الأخبار المهمة

السبت 11 أيلول 2021 - 16:51

سبب آخر لارتفاع الأسعار... أبشر ايها المواطن!

placeholder

فتات عياد

في كل بلدان العالم، لا سيما الصناعي منه، تدخل الكهرباء في صلب البنى التحتية التي تؤمن تشغيل المعامل والمصانع وتصقل الإقتصاد المحلي. أما في لبنان، فـ"يشحد" الصناعيون المازوت كمادة بديلة عن كهرباء الدولة، عبر القرار 169 الذي أصدرته وزارة الطاقة منذ أسابيع، لتمكينهم من تأمين المازوت لمولداتهم بسعر السوق، بما أن تأمينه بالسعر المدعوم بات حلماً شبه مستحيل مع الشح في المادة واحتكارها وبيعها في السوق السوداء. ومع أن هذا القرار يمنع انقطاع الكهرباء عن المعامل –أقله تلك التي بمقدورها شراء المازوت بالسعر غير المدعوم- لكنه سيؤدي لرفع اسعار السلع، اي ان القصة "بتدور وبتحور" و"بتطلع براس" المواطن!

وأزمة شح المازوت تسببت بتوقف أكبر معمل للأمصال في لبنان عن العمل منذ أسابيع جراء انقطاع مادة المازوت في مولداته، أي أن القصة "مش مزحة". لكن القرار 169 وعلى الرغم من حسناته، له مفاعيل عكسية لناحية زيادة كلفة الإنتاج في المصانع، سيما وأن المازوت المدعوم وفق دولار الـ8000 ليرة، بينما السعر الحقيقي للدولار في السوق اليوم، 18500 ليرة.

وعلى الرغم من أن استيراد المصانع للمحروقات من الخارج وفق سعر صرف السوق السوداء انقذ القطاع من تهديد جدي لسير العمل فيه ولناحية جودة المواد المصنعة لناحية ضمان عدم انقطاع التيار الكهربائي عن المواد التي يحتاج حفظها للتبريد، لكن ازدياد كلفة الانتاج تعني حكماً ازدياد كلفة بيع السلع، ما يفاقم التضخم، ويخفض القدرة الشرائية للمواطنين، بما أن المواطن هو "الحلقة الأضعف".

وبدأ عدد من الصناعيين بالفعل بتأمين المازوت من الشركات المستوردة للمحروقات المعتمدة في لبنان وفق دولار السوق، ما خفف الضغط على كميات المازوت المدعوم، المختفية من الأسواق أصلا لصالح السوق السوداء، والتي تباع بأعلى حتى من سعرها الحقيقي!
لكن، ومع إيجابيات القرار، فقد تسبب عملياً برفع كلفة الانتاج والتي تختلف بحسب القطاع الإنتاجي، وقد تصل إلى نسبة 30% أحياناً، وكلما زاد التقنين الكهربائي، كلما ازداد استهلاك المازوت بسعر السوق، وكلما زادت الكلفة، وارتفع سعر المبيع!

وارتفاع كلفة الإنتاج إلى حد الثلث في بعض القطاعات، سيرتب ارتفاعاً بالمواد الاستهلاكية قد يترجم خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، والمشكلة ليست بمفاعيل هذا القرار وحسب، إذ ومع رفع الدعم كلياً عن المحروقات آخر شهر أيلول الحالي، سيشتري الصناعيون –كل الصناعيين- المازوت عبر سعره بدولار السوق، حكماً. أي أن كل الصناعات ستتأثر بارتفاع كلفة الإنتاج، يضاف إليها كلفة التوزيع، التي سترتفع هي الأخرى مع رفع الدعم عن المحروقات!
وبالفعل، ارتفعت أسعار المواد بنسبة 30 بالمئة خلال شهر تموز وحده، تزامنا مع رفع سعر البنزين. وارتفعت الأسعار منذ بدء الأزمة إلى اليوم بنسبة 700 بالمئة، ويزيد الاحتكار وجشع التجار من وطأة الأزمة، فيما غياب الرقابة لدى الوزارات المعنية يزيد الطين بلة، أما المواطنون، فيرشدون استهلاكهم، شهرا بعد شهر، وصولا للحدود الدنيا!

وفي وقت تتخطى فيه كلفة استيراد لبنان من الخارج، المليار دولار، يدعو البعض للاعتماد على الصناعة المحلية، وهم في دعوتهم هذه تأخروا. إذ بعدما "وقع الفاس بالراس"، وحلّ الانهيار الاقتصادي في بلد اقتصاده خدماتي وغير منتج، وفي ظل غياب بنى تحتية جدية تنقذ الصناعة لناحية انقطاع التيار الكهربائي، قد تبقى الصناعة المحلية أرخص من تلك المستوردة، لكنها ليست "رخيصة" بالنسبة لمواطنين فقدت عملتهم 85% من قيمتها، فيما كل الحلول الاقتصادية والسياسية الراهنة، تفاقم أزمة التضخم، عبر ضخ المزيد من العملة المحلية، ما يساهم في المزيد من تدني القدرة الشرائية.

أما استجرار الكهرباء من الأردن، فقد يكون حلاً يخفف من وطأة الأزمة ولا ينهيها، وريثما يدخل هذا الحل قيد التنفيذ، فإن الآتي أعظم، إذ لا حلول سحرية في غياب دولة تتحمل المسؤولية، و"لحّق" يا مواطن على غلاء الأسعار، "إن كان فيك تلحّق"!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة