"ليبانون ديبايت" - وليد خوري
حسناً، الجميع تقدّم "بعندياته" في قضية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، جاءت رزمة الموفدين ورحلوا، وكلّ كان له هدفه ونواياه ورغبته المُضمرة! وليس من أحدٍ ضنين على مصلحة بلاده في أرضه ومياهه، أكثر من أبناء الوطن بدءاً من العسكري والعامل الكادح والأستاذ والصحافي .
جاؤوا ورحلوا، والثلج قاب قوسين، وسيذوب في مستهلّ الأيام، علّه يذيب الغشاوة عن أعين المسؤولين في هذا الوطن المعذّب، ويتبيّن الخيط الأبيض من الأسود وأن تُبان الحقيقة مهما حاولوا طمسها .
الحقيقة حول الخطّ البحري الحدودي مع العدو الإسرائيلي رقم 23 الذي ندعوه بالباطل، أو الخطّ 29 والذي يُعرف بالحقّ وما بين الحقّ والباطل، أربعة أصابع بين أن نسمع أو نرى... وسنرى، والتاريخ وحده سيكتب بعنوانٍ عريض، أين كان الحقّ وأين الباطل، وقبل ذلك العلماء والخبراء وأصحاب الشأن الذين قالوا كلمتهم وقالوا ما قالوا... لكن ماذا بعد؟
الآن وآذار على الأبواب، والسفينة التي تهمّ بالوصول للبدء باستخراج الغاز من مياه يدّعي العدو إنها تعود له وفي هذه اللحظة المصيرية، واجبٌ على المسؤولين الحقيقيين، أن يتأمّلوا وينظروا بعين الحقّ، ولو لمرّة واحدة أخيرة، ويجروا جردة حساب تبدأ بمحاسبة "كتيبة المستشارين" قبل أنفسهم، والذين اتّخذوا الحصّة الأكبر من قرارات كبرى في هذا الموضوع. نعلم ذلك تماماً، ونعلم أكثر ممّا يعلمون ولا يعلمون، فهم ربما لا يدرون ماذا فعلوا وزالوا يفعلون، بكل ما يتعلّق بمصير هذا الملف، الذي يعني كل مواطن والأجيال القادمة.
فهل حان الوقت ليستفيقوا ويعلنوا ما جنته أيديهم ويحاسبوهم، قبل أن يُحاسبوا بدل هروبهم الى الأمام قبل فوات الأوان، وربما يجب أن يسألوا أنفسهم لآخر مرة، هل استشارات هؤلاء كانت نابعة من حسّ وطني ومصلحة شعبهم، أم توصيات ومصالح وارتباطات، تجلب لهم منفعةً شخصية.
وبالتالي، ما زال الوقت متاحاً لإجراء تعديلاتٍ على المواقف والقرارات المتّخذة سابقا وسلفاً واستلحاق أنفسهم.
ولا بدّ من تقييمٍ جدّي لأفعال هؤلاء، الذين يختلفون بالسياسة ويجتمعون بالمصالح فيما بينهم، على ما لعبوه من أدوار. فهل حان وقت الحساب؟ نعم! ويجب عليكم يا سادة، أيها المسؤولون، تحميل المخطئ منهم ثمن أخطائه بدل التغاضي عما ارتكبه، ولا تخافوا أن يُكشف المستور المؤلم ، فأن تألّمتم مرّة ،أفضل من أن تتألّموأ طويلا ويتألّم شعبٌ بأكمله جراء مكابرتكم وظلمكم.
هل سألتم أنفسكم يوماً أو تساءلتم كيف نبيع عدواً؟ وبأي ثمنٍ بخسٍ نبيع؟ ولا بدّ من عرض هؤلاء على المحاسبة إن أخطأوا بطبيعة الحال في قضايا ذات بعدٍ وطني، لأن التاريخ يُحاسب الرجال والولاة، ولا يحاسب الأدوات. أنتم من يجب أن يحاسب هؤلاء، وهذه هي اللحظة المناسبة للحساب.
الفرصةُ متاحةٌ للتفكير في المواقف المتّخذة، والعمل على إدخال تعديلات عليها فوراً، والعودة إلى الأصل و العقل، وليس عيباً على المسؤول أن يعيد ترتيب أولوياته، بحيث تتلاءم والأهداف الوطنية التي يعمل على تحقيقها بطبيعة الحال.
ولا بدّ خلال الفترة المفتوحة تلك، التي تسبق عودة المسؤولين الأميركيين، أن تكون الصورة قد تبلورت من خلال ما تقدّم وما سيتقدّم، ولا بدّ أن تُؤخذ على محمل حسن، ولم لا؟ إعادة تقييم المواقف عبر الإستفادة من جرعات الخبراء الوطنيين في المجال، وليس عيباً تقييم أي اعوجاج .
والكشف عن جذور التدخلات السلبية إن وُجدت، واجبٌ وطني لا ينتقص أبداً من سيادة أي مسؤول عن القرار، بل يزيده احتراماً ومسؤولية.
إننا أمام لحظةٍ مصيرية بالفعل، تحتاج إلى رجالاتٍ من أصحاب البصائر وأهل المصائر و العلم، الشجعان الذين لا يهابهم شيء. نحتاج إلى إعادة دوزنة المواقف قبل حلول الضيف الأميركي، وإجراء مراجعات حول كلّ ما سبق، هل يأتي في خدمة المصلحة الوطنية العليا أم لا؟ هل ثمة منفعة من إجراء أي تحديث أم لا؟
عند هذه النقطة، من الواجب إعادة الإنطلاق، وها نحن ننتظر بفارغ الصبر.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News