يرجح أن تعلن كامالا هاريس مطلع هذا الأسبوع خيارها لمنصب نائب الرئيس على بطاقة الترشيح الديمقراطية، قبل أن تبدأ جولة في ولايات متأرجحة ذات تأثير حاسم في الانتخابات الرئاسية الأميركية، تأمل خلالها في تحويل الزخم الناتج عن اختيارها مرشحة حزبها بدلاً من الرئيس جو بايدن، إلى أفضلية للفوز في تشرين الثاني.
وتشكّل الولايات غير المحسومة التوجه بين الجمهوريين والديمقراطيين، مفتاحاً للفوز في السباق إلى البيت الأبيض. وتقوم هاريس على مدى خمسة أيام، بزيارة هذه الولايات بدءاً من أكبرها بنسيلفانيا الثلاثاء.
وكتبت هاريس على منصة "إكس": "في هذه اللحظة، نحن أمام خيار بين رؤيتين لأمّتنا: واحدة تركّز على المستقبل والأخرى على الماضي.. هذه الحملة تتمحور حول اجتماع الناس سوياً، مدفوعين بحب هذه البلاد، ليقاتلوا من أجل أفضل ما فينا".
وحصلت هاريس على عدد كافٍ من أصوات المندوبين الديمقراطيين لنيل ترشيح الحزب إلى الانتخابات الرئاسية لمواجهة الجمهوري دونالد ترامب. وفي حال فوزها ستكون أول امرأة وأول سوداء ومن أصول جنوب آسيوية تتولى منصب الرئيس في الولايات المتحدة.
ومنذ انسحاب بايدن من السباق ودعم ترشحها بدلاً منه في 21 تموز، منحت المدعية العامة السابقة هاريس (59 عاماً) نفساً جديداً لحملة الديمقراطيين الرئاسية، إذ جمعت مبالغ قياسية من التبرعات، واستقطبت حضوراً جماهيرياً كبيراً، وعززت حضورها على منصات التواصل الاجتماعي، في طريقها إلى ردم الفارق الذي كان يتمتع به ترامب في استطلاعات الرأي.
وستكون المهمّة المقبلة لهاريس تسمية مرشحها لمنصب نائب الرئيس، المتوقع أن تعلنه في وقت قريب، على أن يكون حاضراً إلى جانبها في التجمع الانتخابي المقرر مساء الثلاثاء في فيلادلفيا، كبرى مدن بنسيلفانيا.
وتعدّ هذه الولاية الأبرز بين تلك المتأرجحة التي تحسم اتجاه المجمع الانتخابي وتالياً اسم الرئيس المقبل للولايات المتحدة. وكانت بنسيلفانيا، إلى جانب ميشغن وويسكونسن، جزءاً من "الجدار الأزرق"، وهي الولايات التي تمكن بايدن من انتزاعها في انتخابات 2020، بما أتاح له الفوز على ترامب الذي كان يسعى لولاية رئاسية ثانية.
والديمقراطي جوش شابيرو (51 عاماً)، حاكم هذه الولاية، هو أحد أبرز الأسماء المرشحة لتكون إلى جانب هاريس في الحملة الانتخابية، إضافة إلى حاكم مينيسوتا تيم والز وحاكم كنتاكي أندي بشير، إضافة إلى السيناتور مارك كيلي ووزير النقل بيت بوتيجيج.
وفي وقت لاحق من الأسبوع تزور هاريس ولايات جنوبية متنوعة عرقياً، هي أريزونا ونيفادا وجورجيا وكارولينا الشمالية، حيث ستسعى لإعادة استقطاب الناخبين السود وذوي الأصول اللاتينية الذين يبتعدون عن الحزب الديمقراطي.
وقبل زهاء شهر فقط، كان ترامب يتمتع بأفضلية ملحوظة في الولايات المتأرجحة خصوصاً بعد الأداء الكارثي لبايدن في مناظرة تلفزيونية جمعت بينهما.
لكن الصورة تبدّلت مع إعلان بايدن (81 عاماً) الانسحاب ودعم نائبته لتكون مرشحة الحزب، إثر ضغوط تلت أداءه في المناظرة وتراجعه في استطلاعات الرأي.
وأكسبت هاريس التي تصغر ترامب (78 عاماً) بنحو عقدين، الحملة الديمقراطية زخماً فورياً، إذ جمعت 310 ملايين دولار من التبرعات خلال تموز وفق حملتها الانتخابية، أي ضعف ما جمعه منافسها الجمهوري.
وفي حين رفع بايدن خلال الحملة شعارات مثل الحفاظ على الديمقراطية والوحدة، ركزت هاريس على المستقبل، وجعلت من "الحرية"، المكتسب الأساسي بالنسبة للناخبين، حجر الأساس في حملتها.
واعتمدت هاريس وحلفاؤها مقاربة أكثر جرأة حيال ترامب، إذ سخروا من تراجعه عن الالتزام بتاريخ العاشر من سبتمبر لإجراء مناظرة تلفزيونية، ووصفوا الرئيس السابق كمسنّ مخادع و"غريب الأطوار".
وتراجعت هاريس عن بعض المواقف اليسارية التي اتخذتها خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في 2020، وهي لم تجرِ حواراً صحافياً شاملاً منذ إعلان ترشحها لانتخابات 2024، بينما يأمل المشاركون في تجمعاتها الانتخابية بفهم المزيد حول خططها.
في المقابل، يبدو أن ترامب والجمهوريين لم يرسموا بعد استراتيجية واضحة في مواجهة منافستهم، إذ لجأوا بداية للقول إن مواقفها بشأن الهجرة ومعدلات الجريمة هي ليبرالية التوجه بشكل خطر، قبل أن يتهمها الرئيس السابق بالتنكر لأصولها الهندية واستخدام العرق وسيلة سياسية والتساؤل عما أذا كانت سوداء حقاً.
وعلى صعيد آخر، فقد وصلت الانتخابات التمهيدية التنافسية المثيرة للانقسام، والتي طالما أراد العديد من الديمقراطيين تجنبها، إلى الحزب الديمقراطي أخيراً، وأصبحت الانقسامات واضحة في اختيار نائب لكامالا هاريس والذي من المحتمل أن يصبح رئيساً مقبلاً للولايات المتحدة الأميركية.
ووصلت المرحلة الأخيرة من الحملة لاختيار من سيشغل منصب نائب الرئيس مع كامالا هاريس إلى مرحلة حرجة في الأيام الأخيرة، حيث ضغط المانحون ومجموعات المصالح والمنافسون السياسيون من الأجنحة المعتدلة والتقدمية في الحزب لصالح مرشحيهم المفضلين ومرروا مذكرات تناقش نقاط الضعف السياسية للمتنافسين، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
وتعرض أحد المرشحين المفضلين لهجوم حاد، وهو حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو، والذي أثار معارضة من التقدميين وحتى عضو مجلس الشيوخ عن ولايته.
وظهرت الشقوق بين الديمقراطيين عندما التقى ثلاثة من المتنافسين الرئيسيين، وهم شابيرو والسيناتور مارك كيلي من أريزونا والحاكم تيم والز من مينيسوتا، بهاريس في مقر إقامتها في واشنطن أمس الأحد، قبل القرار الذي قالت حملتها إنه سيعلن عنه بحلول غد الثلاثاء.
ومن المقرر أن تبدأ هاريس حملتها الانتخابية مع زميلها في الترشح هذا الأسبوع، حيث ستنطلق بجولة تستمر خمسة أيام في سبع ولايات تبدأها بتجمع حاشد في ليلة الثلاثاء في فيلادلفيا. ومن المتوقع أن يحضر هذا التجمع شابيرو، سواء تم اختياره لمنصب نائب الرئيس أم لا.
ووجهت الجماعات التقدمية انتقاداتها إلى شابيرو والسيناتور كيلي، اللذين تتهمهما بالتحفظ الشديد بشأن قضايا رئيسية.
وقال شون فاين، رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة، خلال مقابلة يوم الأحد على شبكة "سي بي إس" إن كيلي "لم يخفف حقاً" من مخاوف النقابة بشأن التزامه بالتشريعات المؤيدة للعمال وإن المنظمة لديها "قضايا أكبر" مع "دعم شابيرو لقسائم المدارس".
كما أشار معظم المانحين الديمقراطيين إلى أنهم لن يمانعوا أيا من المرشحين الموجودين في قائمة هاريس النهائية، لكن هناك انقسامات بين أكبر المانحين الديمقراطيين.
وقد دار نقاش قوي في مجموعة بريد إلكتروني لتحالف الديمقراطية، حيث أعرب المانحون اليساريون عن مخاوفهم بشأن شابيرو.
وخرجت مجموعة أخرى من الناشطين التقدميين، الذين يتواصلون عبر مجموعة بريد إلكتروني تسمى "صالون تغيير اللعبة"، ضد شابيرو وحثت أعضاءها على تسليط الضوء على مواقفه من الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.
كما دعت بعض رسائل البريد الإلكتروني الأعضاء إلى الضغط من أجل والز، الذي أصبح المفضل لدى المساهمين الأكثر ليبرالية في الحزب، والذين خاطب حوالي 60 منهم يوم الجمعة.
وقال بيلي ويمسات، المدير التنفيذي لمجموعة مانحين ليبرالية تُعرف باسم "مشروع الناخبين المتحركين"، في إحدى الرسائل، إن شابيرو قد يتسبب في انخفاض الإقبال بين الناخبين التقدميين الذين يشعرون بالقلق إزاء الحرب في غزة.
وكتب في سلسلة رسائل إلكترونية تمت مشاركتها مع صحيفة نيويورك تايمز، مشيراً إلى أن تيم والز هو الاسم المثالي لشغل منصب نائب الرئيس مع هاريس "في هذه اللحظة".
كما أعرب السيناتور جون فيترمان من ولاية بنسلفانيا، الذي كان على خلاف طويل مع شابيرو، عن استيائه من احتمال ترقية الحاكم إلى منصب وطني، وفقاً لشخصين تحدثا معه. واتصل أحد مستشاريه بحملة هاريس للاعتراض على شابيرو، وهو التطور الذي أورده موقع بوليتيكو لأول مرة.
ولاقت الهجمات المتزايدة على شابيرو استنكاراً من بعض المعتدلين في الحزب وغيرهم في وسائل الإعلام. وأصدر جو سكاربورو، مقدم برنامج "مورنينغ جو" على قناة "إم إس إن بي سي"، دفاعاً قوياً عن حاكم ولاية بنسلفانيا، قائلاً في تغريدة على إكس إن الهجمات الأخيرة عليه كانت "مزيجاً ساماً من معاداة السامية، والآراء المتطرفة بشأن غزة، والزملاء الغيورين".
وبذلت مجموعة من المانحين التقدميين في الأيام الأخيرة جهوداً كبيرة لدعم والز، حاكم ولاية مينيسوتا. وعلى مدار الأسبوع الماضي، قام نشطاء ديمقراطيون، بما في ذلك دوران شرانتز مستشار "لجنة العمل السياسي للإيمان" في مينيسوتا، بتوزيع مذكرة بعنوان "الحجة لصالح تيم والز لمنصب نائب الرئيس"، على أمل التأثير على هاريس.
ومن الممكن أن يبرز مرشح تسوية مثل حاكم ولاية كنتاكي آندي بشير، الذي يحظى بمؤيدين بين المساهمين الأكثر ليبرالية والأكثر وسطية في الحزب.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News