التحري

الأربعاء 12 نيسان 2023 - 17:11

قانون الشراء العام في خطر المتضررون منه متربصون على جبهة تعديله والاصلاحيون بالمرصاد.

placeholder

لمياء مبيض تُعدّد مخاطر اقتراحات التعديلات المقدمة من نواب .

- غادة عيد:

مقاولون ومنتفعون من الفساد ووزراء واحزاب ارادوا الدفاع عن مصالحهم الذي يحول دونها قانون الشراء العام الجديد الذي اصبح ساري المفعول اواخر تموز الماضي بعد جهود دؤوبة . هؤلاء لجأوا الى النواب للتعديل.
يعتبر الخبراء الذين ناضلوا وسعوا الى اعتماد الحوكمة كأساس للاصلاح الحقيقي في لبنان ان قانون الشراء العام هو قانون إصلاحي بامتياز، أعاد لبنان إلى الخارطة الدوليّة لناحية التمسّك بالمعايير والمبادئ التوجيهيّة التي تُطبق عالمياً في مجال الشراء العام، وعند القيام بأيّ اصلاح لمنظومة الشراء العام مبني على المعطيات والتحاليل المقارنة وإشراك كافة الجهات المعنيّة.
وهذا القانون جزء لا يتجزأ من السلة التشريعيّة لمكافحة الفساد في لبنان الى جانب.
- قانون حق الوصول إلى المعلومات 28/2017،
- قانون حماية كاشفي الفساد 83/2018،
- قانون مكافحة الفساد وإنشاء الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد 175/2020،
- قانون التصريح عن الذمة الماليّة والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع 189/2020.

يُعدّ إصلاح الشراء العام أحد الركائز السبعة للإستراتيجيّة الوطنيّة لمكافحة الفساد في لبنان التي أقرّها مجلس الوزراء في أيار 2020.

ويأتي قانون الشراء العام في إطار تنفيذ التزام لبنان باتفاقيّة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) التي صادق عليها عام 2009، وتحديداً المادة 9 منها التي تنصّ على خارطة طريق لتعزيز النزاهة في الشراء العام.

- مبيض:

تعتبر نائبة رئيسة لجنة الامم المتحدة للخدمة العامة لميا مبيض ان قانون الشراء العام ليس نصاً يتيماً، هو أداة إصلاحيّة سياساتيّة بيد الدولة اللبنانيّة لتحمي مصالحها ومصالح مواطنيها وتستعيد ثقة المجتمع الدولي بأدائها وجديّتها على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها للخروج من الأزمة. وتضيف

- مبيض:

في تقرير صندوق النقد الدولي Article 4, April 2023 حول الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، تمّ التأكيد مجدداً على "وجوب تنفيذ قانون الشراء العام الذي أصبح نافذاً، والذي يتماشى مع أفضل المعايير الدوليّة، على الفور، بدءًا من قيام هيئة الشراء العام بكافة الوظائف المنوطة بها قانوناً، وانشاء المنصة الإلكترونيّة المركزيّة". أتى هذا التأكيد من الصندوق ليبني على الإتّفاق المبدئي على مستوى الموظفين الموقّع بين الدولة اللبنانيّة والصندوق في نيسان 2022 لتعزيز أطر الحوكمة ومكافحة الفساد وتفعيل الإنفاق العام من أجل استعادة الثقة المجتمعيّة في السياسات الحكوميّة وتعزيز النمو الشامل.

- اقتراحات التعديل
عن التعديلات المطلوبة في الاقتراحات المقدمة من النواب.

تقول مبيض:

في ظلّ تدهور غير مسبوق للوضعين المالي والاقتصادي وتراجع الثقة بلبنان وبقدرته على تنفيذ إصلاحات هيكليّة جوهريّة للنهوض بالدولة ومؤسساتها، سوف يأتي تعديل قانون الشراء العام على النحو المطروح في الاقتراحات المقدّمة الى المجلس النيابي ليؤكّد على عدم جديّة المشرّع في السير بإصلاحات شرّعها المجلس النيابي منذ أقلّ من 8 أشهر وحصدت صداً إيجابيّا دوليّاَ، وسيعطي إشارات سلبيّة للمجتمع الدولي والمانحين والمستثمرين، وسيفقد المواطن الذي يُشرّع باسمه أيّ أمل باستقامة الأمور.
بالتالي، وفي سياق الجلسة المخصصة لعرض الاقتراحات المقدّمة لتعديل قانون الشراء العام 244/2021، ترى مبيض أنّ الاقتراحات الوحيدة المقبولة (وهي عبارة عن تحسينات لتسهيل التطبيق تم درسها من قبل واضعي القانون) هي تلك التي وردت في المادة 119 من قانون الموازنة العامة قبل ابطالها من قبل المجلس الدستوري (كون المجلس الدستوري اعتبرها جزءاً من فرسان الموازنة التي ابطلت كلياً)، وهي التالية:

نعتبر أنّ الاقتراحات الوحيدة المقبولة (وهي عبارة عن تحسينات لتسهيل التطبيق تم درسها من قبل واضعي القانون) هي تلك التي وردت في المادة 119 من قانون الموازنة العامة قبل ابطالها من قبل المجلس الدستوري (كون المجلس الدستوري اعتبرها جزءاً من فرسان الموازنة التي ابطلت كلياً)، وهي التالية:

1. تعديل المادة 46 (شروط الإتّفاق الرضائي) بإضافة فقرة سادسة اليها تسمح بالتعاقد رضائياً مع المستشفيات والمراكز الطبيّة والمختبرات.

2. تعديل الفقرة الاولى والثالثة من المادة 101 (لجان الاستلام: تشكيلها ومهامها) بحيث تسمح باستكمال تشكيل لجان الاستلام من أعضاء المجلس البلدي في حال عدم وجود او نقص بعدد الموظفين في البلديات، على أن تطبّق عليهم آليات وشروط المادة 101 من حيث مهل التشكيل والتدريب.

3. تعديل المادة 60 (اجراءات الشراء بالفاتورة) بحيث يمكن الاكتفاء ببيان موقع من أصحاب الحق يتضمن تفصيل الخدمات او اللوازم او الأشغال عند تعذر تقديم فاتورة، كما يمكن الاكتفاء بعرض واحد عند تعذر تأمين عرضين. وتعتبر مبيض ان اقتراح اعادة التصنيف المقدّم من النواب علي حسن خليل وجهاد الصمد وآلان عون ذو مخاطر عالية:

فقد ألغى القانون 244 التصنيف في الفقرة الثانية من المادة 114 لتعارضه مع المعايير الدوليّة (المنافسة والفعّاليّة) واستبدله بالتأهيل المسبق للعارضين بحسب احكام المادة 19 من القانون نفسه.
إن الاقتراح المقدّم منهم والذي يعطي هيئة الشراء الدور في وضع معايير التصنيف بالاشتراك مع الجهات المعنيّة يقوّض استقلاليّة الهيئة والجهات الشارية.
فهو يتعارض حكما مع جوهر دور هيئة الشراء العام كجهة رقابة واشراف، تقوم بعملها بشكل محايد دون التدخل في العمليات التنفيذيّة، ويخلط الأدوار ويضيّع المسؤوليات في حال حصول أخطاء أو تجاوزات في عمليات التأهيل المسبق، إذ قد تتذرع الجهات الشارية بدور هيئة الشراء العام للتهرب من المسؤوليّة، كما يتعذّر على الجهات المتضررة إبلاغ هيئة الشراء العام في حال وجود تجاوزات أو أغلاط كونها شريكا في وضع المعايير.
وتعتبر مبيض ان هذا الاقتراح وضع بضغط من نقابة المقاولين
وهو غير مقبول دوليّا لانه يحصر المنافسة بقلّة من المقاولين ويفتح الباب للاستغلال ويخالف جوهر المبادىء ال ٨ للقانون وقد استبدله المشرّع بالتأهيل المسبق بحسب كلّ عمليّة شراء.
بالنسبة للاقتراح المقدم من النائبين هادي ابو الحسن والسيد بلال عبدالله بحصر القانون بـبلديات مراكز المحافظات دون غيرها" أيضا تعتبر مبيض ان هذا الاقتراح سيّء لأنه يقوّض مبدأ "الشموليّة" ويفتح الباب للاستثناءات.
علما أن البلديات الصغيرة تأقلمت مع القانون الجديد بعد أن تعرّفت عليه وتدرّبت على تطبيقه وهي الأقل تأثرا به لأن عمليّات الشراء لديها صغيرة جدّا. كما ان هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل كانت قد اصدرت رأيا واضحا بهذا الخصوص.
وتضيف :تعاني هيئة الشراء العام من نقص في القدرات القياديّة والموارد البشريّة، اذ لم يعيّن أعضاؤها بعد وهي حاليّاً مؤلّفة من رئيس فقط، كما لم يجر تعيين كادرها البشري وإعطاؤها الإمكانات الماديّة والتقنيّة اللازمة للقيام بالمهام الموكلة إليها.
كذلك لم تستحدث هذه الهيئة بعد المنصّة الإلكترونيّة المركزيّة التي ينص عليها القانون حتى الآن، مما يُغرقها في عمليات متعددة ومرهقة لكي تتمكن من تنفيذ القانون بما هو متوفّر لديها من موارد.
وفي هذا الاطار عمل معهد باسل فليحان جاهدا خلال عام ونصف (نيسان 2021- آب 2022) للاستحصال على هبة من صندوق متعدّد المانحين، بإدارة البنك الدولي، لإنشاء وتشغيل المنصة الإلكترونيّة المركزيّة لصالح هيئة الشراء العام ودعماً لها في المرحلة الأولى من إنشائها نظراً لمحدوديّة مواردها. إلّا أنّ الحكومة لم تعطِ الموافقة على استلام هذه الهبة بحجة أنّ الهيئة هي الجهة المعنيّة بإدارة أموال الهبة، مما أدّى إلى خسارة فرصة تمويل بقيمة 570,000 دولار أميركي لتكون المنصة الإلكترونيّة المركزيّة جاهزة كأداة أساس لتطبيق قانون الشراء العام، والتي لو أنشئت في الوقت المخطّط له لكانت ضمنت أعلى معايير الشفافيّة في تطبيق القانون ولكانت محاولات الالتفاف على أحكامه ومبادئه قد كشفت لكافة الجهات المعنيّة الكترونيّا، وتمّت معالجتها وفقاً الأصول.
نتيجة هذا الإخفاق، تقوم هيئة الشراء العام حالياً بتلقّي المعلومات من الجهات الشارية ونشرها على موقع الكتروني بطريقة يدويّة بدائيّة تفتقر الى الرقمنة، وهو أسلوب لا يتيح تخزين المعلومات والبيانات حول عمليات الشراء واستخدامها وتحليلها وإتاحة الوصول إليها بشكل مفتوح وتلقائي من قبل الجهات المعنيّة. هذا الواقع يعيق تنفيذ مهام هيئة الشراء العام لجهة معالجة وتحليل المعلومات الخاصة بعمليات الشراء العام، ووضع وإصدار معايير الأداء وتحرير تقارير تحليليّة وإحصائيّة ونشرها.
وتشدُد مبيض على التقيد بالمبادئ التوجيهيّة للقانون عند اقتراح أيّة تعديلات عليه، وبخاصة:

1. مبدأ الشموليّة هو مبدأ أساس اعتمده المشرّع لتفادي تعدّد النصوص القانونيّة والأحكام التي ترعى الشراء العام. وهو أساس في مكافحة هدر المال العام وحسن الرقابة على الإنفاق إذ أنّ أيّ استثناء من تطبيق احكام قانون الشراء العام بحجة عدم جهوزيّة الجهة الشارية أو إعطاء صفة العجلة والطوارئ لطبيعة الشراء يعني فتح باب الاستثناءات واسعا، والعودة الى منهجيّات عقيمة اثبتت دورها في تثبيت الانتقائية والهدر المقونن، وهذه الممارسات (أي الاستثناء) مخالفة للمعايير الدوليّة.
تجدر الإشارة هنا الى أن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل قد ردّت طلب بعض البلديات التي طالبت باستثنائها من تنفيذ القانون 244/2021 في استشارتها رقم 2023/98 تاريخ 2023/2/18.

2. مبدأ الفعاليّة والمنافسة ومبدأ الشفافيّة ومبدأ المساءلة مبادئ تتكامل مع بعضها البعض. فتطبيقا لهذه المبادئ تحديدا وعملا بالمعايير العالميّة، ألغى المشرّع الموافقات المسبقة واستبدلها بممارسة أكثر حداثة ألا وهي العلنيّة وذلك لكي تصبح المساءلة ممكنة مع الحفاظ على مبدأ الفعّاليّة. ونحن نلفت الانتباه الى ضرورة احترام هذه الفلسفة وعدم المسّ بمبدأ الفعاليّة.

3. مبدأ المنافسة الذي ينص على فتح باب المنافسة وتأمين تكافؤ الفرص بين جميع العارضين، أي عدم التمييز بين عارض وعارض، وعدم وضع الشروط التي يمكن أن تُعيق فرص مشاركة العارضين في عمليات الشراء، أكانوا لبنانيين أم أجانب من خلال آليات مرفوضة دوليّا مثل التصنيف أو الموافقات المسبقة أو وضع شروط مُلزمة لمشاركة الشركات الأجنبيّة وغيرها من الممارسات التي تقلّص نوافذ المنافسة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة