من هي كامالا هاريس؟ هل هي أول امرأة أميركية من أصول إفريقية (تعمل كمدعية عامة في سان فرانسيسكو) كما وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في العام 2008؟ أم أنها أول أميركية هندية (تُنتخب لمقعد في مجلس الشيوخ) كما تداولت الأخبار في العام 2016؟ أم أنها فقط أميركية من أصول آسيوية؟
بالإضافة إلى العرق؛ هل تعتبر نفسها سيدة سوداء أم ملونة؟ وبالطبع؛ ليس للون نفسه، بل للألقاب التي حازتها باعتبارها أول سيدة سوداء تفعل كذا، أو أول سيدة ملونة تدخل كذا. وماذا عن دينها؟ هل هي هندوسية كأمها، أم مسيحية كأبيها، أم ربما يهودية كزوجها وأبنائه؟
ربما كانت الألقاب تمر مرور الكرام سابقاً، لكن الآن لم يعد الأمر كذلك، مع احتمالية أن تكون هاريس المرشحة الرسمية للحزب الديمقراطي في الانتخابات الأميركية، بعد تسمية الرئيس الحالي جو بايدن لها لتكون خليفته في الترشح للمنصب.
كامالا هاريس، البالغة من العمر 59 عاماً، هي أميركية من أصول جنوب آسيوية (من ناحية الأم).
إذ وُلدت في أوكلاند بولاية كاليفورنيا في 20 تشرين الأول 1964 لوالدين مهاجرين.
والد هاريس، دونالد، وُلد في جامايكا (جزيرة في البحر الكاريبي) وانتقل إلى الولايات المتحدة للحصول على درجة الدكتوراه، ثم درس في جامعة ستانفورد، حيث يشغل الآن منصب أستاذ فخري.
أما والدتها، شيامالا جوبالان، فهي هندية (آسيا)، وقد درست في جامعة بيركلي بعد تخرجها من جامعة دلهي بالهند، وقضت حياتها المهنية تعمل في مجال أبحاث سرطان الثدي، قبل أن تتوفى في العام 2009.
عرف الزوجان بعضهما بسبب نشاطهما في ملفات الحقوق المدنية، لكنهما انفصلا في العام 1969 عندما كانت هاريس في الخامسة من عمرها.
هاريس تعتبر نفسها مسيحية معمدانية، رغم تنوع أديان عائلتها. فوالدها مسيحي، ووالدتها هندوسية، أما زوجها وأبناءه يهوديو الديانة، كما أشار موقع USA Today الأميركي.
عندما كانت طفلة، كانت تحضر الصلوات في كنيسة المعمدانيين السود، ومعبد هندوسي، لكنها اندمجت مع المسيحية أكثر من الهندوسية، إذ تحضر هاريس الآن الصلوات في الكنيسة المعمدانية الثالثة في سان فرانسيسكو.
وقالت هاريس في مقابلة مع Interfaith Youth Core إن "رحلتها الإيمانية" بدأت عندما كانت صغيرة.
إذ قالت: "في أيام الأحد، كانت والدتي تُلبسني أنا وأختي مايا أفضل ما لدينا وترسلنا إلى الكنيسة في شارع 23 في أوكلاند، كاليفورنيا، حيث غنيت أنا ومايا في جوقة الأطفال".
منذ طلاق والديها في الخامسة من عمرها، تولت والدتها تربيتها هي وشقيقتها الصغرى مايا، ويبدو أن هذا السبب وراء تأثرها بإرث عائلتها الهندي، حيث كانت ترافق والدتها في زياراتها إلى الهند.
في مذكراتها The Truths We Hold وترجمته "الحقائق التي نحتفظ بها"، كتبت هاريس عن أجدادها الهنود وتجاربهم في النشاط السياسي.
إذ كتبت عن جدتها التي كانت تعمل ناشطة مجتمعية ضد العنف المنزلي، وتدافع عن استخدم وسائل منع الحمل رغم أنها كانت غير متعلمة، بينما كان جدها دبلوماسياً ودافع عن حقوق اللاجئين.
رغم التأثر بالإرث الهندي لعائلتها من طرف والدتها، لكن هاريس تقول إن والدتها تبنت "ثقافة السود" في أوكلاند، وعلمت ابنتيها -كامالا ومايا- هذه الثقافة.
رغم أن هاريس كانت تعمل بسهولة في المجتمعات البيضاء بشكل أساسي، كما أشارت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
لكنها رفضت تصنيف السياسيين بناءً على لونهم أو خلفيتهم، كما قالت لصحيفة "واشنطن بوست" في العام 2019.
درست في مدرسة ابتدائية في بيركلي (مدرسة Thousand Oaks)، حيث كانت من المجموعة الثانية من الطلاب الذين يتم نقلهم بواسطة الحافلات، حيث كانت الأولوية للطلاب الأثرياء. إذ كان يُرسل بعض من طلاب المناطق المحرومة إلى المدارس في المناطق الأكثر ثراءً لتنويع الطبقات الاجتماعية التلاميذ.
وقد تضمنت سنواتها الأولى قضاء فترة قصيرة في كندا، حيث ذهبت إلى مدرسة في مونتريال لمدة خمس سنوات.
أشارت صحيفة The Guardian البريطانية إلى تطور شخصيتها السياسية في جامعة هوارد في واشنطن، وهي جامعة تاريخية للسود، حيث درست المحاماة (العام 1867).
وقتها؛ كانت الحركة من أجل المساواة العرقية قد انقسمت إلى من ينتقد المؤسسات الأميركية باعتبارها عنصرية بطبيعتها وستظل غير عادلة، بينما جادل طرف آخر بأن الحل يكمن في ضرورة زيادة تمثيل السود في المؤسسات، وكانت هاريس من الفريق الأخير.
حتى أنها في العام 2017 عندما ألقت خطاباً أمام الطلاب قالت: "يمكنك التظاهر من أجل حياة السود في الشوارع، ويمكنك ضمان المساءلة القانونية من خلال العمل كمدعٍ عام أو في لجنة شرطة. الحقيقة هي أنه في معظم الأمور، سيكون هناك شخص يتخذ القرار – فلماذا لا تكون أنت؟"
فشلت هاريس في امتحان المحاماة للمرة الأولى، لكنها اجتازته في المحاولة الثانية. وقد ذكرت هذا بنفسها في مذكراتها وقالت: "في دراسة امتحان المحاماة، قدمت أسوأ أداء في حياتي".
في العام 2014، تزوجت هاريس من المحامي الأميركي دوغ إمهوف، وأصبحت "زوجة أب" لابنيه.
هاريس تعرفت على إمهوف عبر موعد رتبه صديق، وقالت إنهما في الموعد الثالث لهما اتفقا على تجربة العلاقة بينهما لمدة 6 أشهر، ثم تقييمها، ويبدو أن التقييم كان إيجابياً إذ تزوجا مباشرةً في العام التالي.
إمهوف وهو يهودي الديانة، أصبح "الرجل الثاني" منذ أصبحت زوجته نائبة بايدن رسمياً في العام 2021، كما بات الزوج اليهودي الأول لرئيس أو نائب رئيس أميركي.
وبالإضافة لعمله بالمحاماة المستمر لنحو 30 عاماً، شارك الرجل الثاني في العديد من الاجتماعات والفعاليات المتعلقة بمكافحة معاداة السامية في البيت الأبيض، إذ يتواصل بانتظام مع أفراد من المجتمع اليهودي، كما أشار الموقع الرسمي للبيت الأبيض.
وقد دعا زعماء يهود إلى طاولة هي الأولى من نوعها في البيت الأبيض لـ "تسليط الضوء على ارتفاع معاداة السامية". كما عمل مع قادة الطلاب اليهود في الحرم الجامعي، ومع فريق العمل الحزبي لمكافحة معاداة السامية في مجلس النواب لتعزيز الخطاب نفسه.
فيما أشارت النسخ الإنجليزية للصحف الإسرائيلية The Jerusalem Post وThe Times of Israel إلى ارتكازه منذ توليه منصبه على "الجوانب اليهودية، من إضاءة الشمعدان في المقر الرسمي، والتركيز على معاداة السامية، وحتى إحياء ذكرى الهولوكوست".
مشيرةً إلى زيارات رسمية قام بها إلى مواقع الهولوكوست والتراث اليهودي في ألمانيا وبولندا، والأخيرة هي موطنه الأصلي، رغم أنه نشأ في أسرة يهودية في نيوجيرسي بالولايات المتحدة، حيث التحق بمعسكر "سيدار ليك" اليهودي.
أما زيارته الأولى إلى إسرائيل فكانت في العام 2017 مع زوجته هاريس، وكانت حينها سيناتور في مجلس الشيوخ.
شاركت إيلا إمهوف، ابنة زوج هاريس، في حملة جمع تبرعات لصالح غزة في كانون الثاني 2023، وذلك بعد أسابيع من انطلاق الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
إذ نشرت "إيلا"، وهي يهودية الديانة أيضاً، نداءً لجمع التبرعات لأطفال غزة عبر حسابها على إنستغرام، الذي كان يتابعه حينها ما يزيد عن 300 ألفاً.
لم تشر ابنة زوجها إلى موقفها من إسرائيل أو فلسطين، ولا إلى "طوفان الأقصى"، وهو ما سبب لها انتقادات من أصوات يهودية رأوا أنها ليست يهودية بحق لأنها لم تدعم إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023، ، كما أشارت صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية وعدد من الصحف الأميركية.
فيما اكتفت بنشر الحملة التي يديرها صندوق إغاثة أطفال فلسطين. وتحافظ ابنة الزوج على علاقة جيدة مع هاريس، التي هنأتها على إنستغرام بعد تخرجها من كلية بارسونز للتصميم في مدينة نيويورك.
قدم عائلة هاريس نفسها كمثال على العائلة الأميركية "المختلطة" الحديثة.
ورغم أنها زوجة أب لابنين (كول وإيلا)، إلا أنها لا تحب هذا اللقب، إذ كتبت مقالاً عن تجربة أن تصبح زوجة أب، وقالت إنها وزوجها وأبنائه اختاروا لقب Momala أو "مومالا"، بدلاً من "زوجة الأب" وفقاً للمقال الذي كتبته مع مجلة Elle في العام 2019.
واحد من أبرز المواضيع اللافتة التي انتقدت عليها تعلق بقضايا الماريغوانا التي عالجتها حينما كانت مدعية عامة في كاليفورنيا، وأثير ذلك حينما ترشحت لتكون مرشحة الرئاسة عن الحزب الديمقراطي (فاز بايدن ليكون مرشح الحزب لاحقاً).
إذ قالت عضوة الكونغرس الديمقراطية من هاواي، تولسي غابارد، في العام 2019، إنها "وضعت أكثر من 1500 شخص في السجن بسبب انتهاكات الماريغوانا ثم ضحكت عندما سُئلت عما إذا كانت قد دخنت الماريغوانا من قبل".
رغم أن هاريس تؤكد أن الملاحقات القضائية للجرائم المتعلقة بالمخدرات كانت نادرة عندما كانت المدعية العامة في كاليفورنيا، وأنها اتبعت سياسة عدم السعي للحصول على أحكام بالسجن، وكتبت في مذكراتها عن ملاحقات المخدرات: "كانت القضايا سهلة الإثبات بقدر ما كانت مأساوية في توجيه التهم".
في صيف العام 2013، أجرت مراسم أول زواج مثلي في كاليفورنيا رغم أنه كان لا يزال محل جدل حينها بالولاية الأميركية.
أما بالنسبة لأبرز أولى محطاتها المهنية، فقد بدأت عملها في مكتب المدعي العام لمقاطعة ألاميدا في سان فرانسيسكو في العام 2003.
ثم أصبحت أول امرأة وأول شخص أسود يتولى منصب المدعي العام في كاليفورنيا، وهو منصب أكبر محامي ومسؤول إنفاذ قانون في أكبر ولاية أميركية.
كما كانت أحد أبرز الوجوه السياسية في الحزب الديمقراطي، وانتخبت في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية كاليفورنيا في عام 2017.
أرادت الترشح لمنصب الرئيس لانتخابات العام 2020 عن الحزب الديمقراطي، لكن الكفة رجحت لصالح بايدن، الذي اختارها لتصبح نائبته في العام التالي.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News