جان الفغالي - نداء الوطن
مَن يجمع أوراق العمل الإصلاحية منذ بداية الحرب اللبنانية عام 1975، حتى اليوم، يجد نفسه أمام مجلدات هائلة تحتاج العودة إليها، لترتيبها وقراءتها، سنوات، فكيف لاستخلاص العِبر منها والخروج بورقة واحدة يوافق عليها الجميع؟
مناسبةُ هذا الكلام، الورقة التي يُعمَل عليها بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والحاج وفيق صفا، رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله»، الخطوط العريضة وضعها باسيل، والكرة في ملعب صفا. ولكن قبل دخول «معترك النقاش»، لا بد من طرح السؤال التالي: هل الرئاسة «طبخة» أو «صفقة»؟ هل يكفي الوصول إليها لقاء في ميرنا الشالوحي أو البياضة أو اللقلوق أو حارة حريك؟ ماذا عن الآخرين؟ هل سيُقال لهم: «اتفقنا، ابصموا»؟ ماذا عن المختارة ومعراب والصيفي وبيت الوسط وأمكنة أخرى؟ ماذا عن سائر الأحزاب والقوى والمستقلِّين؟ والأهم من كل ذلك، ماذا عن «اتفاق التقاطع» على إسم المرشح جهاد أزعور؟
إذا وصلنا إلى أيلول، موعد اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة، بعدما يكون الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جان إيف لودريان، قد عاد من إجازته، فكيف ستتعاطى اللجنة مع هذا المعطى المستجد، أي حوار باسيل - صفا؟ هل ستأخذه بالاعتبار؟ أو تتجاوزه؟ ماذا يعني أن تأخذه بالاعتبار؟ وماذا يعني أن تتجاوزه؟ ولنفترض أنّ اللجنة الخماسية توصّلت إلى شيء ما، فكيف سيتلقفه حوار باسيل - صفا؟
يقول رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إنّ هذا الحوار ما زال في بداية الطريق، «صادقٌ» في ما يقول، فالمهم في هذا الحوار أن يستمر إلى ما بعد العاشر من كانون الثاني 2024، تاريخ بلوغ قائد الجيش العماد جوزاف عون سن التقاعد، فيكون باسيل، بذلك، قد بلغ به الوضع أن يقبل برئيس «تيار المردة» سليمان فرنجيه، شرط إبعاد جوزاف عون، رفضاً أو تقاعداً؟
ولكن، هل يؤمَل أنْ توصِل الأوراق المتطايرة بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، إلى شيء ما؟
تعلمنا التجارب أنّ الكثير من الأوراق كانت تُطرَح للمناورة، لمعرفة طارحيها أنّ بنودها صعبة التحقق: من»البرنامج المرحلي للحركة الوطنية» في «حرب السنتين»، 1975-1976، إلى ورقة «لجنة البحوث والدراسات في الكسليك» إلى معظم الأوراق التي طرحتها الأحزاب والمرجعيات الدينية. ما يُطرَح اليوم لم يأتِ من المريخ، بل سبق أن طُرِح من أكثر من جهة وفي أكثر من مناسبة. مَن يراجع محاضر الحوار في جنيف ثم في لوزان، بين عامي 1983 و1984، يكتشف أنّ الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميِّل قدّما ورقة عمل واحدة مفصّلة، يطالبان فيها بالنظام الفدرالي في لبنان، منذ أربعين عاماً ذهبا أبعد من «اللامركزية الادارية والمالية الموسعة»، وفي ذلك التاريخ رفضها الرئيس نبيه بري الذي كان مشاركاً في المؤتمر، فكيف سيقبل اليوم بما رفضه منذ أربعين عاماً؟
كان يقال: «النفوس قبل النصوص»، المشكلة اليوم ليست في النصوص، لأنّها كثيرة وموجودة في مراكز الدراسات والأبحاث والمكتبات الجامعية، ولا في النفوس، لأنّ النفوس الصادقة موجودة ومتوافرة، شرط إعطاء دورٍ لها. المشكلة في «اللصوص» الذين يستبيحون كل شيء، وهم موجودون في السلطة وفي المنظومة المتوارَثة من بعد الطائف، والذين يعارضون اي إصلاح، وطبقة «اللصوص» هذه، هي التي يفتَرض اجتثاثها، كشرط مسبق، وقبل الحديث عن نظام جديد وآليات جديدة لتطبيقه.
ما لم يتم «قبع» اللصوص، عبثاً مراكمة «النصوص»، فمنذ متى كانت المشكلة في النقص في النصوص؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News