فتات عياد - التحري
إذا كانت حياة الإنسان رخيصة في لبنان، نسبة لانحلال مؤسسات الدولة والإستهتار بحقوق المواطنين، فحياة الحيوانات الأليفة ليست أفضل حالاً.
لكن اشتداد الأزمة الإقتصادية في العامين الأخيرين، لا يبرر بأي شكل من الأشكال محاولة التخلص من عبء اقتناء القطط وتشريدها دون مأوى. وأمام هذه التصرفات غير المسؤولة، ظهرت مبادرة صغيرة حاولت حل مشكلة كبيرة -ضمن الإمكانيات المتاحة- فكان فريق من 7 أشخاص يحرصون على إعادة تجهيز هذي القطط صحياً بهدف إعادة تبنيها.
وبدأت الفكرة مع لميس ضاوي وهي طالبة طب بيطري في الجامعة اللبنانية، وهي انطلقت بمبادرة مع فريقها لمساعدة القطط التي تم تشريدها حديثاً، أي ما يعرف بـ"قطط المنازل"، وذلك غذائياً، طبياً، وعلى صعيد المأوى. وتوسعت المبادرة لتطال كذلك قطط الشوارع، عبر تأمين "بيوت صغيرة" لها أو ما يعرف بـ"الملاجئ" shelters، والتي بنيت خصيصاً لوقايتها ظروف الطقس القاسية.
لكن بماذا تتميز هذه المبادرة عن غيرها من مبادرات الاعتناء بالقطط؟ وكيف استطاع فريق صغير، إيواء 25 قطة في غضون شهر واحد. وهل تمويل المشروع- غير الثابت- يقف عائقاً بوجه توسع المبادرة واستمراريتها؟
قطط المنازل... وخطورة رميها في الشوارع!
وبحجة الأزمة الاقتصادية الخانقة، هناك عائلات كثيرة تخلت عن قطتها مؤخراً ورمتها في الشارع بغية التخفيف من مصروفها، دون أي تفكير بالعواقب التي تدفع تلك القطة ثمنها. في الإطار، تقول زينب اسماعيل، وهي إحدى أعضاء الفريق صاحب المبادرة "أستغرب إقدام البعض على هكذا خطوة، لأنه من المفترض أن يكونوا على علم بأن القطط التي تعيش في البيوت لا تستطيع أن تتأقلم في الشوارع". إذ "قد تصل خطورة رميها في الشارع إلى حد موتها بسبب عدم مقدرتها على تأمين طعامها وحماية نفسها، كأن تواجه اقتراب سيارة مسرعة منها أو أي تهديد محدق".
من هنا، تلفت اسماعيل إلى أنّ "هدفنا الأساسي هو جلب هذه القطط المنزلية من الشوارع، ومعالجتها طبياً من إجراء الفحوصات إلى التطعيم... وفق حالة القطة الصحية، لوضعها في حالة "جهوزية" بغية إعادة تبنيها مجدداً من قبل عائلات جديدة".
وهدفت لميس صاحبة الفكرة لإيجاد أشخاص ينقذون القطط ويطعمونها، ليتوسع الفريق شيئاً فشيئاً. في السياق، تعدد اسماعيل أبرز المبادرات التي قاموا بها مؤخراً، وهي "إطعام حوالي 300 قطة في نطاق بيروت"، والعمل على "تجهيز 25 قطة صحياً وتوزيعها على عائلات بهدف تبنيها، وإنشاء 10 بيوت صغيرة أو ملاجئ لقطط الشوارع للاحتماء من الشتاء والبرد، وتثبيت نقاط طعام وماء للقطط في أكثر شوارع بيروت اكتظاظاً بالقطط".
وإضافة للمهام الطبية والغذائية وتأمين المأوى ضمن الشياح ومعوض والأشرفية وبصاليم وبرج حمود والجنوب... تشير إلى أنه "قمنا بمبادرة توعوية قوامها طباعة بوسترات ومنشورات لتذكير أصحاب السيارات بضرورة النظر إلى سياراتهم قبل تشغيلها، لتفادي وجود قطط أسفلها، تفادياً لدهسها عن طريق الخطأ".
على أبواب الشتاء... بيوت تأوي قطط المدينة
ولم تستطع الأزمة الاقتصادية أن تزيل الرحمة من قلوب اللبنانيين الخيّرين. من هنا، وبما أننا على أبواب الشتاء ما يعني أن عدداً كبيراً من قطط بيروت سينام تحت المطر ويواجه العواصف، تشير اسماعيل إلى أنه "أمّنا 10 بيوت صغيرة، كملاجئ، توزعت بين شوارع مونو والحمرا ومعوض ومنطقة بعبدا. وكل منزل منها يتسع لقطتين، وفيه بطانية لتأمين التدفئة لدى تدني درجات الحرارة، وبقربه نقطة للطعام والشراب، نحرص يومياً على إعادة تعبئتها".
ونسأل اسماعيل عن تلك البيوت، لتوضح أنه "تم بناؤها من الصفر، وحرصنا على اختيار تصميم موحّد لها".
فريق متدرب طبياً
وما يميز هذا الفريق عن غيره، أنه بجميع متطوعيه، (بعضهم طلاب فلسفة وصحافة) متدربون طبياً، والخبرة الأكاديمية لمؤسِّسة الفريق، لميس ضاوي، جعلت أعضاءه على مقدرة بمواجهة الحالات الصحية الطارئة التي تتعرض لها قطط الشوارع، من خلال القيام بالاسعافات الأولية ريثما يتم إحضارها للطبيب البيطري.
وصحيح أن كل عضو من الفريق مجهز للقيام بالإسعافات الأولية، لكن اسماعيل لا تنكر أن "إسعافتنا على قدنا" و"بقدر مواردنا المالية إذ أن تمويلنا ذاتي بحت، وقلة قليلة من المتبرعين، يزودوننا بمبالغ، وهي جميعها غير ثابتة.
كي لا تتخلوا عن قططكم... أطلبوا المساعدة!
وتدعو اسماعيل العائلات التي ما عادت قادرة على الاعتناء بقططها نتيجة تراجع القدرة الشرائية، تدعوهم الى التواصل مع الفريق "عبر صفحتنا على انستغرام بعنوان @theanimals.lb" لمساعدتهم في إيجاد حلول لا تعرّض القطط للأذى.
في الإطار، يقدم الفريق خدمات، تندرج بين المساعدات العينية والخدمات الاستشارية. تقول اسماعيل "على صعيد المساعدات العينية، نقوم بتوزيع طعام القطط للعائلات غير الميسورة، بشكل دوري، ووفق إمكانياتنا". أما على صعيد الاستشارة "فنساعد العائلات في تحضير وصفات طعام منزلية من مكونات موجودة في المنزل، وهي وجبات صحية ومكوناتها صالحة للاستهلاك مئة بالمئة".
نقص التمويل كعائق للتوسع
ويهدف الفريق للتوسع بهدف إنقاذ أكبر عدد من القطط في لبنان ومساعدة العائلات على التمسك بقططها. في السياق تقول اسماعيل "نهدف لأن نتسجل رسميا كجمعية"، ونعول على "التوسع في الشق التوعوي، بغية القيام بجولات في المدارس للإضاءة على أهمية الحيوان الأليف وحيّزه ومكانته في حياتنا وفي الطبيعة، وضرورة احترامنا له ولقيمته ولأحاسيسه وتفاعله معنا".
ولا تنكر أن ضعف التمويل "يشكل عائقاً في توسعنا واستمرار مشروعنا، وهذا أكثر ما يشغل بالنا ويحزننا، إذ أنه كلما توسع مشروعنا، كلما حصل المزيد من القطط على الرعاية اللازمة والدفئ والمأوى".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News