المحلية

الثلاثاء 11 أيار 2021 - 03:20

الأسد يلعب على حافة الهاوية... والعرب يتكتلون

الأسد يلعب على حافة الهاوية... والعرب يتكتلون

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

في ظل المستجدات والتطورات المتسارعة في المنطقة، لا يُمكن لأي شخص يريد معرفة مستقبل الأزمة اللبنانيّة، القيام بذلك من دون الاطّلاع على هذه المتحولات، لأن الأزمة عندنا مرتبطة بشكل وثيق بما هو حاصل ومستجد على مستوى المنطقة، حيث أن اللافت في الأسبوع المنصرم،كان الإتصال الذي أجراه الرئيس الأميركي جو بايدن، بولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والذي على أثره حصل اللقاء ما بين الأخير وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جدّة.

هذا بالإضافة إلى الجولة الخليجيّة التي قام بها وزير الخارجيّة السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، والتي تكلّلت بإعلان تلبية أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، دعوة بن سلمان إلى السعوديّة من أجل التباحث في شؤون المنطقة.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى، أن ما يجري اليوم، هو محاولة خليجيّة، للملمة الشمل العربي في مواجهة المشروع الإيراني التوسّعي في المنطقة، ويقوم على التنسيق المباشر والمكثّف ما بين المملكة العربيّة السعوديّة، والإمارات العربيّة المتحدة وجمهوريّة مصر العربيّة.

ولفتت إلى أن الموقف السعودي – الإماراتي - المصري، يرفض بشكل قاطع مسألة رفع العقوبات عن طهران، ولا يتفق أبداً مع الرئيس الأميركي جو بايدن، في مسألة المفاوضات الأميركيّة – الإيرانيّة، التي تشكل أولويّة بالنسبة للأخير بالإضافة إلى ملف اليمن، مشيرةً إلى أن الرياض، لن تقبل بأي شكل من الأشكال، أن يتمّ حلّ أزمة اليمن على حسابها، كما تتشارك الرأي مع أبو ظبي والقاهرة ، في أن أي اتفاق أميركي - إيراني سيكون على حساب الدول العربيّة، باعتبار أنه عندما تُرفع العقوبات عن الإيرانيين وتتحسّن أحوالهم الإقتصاديّة والنقديّة، لن يلتزموا بالحوار مع الدول العربيّة، لا بل العكس تماماً سيكون لديهم طاقة كافية من أجل ممارسة لعبة القوّة مجدداً، وبشكل أكبر هذه المرّة، خدمة لمشروعهم التوسعي في المنطقة، وذلك عبر استكمال تدريب وتجهيز وتسليح الفصائل العسكريّة التابعة لهم والتي زرعوها في بلدان المنطقة كافة على مرّ العقود الماضيّة وفي طليعتها "حزب الله" في لبنان.

وأوضحت المصادر ، أنه من هذا المنطلق، يمكن أن نفهم لماذا تحرّكت السعوديّة بشكل علني باتجاه سوريا، فمن يتابع ملف المنطقة عن كثب، يدرك تماماً أن خط الإتصالات ما بين الرياض ودمشق، لم ينقطع يوماً على المستوى الأمني، إلاّ أنها المرّة الأولى التي يجري فيها التواصل على المستوى السياسي، فمنذ أعوام عدّة زار ذراع بشار الأسد الأمنيّة وعرّاب صفقاته الخارجيّة علي المملوك، السعوديّة حيث اجتمع بالقيادات الأمنيّة هناك، والتي بدورها ردّت الزيارة والتقت بالقيادات الأمنيّة السوريّة في دمشق. ومنذ ذاك الحين والإجتماعات تُعقد بين الحين والآخر، ما بين الطرفين، إلاّ أنها المرّة الأولى التي يجتمع فيها الوفد الأمني السعودي ببشار الأسد شخصياً.

واعتبرت المصادر أن الهدف من الإجتماع ببشار الأسد، هو أن السعوديّة والإمارات ومصر، تعمل على إنشاء حلف عربي، وتطمح كلٌّ من الدول الثلاث على طريقتها، في محاولة إرجاع سوريا إلى الحضن العربي، الأمر الذي يجعل الجبهة العربيّة موحّدة ضدّ المشروع الإيراني في المنطقة. إلاّ أن واقع الأمور يقول، إن بشار الأسد لا يمكن أن يتخلى أبداً عن علاقته بالإيرانيين ، فهو لم يقم بذلك سابقاً عندما كانوا لا يزالون في طهران ، فكيف بالحري الآن وهم ينتشرون ويتمركزون على كامل الأراضي السوريّة ويمسكون بجميع مفاصل الدولة ومواقع النفوذ والقوّة المهمّة والحسّاسة جداً فيها.

وشدّدت المصادر، على أن رأس بشار في فم الأسد الإيراني، وعلاقة ماهر الأسد أكثر من ممتازة مع الإيرانيين، وتحديداً جماعة المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة علي خامنئي، لذا بطبيعة الحال بشار الأسد لن يقوم بخطوة مماثلة، لأنها أشبه بالإنتحار، أو بتعبير أدق لن يتمكّن من التخلي عن حلفه مع إيران حتى لو عزم القرار على القيام بذلك.

ورأت المصادر أن المشروع السعودي – الإماراتي - المصري جريء ، ويملؤه الأمل والإيجابيّة في إمكان تحقيق حلم الوحدة العربيّة، إلا أننا نأمل ألا نستفيق قريباً على جرس إنذار إيراني صاخب في المنطقة، مشيرةً إلى أن للرياض وأبو ظبي والقاهرة ، علاقات أكثر من ممتازة مع موسكو خصوصاً في ملف النفط، والجواب المنطقي لمجالسة السعوديين للأسد، هو أنهم بالإضافة إلى لمّ الشمل العربي، يجالسون الوكيل في الشام ، في مبادرة باتجاه الأصيل في موسكو وليس أبداً من باب سوء الحسابات أو التقدير، فهم يدركون تماماً أن لا سلطة لبشار الأسد حتى على قراره، كما أنهم على يقين أن سرّ ومفتاح نجاح المبادرة السعودية – الإماراتية - المصريّة، هو بالشراكة مع روسيا ، في إجلاس بشار الأسد على الأرض متخلياً عن السجادة العجميّة التي حملته طيلة السنوات المنصرمة.

واعتبرت المصادر أنه في ظل خلط الأوراق الحاصل اليوم في المنطقة، هناك تقاطع مصالح كبير ما بين السعوديّة والإمارات ومصر من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، في مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة، بالإضافة إلى رفض السياسة الأميركيّة الجديدة والتمسّك بقواعد اللعبة التي أرستها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. فالإسرائيلي ليس مرتاحاً أبداً لطريقة مقاربة بايدن لمسألة رفع العقوبات عن إيران وهذا الامر بالذات يشكّل مصدر قلق كبير بالنسبة له في الآونة الأخيرة.

وأوضحت المصادر أن ما نسمعه اليوم في لبنان من حلفاء سوريا عن تبدّل في موازين القوى في المنطقة، ليس سوى مجرّد ورقة أرادها بشار الأسد في يده، من أجل تحسين شروطه مع الإيرانيين والروس، علّه يستعيد حفنة من سلطته على بلاده، وبهذا هو يلعب على حافة الهاوية، فبشار بعيد كل البعد عن مجرّد التفكير بأي دور خارج سوريا.

وختمت المصادر مؤكدةً، أن أي حلّ في لبنان ليس بقريب، قبل أن تُحلّ كل الملفات الشائكة في المنطقة والتي تتوزّع على محاور عدّة، فما بين الضغط الروسي على "حزب الله" والسوريين من أجل إقامة شبه سلام مع اسرائيل، والضغط على الدول العربيّة للتطبيع، ووحدة الموقف ما بين السعوديّة والإمارات ومصر مع إسرائيل في مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة، كلها عوامل تنذر، بأننا نجلس على فوّهة بركان كبيرة في ظل فشل الرئيس الأميركي الجديد، في إبعاد طيف ترامب عن المنطقة وتغيير قواعد اللعبة التي أرساها، الأمر الذي يضع الإدارة الأميركيّة أمام خيار من اثنين:

إمّا أن تعود طوعاً عن الوجهة التي تسلكها اليوم في مقاربة الملف الإيراني، أو أنها ستضغط أكثر للذهاب باتجاه رفع العقوبات، وفي كلتا الحالتين سيزداد الإحتقان والتوتر ولكن السؤال أيهما هو الأقل ضرراً؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة