شهدت العاصمة السودانية الخرطوم مظاهرات شعبية في مناطق عدة رفضا لتحرك المكوّن العسكري ضد المدنيين، بينما أعلن رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية، في خطوة تلت إجراءات شملت اعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء في حكومته ومسؤولين آخرين، ووصفتها وزارة الإعلام بـ"الانقلاب العسكري المتكامل الأركان".
ففي حي "جبرة" خرجت مظاهرات رافضة لحملة الاعتقالات التي قام بها الجيش، وفي منطقة "الكلاكلة" -جنوبي الخرطوم- انطلقت مواكب (مظاهرات) رافضة لما يسميه المتظاهرون انقلابا عسكريا.
كما خرجت مظاهرات في "شارع الأربعين" بمدينة أم درمان منذ ساعات الصباح الأولى.
وقد انتشرت قوات من الجيش والدعم السريع وما تعرف بحركات الكفاح المسلح، وأغلقت الطرق المؤدية إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية.
وقد نشر ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي صورا لمصابين قالوا إنهم تعرّضوا لإطلاق الرصاص في محيط القيادة العامة.
وقال موقع فلايت رادار المختص في تتبع حركة الطائرات إن رحلات دولية من مطار الخرطوم وإليه توقفت بسبب التصعيد في السودان.
وأظهرت مقاطع فيديو تداولها نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، احتشاد المتظاهرين في محيط المطار احتجاجا على الاعتقالات التي نفذتها القوات الأمنية فجر اليوم، وشهدت المنطقة انتشارا كثيفا لقوات الجيش.
ودعا "تجمع المهنيين السودانيين" إلى كسر حالة الطوارئ بحشود وفعاليات مسائية، ردّا على قرارات البرهان.
وقال التجمع -في بيان- إن البرهان كتب نهايته بيده، وعليه الآن أن يواجه غضبة شعب حررته ثورة كانون الأول من الخوف.
كما دعا البيان لجان المقاومة، والقوى الثورية المهنية والنقابية والمطلبية والشعبية، إلى الوحدة ومقاومة الانقلاب.
ودعا القيادي في "تجمع المهنيين السودانيين" محمد ناجي الأصم إلى المقاومة السلمية لما سماه الانقلاب في السودان. وقال الأصم -في بث عبر مواقع التواصل الاجتماعي- إن من واجب الجميع مقاومة هذا الانقلاب العسكري الذي يريد العودة بالسودان إلى عصر الدكتاتورية، بحسب وصفه.
ودعا عضو "لجنة تفكيك النظام المعزول" صلاح مناع من سماهم "الشرفاء في قوات الشعب المسلحة السودانية"، إلى الانحياز للشعب وتاريخه ونضاله وإلى مدنية الدولة.
وأضاف مناع -في تغريدة- أن الثورة مستمرة والردة مستحيلة، مؤكدا أن الثوار عادوا إلى المكان الذي أسقط (الرئيس السابق عمر) البشير، واليوم سوف يسقط البرهان، على حد تعبيره.
كما قال عضو مجلس السيادة السوداني محمد حسن التعايشي إن ما يحصل في السودان انقلاب عسكري، وأضاف -في تسجيل صوتي- أن على الشعب السوداني مقاومة الانقلاب بالطرق السلمية.
من جهته، قال مكتب رئيس الوزراء السوداني إن قوة عسكرية اختطفت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته، واقتادتهما إلى جهة غير معلومة.
وأوضح المكتب -في بيان- أن القوات الأمنية اعتقلت عددا من أعضاء مجلس السيادة، والوزراء، وقادة سياسيين.
ودعا مكتب رئيس الوزراء الشعب السوداني إلى التظاهر، واستخدام الوسائل السلمية لاستعادة ثورته من أي مختطِف، ووصف ما حدث بأنه يمثل تمزيقا للوثيقة الدستورية، وانقلابا مكتملا على مكتسبات الثورة.
وقال البيان إن حمدوك هو القائد الذي قدّمته الثورة على رأس الجهاز التنفيذي، وأهون عليه أن يضحي بحياته على أن يضحي بالثورة وبثقة الشعب السوداني.
كما قال فاتح عرمان، شقيق ياسر عرمان مستشار رئيس الوزراء السوداني، إن قوة عسكرية اعتقلت شقيقه من منزله. وأضاف -في منشور على صفحته بفيسبوك- أن ياسر عرمان اقتيد إلى جهة مجهولة.
وقد أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية، في خطوة تلت إجراءات شملت اعتقال رئيس الوزراء وأعضاء في حكومته ومسؤولين آخرين، ووصفتها وزارة الإعلام بـ"الانقلاب العسكري المتكامل الأركان".
وفي بيان بثه التلفزيون الرسمي اليوم الاثنين، أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان حل مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء وإعفاء جميع الولاة ووكلاء الوزارات.
كما أعلن تجميد عمل لجنة إزالة التمكين إلى حين مراجعة أعمالها، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام الموقع عام 2020.
وتعهد رئيس مجلس السيادة بالتزام القوات المسلحة بـ"الانتقال الديمقراطي" حتى تسليم الحكم للمدنيين من خلال انتخابات عامة، كما تعهّد بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تستمر مهامها حتى موعد إجراء الانتخابات في 2023.
وقد دان "حزب الأمة القومي" في السودان الاعتقالات التي طالت مسؤولين حكوميين، وقال إن الحزب يدين ما وصفها بالانقلابات التي تشكل انتهاكا للوثيقة الدستورية.
من جانبه، أعلن "حزب البعث السوداني" اعتقال قادة في الحزب، ضمن حملة الاعتقالات التي نفذتها القوات الأمنية فجر اليوم الاثنين.
كما دان "حزب المؤتمر السوداني" حملة الاعتقالات التي طالت وزراء في الحكومة، وقادة في قوى الحرية والتغيير.
وأعلنت نقابة أطباء السودان الإضراب العام في المستشفيات، باستثناء الحالات الطارئة، بعد حملة الاعتقالات التي طالت مسؤولين سودانيين.
من جانبه، أعلن "تجمع المصرفيين السودانيين" دخول موظفي القطاع في إضراب وعصيان مدني مفتوح؛ احتجاجا على الاعتقالات.
وقالت وزارة الثقافة والإعلام السودانية إن قوة عسكرية مشتركة اقتحمت مقرّ الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت موظفين.
وأعلنت وزارة الإعلام السودانية أن إعلان البرهان يمثل استيلاء على السلطة بانقلاب عسكري.
ودعت الوزارة إلى رفض ما وصفتها بالمحاولة الانقلابية، وإلى إطلاق سراح المعتقلين.
ودعت الأمم المتحدة -اليوم الاثنين- إلى الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والمسؤولين الحكوميين والسياسيين الذين تم اعتقالهم، وحثت جميع الأطراف على ضبط النفس والعودة فورا للحوار من أجل استعادة النظام الدستوري.
وقال فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالسودان -في بيان- "أدعو قوات الأمن إلى الإفراج الفوري عن الذين تمّ اعتقالهم بشكل غير قانوني أو وضعهم رهن الإقامة الجبرية، وتقع على عاتق هذه القوات مسؤولية ضمان أمن وسلامة الأشخاص المحتجزين لديها".
ودانت السفارة الأميركية في الخرطوم ما سمتها الإجراءات التي تقوّض الانتقال الديمقراطي في السودان.
ودعت السفارة من سمتهم الفاعلين الذين يعطلون انتقال السودان إلى التنحي، والسماح للحكومة الانتقالية -بقيادة المدنيين- بمواصلة عملها المهم لتحقيق أهداف الثورة.
وأعرب المبعوث الأميركي الخاص للسودان جيفري فيلتمان عن قلقه من تقارير عن سيطرة الجيش على الحكم، وقال إن أي تغيير للحكومة الانتقالية بالقوة سيضع المساعدات الأميركية في خطر.
كما أبدى مكتب الولايات المتحدة للشؤون الأفريقية قلقه إزاء التقارير القادمة من السودان.
ودان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاولة الانقلاب، وأكد دعمه للحكومة السودانية الانتقالية.
ودعت مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى إطلاق سراح جميع القادة السياسيين، والعودة إلى الحوار.
ودعا مفوض السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الشركاء والدول الإقليمية، لإعادة العملية الانتقالية في السودان إلى مسارها.
واعتبرت الخارجية البريطانية أن هناك خطرا متزايدا لاحتمال تدهور الأوضاع في الخرطوم ومناطق أخرى.
وقال وزير الخارجية الألماني إنه يجب إنهاء ما سماها محاولة الانقلاب على الفور.
وأعلنت الخارجية التركية أنها تتطلع إلى تمسك الأطراف كافة في السودان بالالتزامات التي نصّ عليها الإعلان الدستوري، وعدم قطع المسار الانتقالي.
وجاء في بيانٍ للخارجية القطرية أن دولة قطر تتطلع لضرورة إعادة العملية السياسية إلى المسار الصحيح، تحقيقا لتطلعات الشعب السوداني.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار إن شعب السودان يعود إلى الشوارع لحماية الانتقال الديمقراطي.
ودعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المجتمع الدولي إلى الضغط من أجل العودة لمسار الانتقال إلى الحكم المدني بالسودان.
وقبل إجراءات اليوم، كان السودان يعيش منذ 21 آب 2019 فترة انتقالية كان من المفترض أن تستمر 53 شهرا، وتنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام.
لكن، منذ أسابيع، تصاعد توتر بين المكونين العسكري والمدني بالسلطة الانتقالية، بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 أيلول الماضي.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News