ليبانون ديبايت- وليد خوري
أصبح عُرفاً أن يُسقط اللبنانيون أي اتفاقٍ خارجي على أزماتهم الداخلية، والرهان عليه لإيجاد مخرج، تماماً كحالة الإتفاق السعودي ـ الإيراني الأخير، إذ ضاع اللبنانيون في تفسيره: هل يؤتى منه حلولاً لمعضلة الرئاسة، أم أنه مجرّد اتفاق خارجي لا أفق داخلياً له؟
الضياع في التفسيرات ساد عند الجميع. ففي حين نشطت ماكينة قوى 8 آذار في تفسيره على نحو أنه يأتي بفائدة على مرشّحها لرئاسة الجمهورية رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية، عملت القوى المعارضة، على درس مدى احتمال شمول الإتفاق ملفات خارجية، قد يكون من ضمنها الملف اللبناني، وهو ما تسبب بضياع سياسي لديها، يمكن تفسيره بفقدانها القدرة على التواصل مع الطرف السعودي لاستبيان موقفه والبناء عليه.
وما زاد الوضع غموضاً، إلغاء السفير السعودي في بيروت وليد بخاري، موعداً مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، كان محدداً الثلاثاء، ويتوخّى منه توفير بعض الإجابات، ثم سفره فجأة إلى الرياض, وشاع أن السفير غادر على وجه السرعة بعد استدعائه من قبل خلية الأزمة السعودية المعنية بمتابعة الملفات اللبنانية، وربما لاستفهامه حول الأجواء الداخلية اللبنانية، ومدى جدية ترشيح القوى الموالية للثامن من آذار لفرنجية.
غير أن الثابت في كلّ ما تقدم، وفقاً لما قالته مصادر واسعة الإطلاع لـ"ليبانون ديبايت"، إن الإتفاق السعودي ـ الإيراني، لم يرتقِ بعد إلى مرتبة التحوّل إلى "تسوية سياسية تُنشد حلاً لعدة ملفات من بينها الملف اللبناني"، وإن ما حصل مجرّد استعادة للعلاقات الديبلوماسية وتبادل السفراء في موعد أقصاه الشهرين، أي عملياً الإنتقال في المفاوضات من العواصم المحايدة إلى مربّع الرياض ـ طهران، من أجل فتح النقاشات في الملفات كافة، وعلى رأسها الملف اليمني المهم جداً بالنسبة إلى السعودية.
وعملاً بما تقدم، لا يمكن التماس أي حلول لبنانية داخلية، ربطًا بهذه المعلومات، إنما فقط تبريد للساحة اللبنانية عملاً بمبدأ التبريد المتبّع من قبل الجانبين السعودي والإيراني، حيث يستفيد لبنان من هذه الخطوة، لكن لا تسوية حتى الآن، وهو ما سبق وأشار إليه الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله.
أصحاب مبدأ الإستفادة من الأجواء الإقليمية الباردة، كانوا قد عكسوا توقعاتهم وأسقطوها على لقاء السفير البخاري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة خلال نهاية الأسبوع الماضي، وما تبعه من مواقف أطلقها بري خلال لقاءاته اللاحقة، لعلّ أهمها ما ورد خلال استقباله أعضاء نقابة المحرّرين، حيث أعاد التذكير بأدوار فرنجية، كمرشح رئاسي جامع، يجمع ولا يفرِّق، قادر على نسج علاقات مع قوى مختلفة، ويمكنه التخفيف من التوتر الإسلامي ـ المسيحي، وهو حريص على وحدة البلاد ويلتزم باتفاق الطائف والعلاقات مع الدول العربية، وقادر على التواصل مع الجميع، ملمّحين إلى كون برّي انطلق في سرد مواصفات فرنجية للإجابة على مواصفات كان قد أبلغه إياها البخاري، تجدها السعودية وشركائها ضرورية في تحديد هوية أي رئيس مقبل.
غير أن الصحيح، أن بري الذي سمع من البخاري كلاماً آخراً يتعلّق بالمواصفات دون الدخول في الأسماء، أراد من خلال ما قاله عن فرنجية، أن يُسقط عليه مواصفات السفير، لعلمٍ لديه أن تلك المواصفات ما هي سوى مواصفات مطلوبة دولياً، ويتولى السفير السعودي تسويقها في لبنان، لذا، اعتمدَ بري المبدأ ذاته في محاولته تسويق فرنجية أمام الخارج، للقول أنه يتمتع بمروحة علاقات واسعة مع مختلف القوى الداخلية، ومنفتح على العلاقة مع الدول العربية، لا سيما الخليجة منها، أو بكلام آخر لـ"دَفش" فرنجية إلى واجهة المفاوضات.
وكان كلام بري، مدار تساؤلات من جانب العديد من السفراء المعتمدين في بيروت، وقوى سياسية أساسية، في محاولة منهم لقراءة محاولته وما يرمي إليه تحديداً، وهل هو منسّق مع قوى أخرى حليفة (حزب الله) أم لا؟ وهل تنمّ عن محاولة أخيرة لتسويق الرجل؟، أم أنه ينوي فتح بازار التفاوض على الأرض؟ وفي رأي المصادر، إن ما رمى إليه بري، هو توسيع حضور ودور فرنجية، بعدما لمس من أجواء السفراء، اقتراب مرحلة البحث الجدي عن الرئيس.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر متابعة، إن فرنجية بادر سريعاً إلى تهدئة خطوته المتمثلة في الإعلان عن ترشيحه بشكل رسمي وإطلاق مشروعه السياسي، حيث بات يفضل انتظار ما سيخرج من الإتصالات السعودية – الإيرانية، ومروحة الإتصالات الفرنسية، ونتائج المحاولات التي يتولاها بري بعيداً عن الإعلام.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News