المحلية

placeholder

ليبانون ديبايت
الخميس 17 حزيران 2021 - 14:44 ليبانون ديبايت
placeholder

ليبانون ديبايت

لو سمعوا من فادي... "سبحان اللي بيغَيّر وما بيتغيّر"!

لو سمعوا من فادي... "سبحان اللي بيغَيّر وما بيتغيّر"!

"ليبانون ديبايت"

ينشر "ليبانون ديبايت" مقالات عن معارك ومحاولات ومطالبات الوزير السابق فادي عبود للوصول إلى الإقتصاد الحلم. هذه المقالات جُمعت في كتاب صادر عن "دار صادر" تحت عنوان "لو سمعوا من فادي".

فادي الآتي من تجربة غنيّة في القطاعين الخاص والعام، المتألم من انهيار الإقتصاد وتحطم احلام اللبنانيين، يعطي فرصة من خلال كتابه للطبقة السياسية لكي تؤمن بأن الإنقاذ لا زال ممكناً.

ويعتبر فادي عبود أن لبنان كان وما زال وسيبقى شعباً منقسماً مضعضعاً ومقهورا، وغير قادر على إدارة شؤونه ومعرض لغزوات الأجانب وقمعهم، لأنه لا ولن يتغيّر، وهذا ما تحدّث عنه في "سبحان اللي بيغَيّر وما بيتغيّر"، حيث يقول:

"أنقل إليكم ترجمة لفصل صغير عن لبنان جاء في كتاب “The Land and the Book” للكاتب W. M. Thomson منشور في بريطانيا سنة 1870 وكان أحد الأصدقاء قد أرسل لي ما جاء عن لبنان بالبريد الإلكتروني أنقله مترجماً:

"يعيش في لبنان حوالى 400,000 نسمة، موزعين في اكثر من 600 مدينة وقرية و دسكرة ".

"إنّ الطوائف والمذاهب المختلفة تعيش سوياً وتمارس شعائرها بالقرب من بعضها البعض، ولكن الشعب غير موحد ضمن بوتقة مجتمعية واحدة، ولا ينظرون إلى بعضهم بمشاعر الأخوة. فالسنّة يجرّمون الشيعة وكلاهما يكره الدروز وثلاثتهم يبغضون النصارى. الموارنة لا يحبون أحد، وفي المقابل الجميع يكرههم. الروم لا يتقبلون الكاثوليكي والجميع يكره اليهود. والملاحظات عينها تنطبق على أقليات هذه الأرض".

"ليس هناك قاسم موحّد والمجتمع يفقد التعامل بين فئاته التي يمكن أن تعمل لصالح الجميع، بل يختزن عدداً لا ينتهي من الشراذم والتقسيمات التي تضع عامة الشعب في حالة ضياع عبثية وتموضعه في شتى الزوايا المناهضة للآخر".

"إنّ القوة الروحية التي تشاهد المنظر العبثي هذا، هي وحدها القادرة على تنظيم حالة الضياع هذه، وتحويل هذه العناصر المتنازعة نحو السلام والوئام ".

"لا يوجد بلد آخر في العالم، على ما أظن ، بهذا التنوّع والإتنيات المتنازعة، وهنا تكمن العقبة الأكبر لأي تحسن دائم لحالتهم وشخصيتهم وآمالهم ".
"لن يتمكنوا من بناء شعب واحد، ولا التعاون لأي هدف ديني أو سياسي. وسيظلون ضعفاء، غير قادرين على إدارة شؤونهم ومعرضين لغزوات الأجانب وقمعهم. لذلك، كان لبنان وما زال وسيبقى شعباً منقسماً مضعضعاً ومقهوراً".

كما هو واضح من العنوان أعلاه ، كتبت هذه السطور قبل حوالى 140 عاماً. وقد استعمل الكاتب مفردات رائجة، على ما يبدو في ذلك العصر، ولكنها ما زالت قادرة على وصف حالة لبنان وكأنها كتبت اليوم. كيف نشعر كلبنانيين وماذا نقول وحالات التحريم والشرذمة والكراهية والانقسام مستمرة بوتيرة متصاعدة منذ 150 عاماً؟

كيف نبرّر لأولادنا وللعالم أننا لم نستطع أن نعمل سوياً على تحديد وتحقيق أهداف سياسية وتربوية واقتصادية واجتماعية مشتركة؟ أليس في ذلك تناقض فادح بين دور لبنان كـ "رسالة إلى الحضارات" وبين حالة التشرذم المستمرة منذ أواخر القرن التاسع عشر؟

كيف نقاوم الشعور بالإحباط الذي ينتابنا من جرّاء معرفة أننا لم نتغيّر بشكل إيجابي وجذري منذ ما يقارب القرن ونصف القرن؟ وهل فعلاً واكبنا تطورات القرنين العشرين والحادي والعشرين، أو أننا ادعينا أننا فعلنا ذلك؟ قد يكون لبنان أزلياً سرمدياً، ولكن هل انّ اللبنانيين قادرون على الاستمرار على هذا المنوال؟

والأهم أن كل محاولات التحرر من الشرذمة الطائفية والمذهبية باءت بالفشل الذريع وكل الأحزاب التحررية اللبنانية والإقليمية باءت بالفشل. ففي القرن التاسع عشر جاءنا أحدهم ليقول: "إقتتالكم على السماء سيفقدكم الأرض" وجاءنا انطون سعاده ابن صاحب المقولة المذكورة الدكتور خليل سعاده، وجاءنا ميشال عفلق، وجاءتنا الشيوعية والقومية العربية والسورية وبقي الانقسام الطائفي هو الأقوى إلى حد عجزنا عن إقرار الزواج المدني الاختياري مؤخراً .

إقتتالنا على السماء أفقدنا الأرض وأفقدنا الإرادة الحرة، أفقدنا السيادة والحرية والاستقلال (شعارات ربما نحن الشعب الوحيد الذي ما زال يكررها) وسيفقدنا إنسانيتنا وسيسيطر على مستقبلنا وحلمنا وسنبقى مفككين مشككين ببعضنا البعض لا نتزاوج بين بعضنا ولا نتشارك ولا نبني وطناً.

بلاد الأرز حل عليها غضب التاريخ ومكاننا الوحيد تحت الشمس هو مزبلة التاريخ. فلم ينفع بنا دواء، وباسم الله اقتتلنا وما زلنا نتقاتل. للمرة الأولى في حياتي أشعر بأننا "منِستاهل" كل ما نحن عليه، وصدقوني الآتي أعظم لأنّنا ما زلنا نربّي أجيالاً طائفية مذهبية علاقتها مع الأرض والمجتمع مبنية على معتقدات طوائفها، وهذا لن يؤدي أبداً إلى مجتمع موحد. أخطر من السلاح هي المدارس التي تعلّم طوائف تميّزها عن الآخرين. ألم يحن وقت فصل الدين عن الدولة فصلاً نهائياً من خلال خطة لعشرين سنة تبدأ بالمدارس لأنها يجب أن تبدأ بالنفوس قبل أن تتحول للنصوص كما قيل؟

رحم الله القس طومسون وهو يضحك علينا بعد حوالى 150 سنة، فإذا كنت يا طومسون قريباً من الله تشفّع لأهل لبنان لأنّه سبحانه الذي يغيّر ولا يتغيّر ربما يستطيع أن يغيّر عقول ونفوس هذا الشعب الذي تقسّم، والكل يعتبر أنّ وكالته مع الله هي وكالة حصرية له ولطائفته".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة