضنا بعضا. أي أننا نعمل من أجل إخراج لبنان من هذا المأزق الكبير".
وعن السبب في انهيار الليرة بشكل سريع في اليومين الأخيرين، قال: "لا شك أن علينا أن نسلط الضوء فعليا على جوهر المشكلة، جوهر المشكلة هو في الانهيار في الثقة. إذ أنه عندما تنهار الثقة يسارع الناس إلى محاولة التفتيش عن حلول لمشكلة انهيار الثقة بالدولة وبرئيس الجمهورية والحكومة والسياسيين، وكذلك بالعملة اللبنانية وهو ما يؤدي إلى انهيار العملة، المشكلة أن اللبنانيين عندما يقومون بذلك، فإنهم يسهمون بتهافتهم على تفاقم المشكلة، من دون أدنى شك أن هناك مشكلة مالية ونقدية وانهيارا في الثقة، والتي تؤدي الحال النفسية (الدولار النفسي) إلى مزيد من الانهيار".
وعن كيفية اعادة الثقة، قال: "لا يوجد شيء اسمه حلول سحرية، ولا هناك إمكانية في التحول الفجائي من الظلام الدامس إلى الضياء الكامل. هناك مسار، وذلك يبدأ بأن يضع لبنان نفسه على المسارات الصحيحة، أن تكون بوصلته صحيحة. وذلك بداية بأن تتألف حكومة من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين الذين يستطيعوا أن يؤلفوا فيما بينهم فريق عمل متجانس. وأن يضعوا البيان الوزاري الذي يجب أن يحدد الأشياء التي بإمكانها أن تسهم في إنقاذ لبنان وتستطيع أن تحظى بثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي الذي يريد أن يساعد لبنان. الناس تريد أن ترى أن هناك تقدما يحصل سنتمتر وراء سنتمتر، وان لبنان بعمله هذا يستحق التقدم التدريجي على هذا المسار".
وعن المعرقل، أكّد السنيورة: لدى لبنان خياران على رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف أن يقتنعا بأن ليس هناك من خيار ثالث، إما أن تتألف حكومة يتم فيها إرضاء اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي اللذين يريدان مساعدة لبنان أو أن تتألف الحكومة كما يطالب عدد من السياسيين، لا سيما التيار الوطني الحر وحزب الله، أي أن تتألف حكومة من السياسيين الذين يريدون أن يتقاسموا السلطة في ما بينهم".
وتابع، "هذه الحكومة يمكن أن تتألف لكنها ستولد ميتة ولا تستطيع أن تقدم شيئا على الإطلاق للبنانيين، وهناك طرفان يقفان وراء هذا الاستعصاء ويمنعان تأليف الحكومة: الطرف الأول، وهو رئيس الجمهورية ومن خلفه الطرف الثاني الذي هو حزب الله. رئيس الجمهورية همه وكما يبدو حتى الآن ليس مجرد أنه يريد حكومة، أنه يريد حكومة تستطيع أن تلبي رغبته في الإمساك بالسلطة وتلبي طموح صهره، وعينهما الآن هي على الانتخابات الرئاسية القادمة ومن سيتولى رئاسة الجمهورية، وأن رئيس الجمهورية يحاول إنقاذ صهره من المستنقع الذي أصبح فيه بعد إعلان العقوبات الأميركية عليه".
أما بالنسبة لحزب الله، قال: "فهو يتلطى وراء رئيس الجمهورية ولا يريد تأليف حكومة الآن. لماذا؟ لأنه يريد أن يحتفظ بهذه الرهينة الذي هو الشعب اللبناني ولبنان، وذلك لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية كي تضمهما إيران إلى الرهائن الأخرى التي تحاول الاحتفاظ بها إن كان ذلك في العراق أم في سوريا أم في اليمن وبالتالي من أجل تحسين أو تعزيز القدرة التفاوضية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في مفاوضاتها المرتقبة مع الولايات المتحدة. هذا هو جوهر المشكلة التي يعاني منها لبنان، لبنان أصبح رهينة".
ولدى سؤاله "أنت تحبذ أن يقدم سعد الحريري إستقالته"، أجاب: "لا اعتقد أن إعتذار الحريري أمر مفيد، لنكن واضحين، إذا قدم سعد الحريري اعتذاره، فإن السؤال: من سيستطيع عندها أن يؤلف الحكومة؟ وهل ستتألف؟ لقد قلت لك أن الخيارين أصبحا واضحين، وبالتالي لا تذاكي على الناس بعد الآن. هناك خياران على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أن يختار واحدا منهما. ان كان الاختيار أن تتألف حكومة لا ترضي اللبنانيين ولا ترضي المجتمعين العربي والدولي، فإن ذلك هو إعلان كامل عن الانهيار الكامل والارتطام الكبير للبنان، وهذا هو جوهر المشكلة".
وردا على سؤال قال: "من ضد رئيس الجمهورية في التحقيق الجنائي واسترداد الاموال المنهوبة؟ قبل خمسة عشر عاما قدمت حكومتي التي كنت ارأسها مشروع قانون أرسل الى مجلس النواب والقاضي بإخضاع جميع مؤسسات وادارات الدولة ووزراتها وكل ما يتعلق بالمال العام ليصار الى التدقيق به وبشكل دائم، إضافة إلى عمل ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، أي إخضاع كل ما له علاقة بالمال العام من أجل أن تدقق فيه شركات تدقيق دولية، وذلك لاستعادة الثقة بالمالية العامة. هذا القانون الذي يطالب به رئيس الجمهورية الآن كان موجودا منذ خمسة عشر سنة في مجلس النواب. لماذا لا يطبق هذا القانون. لا أحد ضد ما يسمى التدقيق الجنائي. لم يعد من المجدي الاستمرار في إيجاد تبريرات عبثية من هنا أو من هناك".
وعن سؤال آخر، قال السنيورة: "المؤسف أن هذا الاستعصاء لدى رئيس الجمهورية غير مفيد لا للبنان ولا له. هو قد أبلغ المجتمعين في القصر الجمهوري الاثنين الماضي بأنه عنيد، ولا يغير رأيه. هذا العناد لا يؤدي إلا إلى تدمير البلد. العماد عون فعاليا استعصى في القصر الجمهوري في العام 1989، وأصر على البقاء هناك. وهو فعليا في العام 1989، اضطر الى الخروج من القصر الجمهوري رغما عن أنفه".
وأضاف، "هذا الامر لا يعالج هكذا. في الحقيقة، رئيس الجمهورية يجب أن يكون للجميع. عليه ان يتصرف هكذا من اجل اخراج البلد من هذه المآزق المتكاثرة عليه. عليه أن يتبصر بشأن كيف سوف يذكره التاريخ. هل بأنه أنقذ لبنان أم أنه يأخذ البلد وكما أجاب مرة على سؤال صحافي أننا ذاهبون الى جهنم. هل هذا هو ما يعد به اللبنانيين؟ هل هذا هو دور رئيس الجمهورية؟. أنا حتى الان لا أتوقع منه شيئا، لكن ما أتمنى عليه أن يتبصر ويتخذ القرار الصحيح".
وعن الوضع اللبناني، قال: "رئيس الجمهورية مازال يعاند وهذا الامر لا يؤدي الى نتيجة. سيؤدي الأمر به بالتالي إلى غرقه مع كل اللبنانيين. هذه هي المصيبة، إذ أنه لا يقدر الى اين يأخذ اللبنانيين. وهو يظن انه يحاول ان يأخذ حقيبة من هنا وحقيبة من هناك ويمسك بالسلطة، يظن انه بهذه الطريقة يسترجع دور رئيس الجمهورية، بالعكس هو يدمر دور رئيس الجمهورية. رئيس الجمهورية هو في الحقيقة فوق كل السلطات وفوق كل الخلافات بين الفرقاء السياسيين. هو الحكم بين الجميع. هو المرجع لهم وليس بأن تكون وزارة إضافية من هنا ومن هناك من حصته. الدستور منع على رئيس الجمهورية بأن يشترك في التصويت داخل مجلس الوزراء وهو لا يحق له أن يصوت على القرارات".
ورداً على سؤال قال: "أنا أعرف وأدرك أن الناس في حالة غضب شديد ومصابون بحالة ذعر. وبسبب هذا الغضب والذعر يحاولون ان يعبروا عن أنفسهم بوسائل اعتراضية وأحيانا سلبية. لكن الدولار لا ينخفض بالعصا ولا بالمظاهرات ولا بالتكسير ولا بالفوضى اطلاقا. هذه الأمور كلها تؤدي الى عكس المراد، ما يسمى كالمستجير من الرمضاء بالنار، لان هذه التصرفات لا توصلنا أو توصل لبنان إلى أي نتيجة ولا تسهم في خفض الدولار ولا في تحسن الأمور ولا تخلق رغيف خبز إضافي، ليكن ذلك واضحا".
ورأى أن "بداية الحل هو إن الله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، هذا الامر الذي أراه هو أن العقدة الحقيقة هي لدى رئيس الجمهورية وأيضا لدى حزب الله، وبالتالي كل من يستطيع ان يبذل جهدا يؤدي بهما الى ان يعودا وينظرا الى المخاطر من أجل إدراك حقيقة ما وصلت إليه الأمور. في الحقيقة، تقع عليهم هذه المخاطر كما ستقع على رئيس الجمهورية بالذات. ماذا سيذكر التاريخ عن رئيس الجمهورية؟ وخلال كل هذه التجربة التي أن العهد قد مضى حتى الآن معظمه وها قد أصبحنا في نصف السنة ما قبل الأخيرة من عهده. ماذا قدم للبنانيين؟ ماذا فعل؟ وماذا أنتج لهم؟ أنا اناشده ان يعود الى رشده وإلى ما يمليه عليه الدستور والى ما يراه فيه المصلحة الحقيقية للبنانيين جميعا، وما فيه مصلحة لإسمه وسمعته، وما سيذكره التاريخ بعد ذلك".
وأضاف، "أنا أرى أن عليه أن يوقع على هذه التشكيلة، وهي التشكيلة التي يتحمل مسؤوليتها الرئيس المكلّف. أنا أسألك: أليس لديهم الأكثرية في مجلس النواب، فليوقع رئيس الجمهورية التشكيلة ولينزل عندها الرئيس المكلف إلى مجلس النواب ولا يعطوه الثقة. تنتهي عندها العملية وينتهي رئيس الحكومة المكلف. لماذا كل هذه العقد وكل هذا الاستعصاء؟ سعد الحريري قدم له اللائحة لو فيها أي اسم عليه أي شائبة او مشكلة الا يكون لديهم الأسباب لرفضها. هم لم يتكلموا عن أي اسم في هذه اللائحة بأنها أسماء غير جيدة من الأسماء التي سربت. لا أحد يستطيع ان يقول انها ليست جيدة. أنا اعتقد ان الوضع أصبح مقلقا وخطيرا للغاية البلاد، ونحن على شفا ما يسمى الارتطام".
وأكّد،"نحن في صلب الانهيار وبدون أي حبال نجاة تشدنا ولا أحد يسأل علينا. كلنا نعرف ان العالم كله مشغول في حاله. عندهم مشاكلهم الخاصة. لقد ملوا وشعروا فعليا ان السياسيين اللبنانيين المرفوضين من الناس هم الذين يتحكمون ويصروا على موقفهم. يؤسفني القول إن هناك شخصا يقول، اما ان أكون موجودا في الحكومة او لا اسمح بوجودها، ذكرني هذا الموقف بمثل لبناني قديم يقول: "تخرب بشوري ولا تعمر بشور غيري". يعني أنه لا يريد أن تعمر وأن يجري تخليص لبنان".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News