"ليبانون ديبايت" - وليد خوري
ملف الانتخابات النيابية إلى الصدارة مجدّدًا، فها نحن نقترب يوميًا من موعد انتهاء ولاية مجلس النواب في 20 أيّار 2022، وحلول يوم الاقتراع المنشود الذي ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر للإطاحة بالطبقة الفاسدة.
ولكن الحديث يطول عن البنود الكثيرة الشائكة التي تخترق القانون الانتخابي، وأحدها البطاقة الممغنطة والمغاسنتر التي لم يسبق أن اعتمدت من قبل.
لماذا الإصرار على اعتماد البطاقة الممغنطة؟
مع اقتراب الموعد المنتظر لإجراء عملية الاقتراع، المصحوبة بأكثر من عقبة قد تعرقل إمكان إجرائها في أيار 2022، ونظراً إلى ضيق الوقت والبطء المتعمّد في عملية التحضير، يُعدّ خيار اعتماد البطاقة الممغنطة في الانتخابات النيابية خياراً غير صائب على الإطلاق.
أوّلاً، ما المقصود بمصطلح "البطاقة الممغنطة"، وكيف يُترجم تطبيقها على أرض الواقع؟ وهل فعلاً جملة واحدة واردة في قانون الانتخابات كافية ووافية لشرح آلية التطبيق؟ حتماً لا. فالمادة 84 التي تنصّ على التالي: "على الحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين، بناءً على اقتراح الوزير، اتخاذ الاجراءات الآيلة إلى اعتماد البطاقة الالكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة، وأن تقترح على مجلس النواب التعديلات اللازمة على هذا القانون التي تقتضيها اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة"، غير كافية أبداً لشرح مصطلح كبير وواسع كهذا.
عملية الانتخاب عبر البطاقة الممغنطة لا تخلو من الدقّة، لا بل تفرض متطلبات لوجستية لا يمكن الاستهانة بها.
تقنيات حديثة في دولة تعود بنا يومياً إلى العصور الحجرية!
عندما نتحدث عن البطاقة الممغنطة فنحن نتحدث عن أحدث التقنيات العالمية، لكن في بلد كلبنان، حيث يضطر المواطن للانتظار أكثر من ساعة للحصول على كمية قليلة جداً من البنزين، ناهيك بالارتفاع الخيالي لأسعار أبسط السلع، بالاضافة إلى عدم توفر الكهرباء ولا الماء، أمّا عن البنية التحتية التي تعود بك إلى العصور الحجرية فحدّث ولا حرج... كيف لنا أن نعمل بالبطاقة الممغنطة؟
هل فعلاً الدولة اللبنانية التي فشلت حتى في نقل مواد خطرة من المرفأ وأدت إلى وقوع كارثة عالمية قادرة على تحقيق ذلك؟ وما الذي يضمن عدم التلاعب بالنتائج؟ ماذا عن الخصوصية؟ ماذا عن القرصنة؟ نقطة سوداء تضاف إلى سجل البطاقة الممغنطة، ألا وهي قدرة أحزاب السلطة التقليدية على مساعدة قاعدتها الشعبية على الاستحصال على البطاقة، في مقابل عجز المرشحين المستقلين، مما يؤدي إلى رجوح الكفّة لمصلحة أحزاب السلطة.
فلا قدرة لوجستية ولا مالية ولا حتىّ استراتيجية لانجاز هذه المسألة. أيضاً، قد يتطلب موضوع الاستحصال على هذه البطاقة اجراءات صعبة الانجاز قبل استحقاق عام 2022، كالحصول على بصمة العين وبصمات الأصابع، فهل تضمن الدولة تقدّم المواطنين اللبنانيين كلّهم للاستحصال على البطاقات الجديدة؟ هل تستطيع الدولة اللبنانية إنجاز هذه العملية اللوجستية الصعبة التي تتطلب تنظيماً وتمويلاً كبيرين، وكل ذلك قبل الانتخابات النيابية المقبلة في ايار 2022؟
هل من حلول في الأفق؟ ماذا عن المغاسنتر؟
إن استخدام البطاقة الممغنطة يحتاج إلى ورشة عمل كاملة ومتكاملة، ويحتاج أيضاً إلى عاملي الوقت والجهد غير المتوفرين حالياً. لذا أي طرح يقضي بوجوب تفعيل البطاقة الممغنطة قد يؤدي إلى تهديد سلامة العملية الانتخابية جمعاء. فما الحلّ؟ الحلّ يكمن في تعليق المادة 85 من قانون الانتخابات وهو ما قام به البرلمان اللبناني في عام 2018 قبل شهور من موعد الانتخابات. وفي المقابل يمكن لوزارة الداخلية إنشاء 6 مراكز "ميغاسنتر"، تسمح لعدد كبير من اللبنانيين بالتصويت في أماكن سكنهم. تتطلب هذه المراكز تسجيلاً مسبقاً كي تتمّ العملية الانتخابية بسلاسة وبتنظيم وبدقة. وإن عملية التسجيل المسبق غير معقدة واعتمدت في عام 2018 لتسجيل اللبنانيين المقيمين في الخارج. فالتصويت في مكان السكن، وسيلة فعّالة لمحاربة الزبائنية، وشلّ الرشوة الانتخابية، وتقليص سطوة الأحزاب. والأهم أنها غير مكلفة، ولن تكبد الدولة المفلسة أصلاً أي أعباء مالية إضافية قد تتعرض للنهب كالعادة كمثل اعتماد البطاقة الممغنطة.
وفي حال لم تشكل حكومة في القريب العاجل، تقع المسؤولية الدستورية على حكومة تصريف الأعمال من أجل المباشرة بالتحضير للانتخابات النيابية المقبلة ومن ضمنها المغاسنتر. لذا لا مجال للتقاعس أو إلقاء الحجج من كل حدب وصوب.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News