"العيد مش إلنا بقى... ما بقى إلنا علاقة فيه"... بهذه الكلمات يصف ويليام نون، شقيق ضحية انفجار مرفأ بيروت جو نون، غصة أهالي ضحايا انفجار المرفأ بغياب أحبتهم في عيد الميلاد للعام الثاني، غياب سبّبه ثالث أكبر انفجار كيميائي في العالم، والذي ضرب العاصمة بيروت وأسفر عن 220 ضحية، وما زالت المنظومة الحاكمة، المتورطة أزلامها بالتسبب به، تعرقل التحقيق فيه.
وفيما كان رئيس الجمهورية الذي علم بوجود نيترات الأمونيوم في المرفأ "trop tard" وفق تعبيره، يتلو "صلواته" أمس الأول على قناة الـoTV بمناسبة العيد، هو الذي كان يقايض ملف التحقيق بانفجار بيروت بمصلحة صهره النائب جبران باسيل في صفقة المجلس الدستوري التي سقطت قبل أن تولد، وفيما كان النواب المطلوبون للعدالة في القضية -هاربون من العدالة- و"يعايدون" اللبنانيين بالعيد، وفيما كُفّت يد المحقق العدلي طارق البيطار عم التحقيق مدة أسبوعين بعد تبلغه متابعة دعوى طلب الرد المقدمة من قبل المدعى عليهما النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل... لم يزر العيد عائلات الضحايا. في الإطار يعلق نون "يعايدون اللبنانيين بالعيد... يتصرفون كما لو أنهم قديسون... وهم للعدالة مطلوبون ويعرقلون سير العدالة".
وطالما أن العدالة في ملف المرفأ لم تصل إلى خواتيمها بعد، طالما أن جرح الغياب يكبر يوما بعد يوم، ما جعل أهالي ضحايا فوج الإطفاء يستذكرون ضحاياهم بشجرة ميلاد "حزينة" كقلوبهم، إلى جانب بقايا من سيارة الإطفاء التي لبى فيها الضحايا العشرة نداء الواجب، قبل انفجارها يوم 4 آب 2020. أما ما بقي للراحلين من ذويهم، فهو الإصرار على تحقيق العدالة. في الإطار يعلن نون أننا "سنبادر بتحرك كبير مطلع السنة الجديدة ولن نكلّ حتى محاسبة المجرمين".
"المجرمين معيدين"
ونون الذي أرسل شقيقه مع 9 من رفاقه في فوج الإطفاء الى الموت، ولم يحرك أحد ممن كانوا يعلمون بوجود النيترات ساكنا لتفادي وقوع المزيد من الضحايا، يعلق على مأساة فوج الإطفاء بالقول "موتة كتير بشعة ومذلة.. شي بيقهر لمدى الحياة".
ومع هذا ما زالت "القُدّاسات الشكلية تحصل في بكركي وكذلك تتلى صلوات الأعياد لدى الطوائف الإسلامية في حين أن المسؤولين يستكملون حياتهم بطريقة طبيعية ويحضرون القداديس والصلوات وهم "معيدين بالعيد".
ورؤية المستدعين للتحقيق الذين يرفضون الامتثال للقضاء، ورؤية كل سياسي معرقل للتحقيق بانفجار المرفأ يمارس طقوس العيد ويعيّد اللبنانيين به حتى تحسبنّ أنه "قدّيس" فيما هو مطلوب للعدالة "أمر يزيد من ألمنا كثيرا كأهالي ضحايا، هذا عدا عن وجعنا من الفقدان".
ولا يخفي نون أنه لو تحققت العدالة "كنا لنتقبل الأعياد بألم أقل، لكن طالما أن المجرمين والطبقة السياسية برمتها ما زالوا يعيشون كأنّ شيئاً لم يكن، وطالما أن القتلة خارج السجون، طالما أن الجرح كبير والسخط أكبر".
مؤتمر لصون التحقيق
وبعد كل الضغوطات التي تعرض لها أهالي الضحايا سواء لناحية محاولات شق صفوفهم عبر ترهيب المنضوين ضمن بيئة الثنائي الشيعي منهم، أو تيئيس البعض الآخر، يحارب الأهالي هذه المحاولات التي لم تثنيهم عن المطالبة بمحاسبة قتلة ضحاياهم عبر إطلاق مؤتمر عن انفجار 4 آب مطلع العام الجديد.
في السياق يقول نون "يأتي هذا المؤتمر بعد تواصلنا مع منظمة حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية"، في محاولة "لحماية التحقيق قضائياً، حتى لو اضطررنا بالاستعانة بلجنة تحقيق دولية لمساندة المحقق العدلي طارق البيطار".
هذا ويذكّر نون السياسيين كيف أنه "تعطلت الحكومة ولم يتعطل التحقيق وذهبتم بنا لسيناريو حرب أهلية عند مداخل الطيونة وبقي التحقيق، والتحقيق باق طالما أن هناك لبنانيون مؤمنون بالعدالة".
في المقابل، يأسف نون من تعامل بعض اللبنانيين مع قضية بحجم وطن كما لو أنها حادث عرضي، فالبعض "اعتاد على الذل وتكيف معه واعتبر أن لبنان لن يتغير فيما هم الذين لا يتغيرون".
ويختم حديثه قائلاً "كنت متشبثاً بالزعيم مثلهم حتى أكلت الصفعة وخسرت أخي وحينها استفقت"، متمنياً "أن يستفيق أتباع السياسيين قبل كارثة أخرى تسببها المنظومة، فخسارة الأحباء صعبة جداً، وعدم الاقتصاص من المجرمين يعني استمرار الجريمة، وهي جريمة مستمرة بحقنا جميعاً، وإيقافها واجبنا جميعنا رأفة بنا وبضحايانا وبوطننا لبنان".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News