التحري

الثلاثاء 24 آب 2021 - 17:55

600 مليون دولار لاستيراد الأدوية المدعوم: مسرحية حمد حسن الهزلية لضبط أقل من 1% مما تبقى من الأدوية ولم "يُهرّب"

placeholder

مريم مجدولين اللحام - التحري

في جديد انتصارات حزب الله "الوهمية" على فساد بيئته، مسرحية هزلية بعنوان "من الجمل أذنه". بحيث يأتي تحرّك وزير الصحة لتصريف الأعمال حمد حسن متأخراً، انتقائياً، وبمؤازرة الكاميرات لضبط أقل من 1% مما تبقى من الأدوية التي دعمها بـ600 مليون دولار في السوق اللبناني ولم "يُهرّب". ما هو أكبر من حاجة السوق أساساً، وفق خطة ممنهجنة يسعى حزب الله من خلالها "ترباية اللي ما عم يشتغلوا مع الوزير صافي"، في ما بدا أنه إغلاق للاحتكار ومساراته، وايهام للمواطن اللبناني بأن الوزير متوجه نحو صوغ واقع جديد في ملف الصحة حيث يستطيع المواطن أن يجد دواءه!

سبق هذه العراضات، محاولة مستميتة أخرى لتجبير تراخيه وتقصيره وغيابه، وهي أنه قد استحدث سعر صرف جديد للدولار على مزاجه، كي يتدارك الفضيحة، ليُضاف "دولار الدواء" و "دولار الصحة" إلى لوائح السوق السوداء!

تم ذلك عبر مخالفة قانونية وبدعة ارتكبها كوزير لتصريف الأعمال، بقرارٍ منفردٍ وبلا سند قانوني صحيح،- في قرار رقم 1 على 981 منذ حوالي 10 أيام وتحديداً في 13 آب 2021-، بعد أن أعلن المصرف المركزي صرخة "طفح الكيل" وعدم امكانيته بالاستمرار بالدعم على جميع الأدوية، بخاصة أنه "فلتان الملق" والوزير يوزع موافقات استيراد "عن أبو جنب" وبقيمة تخطت نصف المليار دولار عشوائياً وبدون دراسة لحاجات السوق ولا متابعة، إلى حد استنفذ الاحتياطات المتاحة للدعم. فبأي قانون او حق يحدد وزير الصحة سعر صرف للعملة؟ اَي بند هذا في قانون النقد والتسليف يجيز ذلك؟ من يُحاسبه؟ وماذا وراء هذه "الصحوة المتأخرة" التي نشاهدها على شاشات التلفزة ووسائل التواصل؟!


من طأطأ إلى سلام عليكم


خلال حوالي 6 أشهر، تراكمت موافقات وزارة الصحة وبناء عليها مصرف لبنان للاستيراد المدعوم للأدوية، الى أكثر من 600 مليون دولار لم يتم سداد قيمة الدعم لها بسبب نفاذ الاحتياط. وكان المستوردون قد استحصلوا على تسهيلات من المصنعين، مستغلين ثقة الخارج بتاريخ طويل من التعامل، بانتظار ان يدفع لهم مصرف لبنان قيمة الدعم بالدولار. وهو ما لن يحصل لأن الدعم قد توقف في حين أن دفتر توقيعات الوزير كان مفتوحاً على مصراعيه بلا ضوابط ولا مسؤولية! الكل يسحب "على عماه"! وهو يوقّع! فهل للتوقيع نسبة مئوية لأحدهم كي تزيد بهذا الشكل؟! فلم تكن لتزيد نسبة الاستيراد لو لم تزداد نسبة الإمضاءات. إمضاء للوزير باليُمنى، وضبط مجتزأ باليُسرى!

وبما ان هذه الشركات كانت قد استحصلت على موافقة الوزارة وبالتالي مصرف لبنان على دعم الادوية التي استوردتها، قامت ببيعها للموزعين. واللافت ان هذه الكميات كانت تفوق ما تم شراؤه السنة الماضية في الفترة عينها، لكن الأدوية بدت مفقودة طوال الفترة! فكيف حصل هذا واين اختفت الأدوية؟
الجواب عند الموزعين، فالأدوية بغالبيتها اما تم تخزينها لتباع لاحقاً من الموزعين الى الصيادلة (عند رفع الدعم المنشود) أو لم تنتظر مماطلة العهد الحالي عن رفع الدعم، وتم إعادة تصديرها "تهريباً أو شرعياً" وبيعها إلى أسواق عربية مثل العراق وسوريا وغيرها وهو الخيار الأنسب لهم، هم الذين يفضلون ربحاً سريعاً ويتفادون ابقائها كي لا "تُضبط" في مداهمات الوزير العراضاتية على المستودعات، والتي تصطاد صغار الكارتيل لا كباره... تؤنب من تشاء وتترك من تشاء!

أما المُضحك هو ان أحد المستودعات التي ضبطت أمس، كان نقيب الصيادلة شريكا فيها سابقاً. إلا أنه، وسبحان الله بمجرد أنه قد تركها كشريك وبات يملك شركة توزيع منافسة تم الكشف على المستودع، في إطار "لا خطوط حمر على أحد" أو "تصفية حسابات" بدور البطولة.

ولأول مرة، لم تسمّ جريدة الأخبار المعروفة بفضح اسماء المركبين، اصحاب المستودعات ولا انتماءاتهم السياسية لحزب الله او المستقبل وأوحت بان العملية حصلت مع مستوردي الأدوية وليس الموزعين المحليين باستخدامها مصطلح كارتيلات او شركات الأدوية.

أما الأهم، ماذا سيحصل بهذه الأدوية، هل سيوزعها وزير الصحة على المستوصفات القريبة منه ومن حزب الله أم على كل اللبنانيين؟! وهل سيُطلعنا على خطة التوزيع أو البيع؟ حتى الساعة لا معطيات ولا أجوبة وافية لهذا السؤال والسبيل للتحقق من آلية التوزيع معدوم.

تم "كبس المقوطبين" بنجاح! إلا أن ذلك لا يغيّر حقيقة أن سياسة وزارة الصحة المستمرة حتى اليوم تؤدي إلى انقطاع الدواء وحصره بالمساعدات الخارجية او الاستنسابية بالاستيراد الطارىء. أي أن كل هذه المسرحية لا ولن تنعكس ايجابياً على المواطن إذ معاناته لم تتغير ولم يستفد أحد. إبر مورفين تخدّر المواطن الموجوع المتعطش إلى دوائه الإضطراري!
تم "كبس المقوطبين" بنجاج! إنما ماذا استفاد المواطن حقيقة؟! لا شيء. ماذا تغيّر؟ لا شيء؟! كيف سيمنع إعادة الكرة وكيف ستتوقف الاحتكارات؟ فات الأوان!... البطل بطل على الشاشات فقط. والمريض ينازع!

كما أن جملة هذه التغييرات التي أوجدها ولي الصحة الفقيه أفرزت واقعاً متناقضاً، فلا الدواء الدواء وجد ولا الاحتكار توقف ولا التهريب قطعت أوصاله. أما الوزير، باعتباره رأساً للوزارة، بدا موظفاً في جمعية حماية المستهلك إلى درجة يصعب، إن لم يكن مستحيلاً، تصديق أنه هو المغوار نفسه الذي دعم أعضاء مافيا توزيع الدواء والعائلات الدوائية ومدّهم بالموافقات غير المشروطة وغير المراقبة بملايين من العملة الصعبة وبلا ترشيد وقد ظهرت هذه المعادلة بشكل جلي، في فضحه "الإنتقائي" بعيداً عن وظيفته كرادع لا معالج!... عسى ان يستمر الكشف عن خبايا هذه اللعبة. وفي ذلك شكّ حتمي، كشكّ كل لبناني يشاهد الوزير المنفرد بقراراته بدور "الحريص" بعد أشهر من الاستهتار!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة