"ليبانون ديبايت" - محمد المدني
مؤسف أن تصرّ قوى المعارضة كما تسمّي نفسها، على الذهاب نحو المواجهة مع "حزب الله" في وقت يتعرّض فيه لبنان لجملة من الإعتداءات الإسرائيلية، وآخرها الضربة على منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية.
من المقبول أن تكون المعارضة في خندق مختلف عن الحزب في ما يتعلق بالحياة السياسية، ويحقّ لها أن تمنعه من إيصال مرشّحه لرئاسة الجمهورية، وأن تعمل لتغيير المشهد السياسي الذي يسيطر عليه الحزب منذ العام 2005، لكن هل من المعقول أن تتحرك المعارضة ضد الحزب في هذا التوقيت بالذات؟
بعد القصف الإسرائيلي لحارة حريك، سارعت قوى المعارضة إلى صياغة بيان صحفي تتحدث فيه عن ضرورة حصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية، وعن تداعيات الحرب على الإقتصاد الوطني، وتحميل الحزب مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان. قد يكون هذا الكلام سليماً في توقيت آخر، لكن أن يعمل نواب لبنانيون على إصدار هكذا بيان، فلم يعد الأمر متعلقاً بالسياسة بل بالوطنية.
وللتأكيد على ذلك، عُلم أن بعض نواب المعارضة لن يوقّعوا على البيان رغم خصومتهم السياسية مع الحزب، وذلك لاقتناعهم بأن "الوقت غير مناسب" لهذه المواجهة التي من المفترض أن تبقى تحت سقف "الوطنية"، والتي يتوجب تأجيلها إلى ما بعد انتهاء الحرب، فلبنان اليوم مهدّد من إسرائيل بصرف النظر عن أسباب هذه الحرب ومن بدأها ولماذا.
وبحسب المعلومات، فإن بعض النواب بدأوا التفكير جدياً في الإبتعاد عن حزبي "القوات اللبنانية" والكتائب، خصوصاً أن "القوات"، وباعتراف نواب من المعارضة، تحاول فرض أجندتها المعادية للحزب على الجميع، وهذا ما لم يعد يروق لبعض النواب الذين لا يريدون قطع شعرة معاوية مع "الثنائي الشيعي".
وللدلالة على أهمية الوحدة الوطنية بمواجهة التهديد الإسرائيلي، بدا واضحاً أن الرئيس الأسبق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، والذي ليس حليفاً ل"حزب الله" وليس مؤيداً لمرشحه سليمان فرنجية، قد وضع كل الملفات جانباً وانضم إلى الجبهة الوطنية لمواجهة إسرائيل، وقد نال جنبلاط تقديراً واسعاً لمواقفه من الحرب، خصوصاً بعد وقوع مجزرة مجدل شمس، والتي كادت تؤدي إلى فتنة داخلية لولا مواقف جنبلاط الحكيمة.
إن هذا المنحى الخطير في أداء بعض المتطرّفين في المعارضة لا يرى تفسيراً إلاّ برهانهم على خروج الحزب مهزوماً جراء حرب إسرائيلية على لبنان، وهذا قد يكون في صلب أمنياتهم، إنما في حال عدم حصول ذلك، فإن هذا الأداء الذي يساوي بين إسرائيل والشريك في الوطن، حتى لو كان خصماً، إنما هو أداء خطير على الوحدة الوطنية وهو سيرتدّ على حامليه في حال فشل رهانهم، إذ سيضع لبنان بعد انتهاء العمليات العسكرية ضمن معادلة غالب ومغلوب التي تكون جنتها المعارضة بيديها، فإمّا يُهزم "حزب الله" عسكرياً في الحرب، إمّا تُهزم هي سياسياً بعد الحرب.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News