مريم مجدولين اللحام - التحري
بات استفتاء الشعب من المحظورات في لبنان. أو على الأقل، لا انتخابات بلدية ولا نيابية في موعدها أيار المقبل إلا بعد حجز كرسي الرئاسة لجبران باسيل. هكذا وبكل وضوح، لا بدّ من المحافظة على التشكيلة النيابية الحالية لتجديد ولاية التسوية الرئاسية المتهدّمة، بإرادة منفردة دون توافق، وعلى أطلال مشهدية 2016.
هي محاولة قفز جديدة أو تذكرة عبور فوق حق الشعب المُصان دستورياً على "المُحاسبة". باختصار، إن بقاء اللاحل هو الحل الحقيقي لأحجية "تكييع" الشعب أو حتى المُعارضة التي باتت تُصوَّر زوراً على أنها "حراكاً شعبياً مُنحسراً" وإبقاء الملف اللبناني قيد التفاوض الإيراني-الأميركي.
شُخّصت "جهنم" في لبنان دولةً مُنهكةً متوقّدة على أضلاع مواطنيها تصرخ "هل من مزيد؟"... فهل يا ترى من مزيد؟!
الإنتخابات الرئاسية أولاً
"هيدا إذا صار انتخابات" جملة تتردد على ألسنة الجميع، موالٍ ومعارض، تؤكد نهجاً واضحاً للمنظومة ذات السوابق التمديدية. فالمعهود مع هذه الطبقة السياسية المؤتمنة على أنقاض الوطن، فتح المجال لصياغة مخارج مناسبة، والتفافٌ على القانون من القانون، بشكل يكون بقاء المتحاصصين مضموناً وراسخاً، وكأن لبنان في تسعينات الإعمار لا ألفيات الإنهيار.
والواضح أن ما يُحاك في كواليس القصور، هو توجه لحرق جميع الإستحقاقات القادمة من انتخابات نيابية كانت أو بلدية حتى يترأس من هو في الظل اليوم، علانيةً ورسمياً الجمهورية اللبنانية وفق شماعة "حقوق المسيحيين" ومقتضيات اقتسام المغانم. جبران باسيل على أعتاب الحكم في لبنان "مهما كان الثمن". لن يختلف الغد عن الأمس واليوم، استثمار في الانهيار حتى آخر مواطن.
والأصل في مثل هذه الأوضاع أن يكون همّ أصحاب القرار هو انتشال المواطن من سقوطة اليومي في الحضيض. أما السعي إلى مقعد من هنا أو سلطة من هناك ثانوي لا جدوى منه. ما يعني أن تعطيل أي إجراء أو استفتاء أو انتخابات إلى حين التوصل إلى معادلة ترضي فخامة الرئيس و أطقم المفاوضات الرسمية، ومن ضمنها تشكيل حكومة ميقاتي، لا يندرج ضمن سياق الأولوية التي يفرضها مفهوم "الوطنية" أو حتى لا قدر الله "الشعور مع المواطن المنكوب".
وليس تنجيماً هنا القول أن لهذا الأسلوب إن استمر عواقب وأثمان، على التيار الوطني الحر وضعها في الحسبان بعيداً عن السجالات والمماحكات، وبالرغم من سيطرته، وحليفه، على مفاصل الإقتصاد والعدل والطاقة والأمن وغالبية مجلس النواب.
المجتمع الدولي "بعبع فالصو"
سيبقى مصير كرسي الرئاسة محور اهتمام جميع الأطراف والمحرك الأساسي لحزب الله، الذي لن يتخلى بسهولة عن غطائه المسيحي مهما قيل وتوارد عن أن المجتمع الدولي لن يتسامح ولن يسمح بتأجيل الانتخابات النيابية، عبر تمديد ولاية مجلس النواب على نحو ما حصل ثلاث مرات أعوام 2013 و2014 و2017 . ولو لم يكن هذا "البعبع" مزيفاً لأُجريت الإنتخابات الفرعية فور استقالة النواب، بعيداً عن ذرائع "التفنيص" الدائرة حالياً.
كما أنه جدير بالتحدي الديبلوماسي، أن يقوى وزير الخارجية السابق ذو الخلفية الديبلوماسية، على تطويع السفراء لصرف النظر عن التعطيل المقبل (كما التعطيلات السابقة والحالية) حتى إمساكه كوريث بالحكم، والمحافظة على هياكل السطوة وصولاً إلى التركيبة المتجانسة التي يعتبرها شبكة أمان إن فشل في الاستحقاق النيابي كتيار وطني حر على تمثيل الأكثرية المسيحية، فيكون قد استولى على الحكم قبل "فضح حجم تمثيله الحقيقي"
انقلاب على الثوابت
أول الغيث قطرة... وأول انقلاب على الطائف "تعزيز دور المجلس الأعلى للدفاع كسلطة إجرائية" بقيادة رئيس الجمهورية ميشال عون تنوب عن حكومة تصريف الأعمال التي جُرّدت من صفتها التنفيذية. فباتت لا تنفّذ إلا ما تُؤتمر به رئاسياً، أو ما تُشرف عليه حضورياً في اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع... هذا إن حضر "حسان دياب" الإجتماعات كنائباً للرئيس ولم يغب بداعي المرض. كان دياب رئيس حكومة وأنزلت رتبته إلى نائبٍ لرئيس المجلس الأعلى للدفاع. في كل خطوة تُتّخذ حتى الساعة، تدشين وتعبيد لطريق باسيل نحو رئاسة الجمهورية بصلاحيات تنفيذية أوسع تُهمّش موقع رئاسة مجلس الوزراء.
نظام رئاسي بانتخابات جمهورية، إلى ما لا نهاية، ينتظر الشعب والمواطن "وين ما تزتّه بيجي... واقع". تعدد السقوط والمنظومة واحدة، يتساقط اللبنانيون مع كل انتهاك للقانون والدستور والثوابت، تساقط المطر المهدور، بلا هدف أو مآل. وهنا نعود لنسأل من صلب جُهنّم "هل من مزيد؟!"
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News