مريم مجدولين اللحام – التحري
يقال أن "الجريمة هي كل فعل يجرمه القانون... أو حتى امتناع عن فعل واجب وضروري... أو ترك فعل يتعين القيام به حفظاً للقانون" مثلاً كأن تكون وزيراً بثلاث مناصبٍ مهمة، في زيارة إلى دولة أخرى ممثلاً لدولتك وكيانها المستقل لتجد أن علم بلادك غير موجود، ولا احترام لك ولا لـ"لبنان" الذي تمثله خرقاً للبروتوكول، فتمتنع او تُحجم عن الاعتراض على الإهانة المباشرة والواضحة لك ولما تمثله من وطن وتأخذ دور "الأرنب" الخائف من تسجيل المواقف المشرّفة. وفي سيناريو آخر، تستغل أحد مناصبك الثلاث كوزير دفاع لتأمر عناصر حمايتك من جيش البلاد، وتعتدي جسدياً على موظفي احد الوزارات التي ترأسها "بالوكالة" وتدمر وتخرب في ممتلكاتها... فتكون بذلك: "عندما تطلب الأمر منك أن تضرب بيد من حديد، امتنعت عن فعل الواجب الوطني وكنت أرنباً. وعند مواجهتك مشكلة بسيطة في وزارتك تحوّلت أسداً ودبّ "النبض" فجأة في جسدك، لتقوم بسطو مسلّح على من تستضعفه".
هي قصة حقيقية لجرائم احجام عن فعل إيجابي في سوريا، والتصميم على ارتكاب المحظور في لبنان: شخصية سياسية واحدة، أرنب في سوريا... وأسد في لبنان!
وفيما لم تُحاسب نائبة رئيس الوزراء السابق ووزيرة الدفاع ووزيرة للخارجية والمغتربين بالوكالة السابقة زينة عكر عن احجامها عن رفض إهانة لبنان في ظهورها، خلال اجتماعها بالمسؤولين السوريين وعلى رأسهم وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، وخلفها علم سوريا بدلا من علم بلادها لبنان. هل ستُحاسب عن فضيحة استخدامها لعناصر الجيش اللبناني المولجين حمايتها، للتكسير والإعتداء واستعراض القوة داخل حرم الوزارة وضد الموظفين العاملين بمن فيهم الديبلوماسي أمين عام الوزارة، وخلع أبواب إدارة عامة والإعتداء على كبير موظفيها والاساءة إلى صورة وسمعة وحصانة الديبلوماسيين؟!
معلومات خاصة لـ"التحري" تقول أنه بدأت أمس التحقيقات في المحكمة العسكرية مع عدد من موظفي وزارة الخارجية على خلفية الدعوى التي قدمها أمين عام الوزارة السفير هاني شميطلي ضد السيدة زينة عكر وعناصر حمايتها، بتهمة الاعتداء الجسدي وتخريب ممتلكات الدولة. بعد أن شهدت أروقة الوزارة يوم الاثنين الفائت إشكالاً كبيراً فيما أظهرت الصور التي انتشرت بين اللبنانيين على مواقع التواصل ووسائل الإعلام المحلية، أضراراً مادية لحقت بمقر الوزارة وتكسيراً للأبواب بمخالفة فاضحة للقوانين والأعراف. وقد تبين من جميع الإفادات أن السيدة عكر كانت قد َودعت الموظفين وعادت إلى مكتبها، قبل أن تعود برفقة عناصر الحماية خاصتها وتعطيهم أمرا بخلع باب جناح الأمين العام. وحسب الإفادات، كان شميطلي قد طلب إغلاق الباب الخارجي لجناحه لمنع دخول نجارين استقدمتهم عكر لتركيب باب داخل جناحه، وذلك تفاديا لحصول احتكاك. كما أكد الموظفون في افاداتهم حصول اعتداء من قبل عناصر الجيش، المولجين حماية الوزيرة عكر ما يعتبر خطأ كبير ليس فقط لأنها ممتلكات الدولة بل أيضاً لحدوثه بعد صدور مراسيم تشكيل حكومة جديدة وبعد أن باتت الوزيرة مواطنة عادية غير ذات صفة، ولاستخدامها الجيش المفروز لها لحمايتها الشخصية، على أساس كونها وزيرة للدفاع للإعتداء باستعراض عسكري على وزارة الخارجية في تخط واضح لحدود السلطة واستعمالها بغير موضعها. فائض في التجرؤ ظهر فجأة في وزارة خارجية لبنان، بعد غيابه في وزارة خارجية سوريا.
وهي ليست أولى مخالفات "تجاوز حد السلطة" التي قامت بها الوزيرة عكر، حيث أصدر مجلس شورى الدولة قرارين رسميين بإجماع أعضاء الهيئة الحاكمة قضيا بوقف تنفيذ قرارين اداريين كانت الوزيرة السابقة عكر قد إتخذتهما خلافا للقانون، متجاوزة حد سلطتها أيضاً، وذلك بحق احدى الموظفات الديبلوماسيات السيدة "كوين سلامة" التابعة لسفارة لبنان في روما. في وجه كل قرار مجحف لعكر، صدر قرار لاغٍ له من مجلس شورى الدولة يحملان رقم "332" و"334" أيلول 2021.
وفي تفاصيل قصة "التصرف الأسدي" الأخرى هذه، نجد فائضاً في التجرؤ أيضاً واستقواء بالصلاحيات المحدودة واستغلال لصفتها كوزيرة بالإنابة في حكومة تصريف أعمال من المفترض أن تكون إدارتها محصورة بأطر معينة ولسيرورة العمل الإداري فقط. وإذ بها "أخذت قراراتاً أكبر من حجمها" بحق الديبلوماسية سلامة، لأنها فضحت أمر رئيسة البعثة ميرا ضاهر المحسوبة على عكر ومخالفاتها المسلكية والمالية، فما كان من الوزيرة إلا ان عمدت إلى حسم راتب سلامة واتخاذ قرار باستدعائها الى الادارة المركزية بدل فعل العكس الصحيح، بخاصة أنه كان مجلس شورى الدولة قد حكم مسبقاً بوجوب تنفيذ استدعاء الضاهر (التي تدعمها عكر) إلى الإدارة المركزية نظراً لحجم ارتكاباتها. فحتى عندما استخدمت صلاحياتها، خالفت قرارات شورى الدولة ولم تلتزم بالقانون، وانحازت بشكل فاضح لحساباتها الشخصية، أو الحزبية، مستدعية الموظفة الصالحة تاركةً المرتكبة للمخالفات!
الا أن القضاء قد أنصف سلامة والحق، لما في الملف من وضوح وسطوع للأداء المشين الذي لا يأبه للصالح العام.
من المناسب إذاً في الختام، أن نذكر مجدداً أن الموهبة الحقيقية لـ"البلطجة" و"التشبيح" المعروفة بتصرفات "حزب الوزيرة السياسي" لا تخفى على أحد، وتصرفات "حكم القوي" هذه غير مستغربة عنها. فكل ما سبق متوقع، من أشخاص بخلفيات تروّج لسرديات لا تعترف بقانون أو ببلد. والعنجهية بالتصرفات، تندرج في السياق.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News