"ليبانون ديبايت"
أكثر من 400 قتيل في 24 ساعة في غزة التي يواجه أهلها عملية حصار وتدمير ممنهج، فيما تنطلق بالتوازي مسارات تفاوض يقودها أطراف إقليميون على خطين :الأول وقف النار والثاني إطلاق الأسرى لدى حركة "حماس"، فهل باتت غزة متروكة؟ يجيب الكاتب والمحلل السياسي داوود ابراهيم، أن التدمير والحصار ومنع الوصول إلى مصادر الكهرباء والماء والغذاء، هي سلوكيات تواصل إسرائيل اعتمادها"، معتبراً أن " توقفها رهن بضغط المجتمع الدولي ولا سيّما واشنطن التي وفّرت لها التغطية.
ويلاحظ المحلل ابراهيم في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت" أن "المزاج الشعبي الغربي، عبر التظاهرات الشعبية في أميركا وفرنسا وغيرها من الدول، التي بدأت تضغط على صانعي القرار، فالدول التي ستشهد انتخابات على مستويات مختلفة لا يمكنها إلاّ أن تسمع لناخبيها".
وأمّا على صعيد المفاوضات الجارية عبر أطراف أخرى، فلا يعتقد ابراهيم، أن إسرائيل أو الولايات المتحدة ستفاوض "حماس"، ولكن التفاوض ممكن عبر وسيط، ومن المهم أن تؤدي هذه المفاوضات إلى حفظ الأرواح ووقف الحرب وهذا ما تطالب به غزة حالياً، ومن بعدها يمكن أن تدخل المفاوضات في التفاصيل المتصلة بعملية تبادل الأسرى والمعتقلين من الجانبين، على أن الرهان هو أن تكون الدماء التي بذلت سبباً لوضع حدّ لهذه الحرب بوضع مشروع مبادرة السلام العربية على الطاولة، وتكون مناسبة للعمل الجدي على مشروع حلّ الدولتين.
وعن الجبهة الجنوبية وما إذا كانت على مشارف حرب استنزاف طويلة الأمد، في ضوء التباينات الأميركية الإسرائيلية حول الحرب البرية، يشير ابراهيم إلى أن وضع الجبهة الجنوبية وسخونتها مرتبط بموضوع الهجوم البري على غزة، فهو قبل التهديدات بالغزو وقبل الغطاء الأميركي وإرسال البوارج الحربية وحاملات الطائرات، كان الوضع ضمن إطار قواعد الإشتباك وفي مناطق محددة، ولكن وبعد التهديدات التي وصلت إلى "حزب الله" والحديث عن مصلحة إيرانية بعدم التصعيد على خلفية القنوات المفتوحة مع واشنطن والتي أعقبت إطلاق مبالغ مالية كانت واشنطن تمنع طهران من التصرّف بها، جاء رد الحزب، بتوسيع دائرة أهدافه عند الحدود الجنوبية، وأعقبه حديث وزير الخارجية الإيراني عن عدم السماح باستفراد حماس وأن المبادرة بيد الأمين العام للحزب.
وفي هذا المجال، يلفت ابراهيم إلى محاولة الضغط على لبنان بموضوع التنقيب على النفط والغاز والحديث عن عدم وجود مكامن ثم التراجع عن هذه الكلام، معتبراً أن "كلّ هذا تم التعامل معه من قبل الحزب على أنه محاولة ابتزاز، في ضوء ما سُمع في الكواليس بأنه إن لم يكن من غاز في البلوك رقم 9 فلن يكون من تصدير للغاز من كاريش، وبالتالي هي لعبة عض أصابع، فإن تراجعت إسرائيل عن حشودها لتنفيذ عمل بري ضد غزة فإن حدة التصعيد جنوباً يرجح لها أن تتراجع أيضاً".
وعلى مستوى الإرتدادات على لبنان، يلاحظ ابراهيم أنه قبل المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل ضد مستشفى المعمداني، كان الإنقسام في الشارع اللبناني والعربي أكبر بين مؤيد لفتح الجبهات ورافض له، ومع تواتر الأخبار وانتشار صور المجازر والضحايا وحجم المأساة، ومع الإحساس بالعجز والخشية من أن يكون لبنان والحزب تحديداً هو الهدف التالي، أصبحت الأصوات الداعية لفتح الجبهات أكبر في الشارع العربي، حتى أن بعض العرب يخرجون على الشاشات ويطالبون الحزب دون غيره بمساندة أهل غزة، وهذا التطور في ظلّ اندفاع أو تفهّم البعض لانخراط لبنان في الحرب، يمكن أن يتحول إلى جبهة مفتوحة، لا تقتصر على السماح لحماس أو الجهاد بإطلاق الصواريخ".
وبالتالي يضيف ابراهيم أنه "إذا تبيّن للحزب أنّ اللحظة مناسبة لتغيير قواعد اللعبة مع انهيار الأسواق المالية في إسرائيل وتزايد رغبة المستوطنين بالعودة إلى البلاد التي جاؤوا منها، أظنّ أننا قد نشهد حرباً مفتوحة وبشكلٍ لم يتوقّعه أحد".
ورداً على سؤال عن أهداف الحراك الديبلوماسي في بيروت، وما إذا كان يتركز على موقف الحزب أم على فتح الجنوب امام تنظيمات فلسطينية لتنفيذ العمليات، يقول ابراهيم إن الموفدين الغربيين والذين يتواصلون مع المسؤولين في لبنان، على يقين بأنّه لا يمكن لأي فصيل فلسطيني أن يتحرّك من لبنان من دون غضّ نظر أو مباركة من الحزب، بالتالي المسألة هي عند الحزب، ومحاولة سبر أغوار واستطلاع ما يمكن أن تكون عليه خطوة الحزب التالية، وحدودها وطبيعتها، من دون الوصول إلى جواب شافٍ.
كما أن ما يحصل على الجبهة الجنوبية من أعمال حربية تكبّد العدو الإسرائيلي خسائر فادحة وتدفع سكان المستعمرات الإسرائيلية إلى النزوح، بالتالي هذه الضغوطات عند الحدود مع لبنان وعند الحدود مع قطاع غزة يضاف إليها ما يترتّب عن هذه الحرب من أضرار اقتصادية ومالية وضرر بالصورة الإسرائيلية، تشكل معطيات لا بدّ أن تلجم إسرائيل وإلاّ فإنّ موجة الجنون ستشعل المنطقة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News