بعد سنوات من الحرب الضارية على الأرض السورية، استنتج الرئيس السوري بشار الأسد أنّ العائق الأكبر أمام الاستثمار في بلاده يتمثل في "الأموال السورية المجمدة في البنوك اللبنانية المتعثرة".
فلا حروب المدافع، ولا حروب الشوارع، ولا البراميل المتفجرة الكيميائية، ولا الدمار الذي حل بسوريا واقتصادها وتهجير شعبها... كانت أسباباً كافية برأيه لطرد الاستثمارات منها. ولا حتى قانون قيصر الأميركي للعقوبات. هو لبنان وحده، "الحصرمة" في عين النظام السوري، الذي يبدو أنه لا يشبع من التهريب عند الحدود اللبنانية-السورية، وها هو يريد المزيد!
وفي كلمة ألقاها بعد أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسة رابعة، أضاف الأسد أن بعض التقديرات تشير إلى أن "ما بين 40 مليار دولار و60 مليار من الأموال السورية مجمدة في لبنان".
فما صحة أقوال الأسد؟ وهل سبق أن كذّب نفسه قبل أن يكذبه الآخرون؟
الشيء ونقيضه... الأسد يكذّب نفسه!
واللافت، أنها ليست المرة الأولى التي يرمي فيها الأسد مشاكل بلاده على لبنان ونظامه المصرفي، وإذا كانت هناك أموال مجمدة لسوريين بالفعل، فهي تعود بغالبيتها لأفراد استثمروا في لبنان، وليست محجوزة بهدف "الاستثمار السوري".
وعام 2020، رأى الأسد أن للأزمة السورية "سبباً آخر لا أحد يتكلم فيه، وهو أموال السوريين المودعة في لبنان"، قائلاً إن "ما بين 20 مليارا إلى 42 مليارا من الودائع فقدت في القطاع المصرفي اللبناني الذي كان نشطاً وكان لديه ودائع بالعملة الصعبة تزيد عن 170 مليار دولار".
والسؤال المنطقي بعد قراءة تصريحي الأسد، هو "شو عدا ما بدا" حتى ارتفعت نسبة ودائع السوريين في لبنان وفق تقديرات الأسد؟ سيما وأن لا استثمارات جديدة في لبنان أو زيادة في الودائع منذ انكشاف أزمة النظام المصرفي أواخر العام 2019.
فكيف إذاً، وبحسب ارقام الأسد، وفي غضون أشهر، وفي أوج الأزمة اللبنانية، ارتفعت ودائع السوريين في لبنان من 42 مليار دولار إلى 60 مليار دولار؟! ثم على ماذا ارتكز الأسد في أرقامه؟
بالأرقام... لا صحة لأقوال الأسد!
بدورها، دحضت النشرة الشهرية الصادرة عن مصرف لبنان وقتها اتهامات الاسد، إذ أظهرت أن أواخر العام 2020، أن "إجمالي الودائع لغير اللبنانيين بلغت 43 مليار ألف ليرة أي 27 مليار دولار أميركي موزّعة على جنسيات متعددة".
فهل يعقل أن تكون أموال الأجانب المودعة في لبنان كلها لسوريين؟! وحتى لو فرضنا هذا، فهي لا تتجاوز الـ30 مليار دولار، بينما يتحدث الأسد عن 60 مليار دولار!
هذا ولا يتجاوز إجمالي ودائع السوريين في لبنان الـ 10 مليارات دولار على أبعد تقدير، فيما قرابة نصفها تعود لمالكي عقارات وكبار التجار السوريين، كما أن قسماً كبيراً من الأموال التي تم تحويلها إلى خارج لبنان بعد 17 أكتوبر العام الماضي، يعود لمقتدرين سوريين.
واستنزاف الاقتصاد السوري لدولارات اللبنانيين، عبر الحدود السائبة بين البلدين، على شكل دولار يباع في السوق السوداء، أو على شكل مازوت وبنزين مدعوم من احتياطي مصرف لبنان أو دواء وطحين... مهدد بالتقلص مع رفع الدعم عن جميع المواد.
وهذا ما جعل النظام في سوريا يرفع أسعار الخبز والوقود مؤخراً، ترافقاً مع رفع الدعم التدريجي عنها في لبنان، وهذا ما سيجعله يطلب المزيد من لبنان في عز انهياره، على حساب اقتصاده وأموال شعبه، دون اي شفقة أو رحمة، وهي كلمة لا يعرفها النظام السوري!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News