تبدأ جولة جديدة من المفاوضات، اليوم الخميس، في مسعى لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة رغم تزايد الشكوك بشأن إمكانية تحقيق ذلك، ما يرفع من مخاطر توسع الصراع إلى حرب شاملة في المنطقة.
ويأمل الوسطاء الدوليون في بدء مفاوضات وقف إطلاق النار المتوقفة بين إسرائيل وحماس، في جولة جديدة من المحادثات تهدف في النهاية إلى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين. لكن فرص حدوث انفراجة تبدو ضئيلة، وفق ما ينقل تقرير من شبكة "أي بي سي".
وتدرس إسرائيل وحماس اقتراحا مدعوما دوليا منذ أكثر من شهرين من شأنه إنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، وإطلاق سراح حوالي 110 رهائن لا يزالون محتجزين في غزة.
ويثير احتمال توجيه ضربات إيرانية وشيكة ضد إسرائيل مخاوف من صراع أوسع. وأشار مسؤولون أميركيون وإيرانيون إلى أن التقدم الكبير نحو وقف إطلاق النار في غزة قد يؤدي إلى خفض فوري للتصعيد الإقليمي.
يتوجه الوسطاء الدوليون إلى الجولة الجديدة مدركين أنها عالية المخاطر كونها تأتي وسط تزايد المخاوف من تصعيد النزاع من قبل إيران وحزب الله.
وتنقل صحيفة "نيويورك تايمز" أن المفاوضين يسابقون الزمن للتوصل إلى وقف إطلاق نار يمكن أن ينزع فتيل التوترات قبل هجوم إيراني متوقع على إسرائيل.
وأمضى الوسطاء شهورا في محاولة إقناع الجانبين بالموافقة على خطة من ثلاث مراحل، حيث من المقرر أن تفرج حماس عن الرهائن المتبقين الذين تم أسرهم خلال هجومها في 7 تشرين الاول مقابل فلسطينيين مسجونين لدى إسرائيل وانسحاب إسرائيل من غزة.
وتستند هذه الجولة من المحادثات إلى اقتراح طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب وطني في 31 ايار يدعو إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والسجناء والمعتقلين الفلسطينيين وإعادة إعمار غزة. وهي خطة قال مسؤولون في البيت الأبيض إن حماس كانت قبلتها بالفعل وأيدتها إسرائيل.
والاثنين، أيد زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا الدعوات إلى وقف إطلاق النار في غزة وإعادة عشرات الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس وتسليم المساعدات الإنسانية "دون قيود".
ورد في البيان الفرنسي الألماني البريطاني المشترك أنه "يجب أن تنتهي المعارك الآن، ويجب إطلاق سراح جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس. يحتاج شعب غزة إلى تسليم وتوزيع المساعدات بشكل عاجل وغير مقيد".
تأتي الجولة الجديدة في ظل تعرض مسار المفاوضات لضربة كبيرة الشهر الماضي عندما قتل زعيم حماس إسماعيل هنية بينما كان في طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني. وألقي باللوم على إسرائيل، التي لم تؤكد أو تنف الهجوم. وقال بايدن من الواضح إن ذلك "لم يساعد" جهود وقف إطلاق النار ، ودفع المحادثات إلى طريق مسدود للغاية.
وجاء مقتل هنية بعد ساعات فقط من اغتيال إسرائيل لفؤاد شكر، القائد الكبير في حزب الله في غارة في بيروت. وأثارت كلتا الضربتين تهديدات بالانتقام من إيران وحزب الله، وأدى الخوف من حرب إقليمية شاملة إلى تحويل الانتباه الدولي بعيدا عن الجهود الرامية إلى إنهاء القتال في غزة.
أثارت عمليات القتل موجة من النشاط الدبلوماسي، وشدد البيت الأبيض على أهمية الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار.
وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان- بيير، إن الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة "أساسية".
وقالت "غدا سيكون يوما مهما. نريد أن نرى وقفا لإطلاق النار. نريد أن نرى نهاية لهذه الحرب، ونريد أن نرى الرهائن يعودون إلى ديارهم، ومن بينهم رهائن أميركيون، ونريد أن نرى زيادة في المساعدات الإنسانية التي تذهب إلى غزة. ونعتقد أن السبيل لتهدئة التوترات التي نشهدها في الشرق الأوسط هو التوصل إلى هذا الاتفاق".
بعد حرب ضارية ومستمرة منذ عشرة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة الذي لحقه الدمار، وفي ظل تصعيد إقليمي بين تل أبيب من جهة، وطهران وحلفائها من جهة أخرى، تستضيف الدوحة، اليوم الخميس، مفاوضات حول وقف لإطلاق النار في غزة وسط آمال ضعيفة.
فقد أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل إرسال وفود إلى قطر للمشاركة في تلك المفاوضات التي يفترض أن يحضرها أيضا ممثلون عن الحكومتين المصرية والقطرية الوسيطتين إلى جانب واشنطن.
ويضم الوفد الإسرائيلي "رئيسي الموساد والشين بيت فضلا عن نيتسان ألون (منسّق ملف الرهائن) وعوفير فالك (مستشار سياسي)".
أما الوفد الأميركي فسيرأسه رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز، فضلا عن مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكجورك.
بينما أعلنت حماس أنها لن تشارك في جلسة اليوم بانتظار ما ستؤول إليه المناقشات، لكنها قد تلتقي الوسطاء لاحقا.
وقال مصدر في حماس إن الحركة "ستراقب وتتابع سير جولة التفاوض وهل مسار المفاوضات جدّي من جانب الاحتلال ومجدٍ لتنفيذ الاقتراح الأخير أم أنه استمرار للمماطلة التي يتبعها نتنياهو".
فيما أكد مصدر آخر أن "الحركة معنية بوقف الحرب والتوصل لصفقة واتفاق لوقف إطلاق النار على أساس الاقتراح الذي قُدّم الشهر الماضي"، في إشارة إلى الاقتراح الذي أعلن عنه في وقت سابق وينصّ على ثلاث مراحل تشمل وقفا لإطلاق النار، وانسحابا للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، وإدخال مساعدات، وإطلاق معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
يأتي هذا فيما لا يزال القطريون يعملون على أن يكون هناك تمثيل لحماس في تلك الجلسة، بحسب ما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل أمس الأربعاء.
والاثنين، أيد زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا الجهود الجارية من جانب الولايات المتحدة وقطر ومصر للتوسط في اتفاق لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر بين إسرائيل وحماس.
وينقل تقرير من إذاعة "أن بي أر" أن الجولة الجديدة تأتي وعلى المحك أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في غزة في ظل ظروف مهينة بشكل متزايد، مع وفيات يومية من الغارات الجوية الإسرائيلية، والرهائن الإسرائيليين المتبقين الذين يقبعون في الأسر.
وكان من المتوقع أن تشمل محادثات وقف إطلاق النار، التي من المقرر أن تجري في الدوحة أو قطر أو القاهرة، كبار مسؤولي الاستخبارات من مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، بالإضافة إلى رئيس الوزراء القطري، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".
ولم يتضح حتى وقت متأخر من الأربعاء ما إذا كانت حماس ستحضر المفاوضات التي تنطلق الخميس. وقال أحمد عبد الهادي، ممثل حماس في لبنان، في مقابلة إن القيام بذلك يعني "العودة إلى المربع الأول"، واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمماطلة في المفاوضات.
وتابع "نتنياهو ليس معنيا بالتوصل إلى اتفاق ينهي العدوان بشكل كامل، بل هو يخدع ويتهرب ويريد إطالة أمد الحرب، بل وتوسيعها على المستوى الإقليمي".
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين اطلعا على المحادثات، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن حماس ستظل مستعدة للتواصل مع وسطاء بعد الاجتماع إذا قدمت إسرائيل "ردا جادا" على عرض حماس الأخير، في أوائل تموز.
وقال فيدانت باتيل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن مسؤولين قطريين أكدوا للولايات المتحدة أنهم سيعملون على تمثيل حماس في المحادثات لكنه لم يذكر ما إذا كان أعضاء الحركة سيحضرون شخصيا أم سيمثلهم وسطاء فقط.
وتابع "نتوقع تماما أن تتقدم هذه المحادثات كما ينبغي. وجهة نظرنا هي أن جميع المفاوضين يجب أن يعودوا إلى الطاولة... أكد لنا شركاؤنا القطريون أنه سيكون هناك تمثيل لحماس (في المفاوضات)".
أما من الجانب الإسرائيلي، فقد أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي موافقته على مغادرة فريق التفاوض إلى قطر لإجراء محادثات وقف إطلاق النار.
وقال مكتب بنيامين نتنياهو، امس الأربعاء، إن الزعيم الإسرائيلي أعطى الضوء الأخضر لمغادرة فريق التفاوض إلى قطر لإجراء محادثات وقف إطلاق النار.
وتدرس إسرائيل وحماس منذ أكثر من شهرين مقترحا مدعوما دوليا من شأنه إنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر وإطلاق سراح نحو 110 رهائن ما زالوا محتجزين في غزة.
ولم تحرز المفاوضات غير المباشرة تقدما جوهريا خلال تلك الفترة، ولا تزال هناك نقاط شائكة، كما أن الشروط الجديدة المطروحة أدت إلى تعقيد فرص إحراز تقدم.
تبدأ الجولة الجديدة من المفاوضات في ظل استمرار النقاط الشائكة. وعبرت إسرائيل عن مخاوفها من بند في الخطة يقضي بتمديد وقف إطلاق النار الأولي طوال المرحلة الثانية من المفاوضات. ويبدو أن إسرائيل قلقة من استمرار حماس في مفاوضات غير مثمرة إلى ما لا نهاية.
ومن ناحيتها بدت حماس قلقة من استئناف إسرائيل الحرب فور إعادة بعض رهائنها، وأضافت إسرائيل مؤخرا مطالب أخرى إلى مقترح الاتفاق الأولي، وفق مسؤولين مصريين مطلعين على المفاوضات لوكالة أسوشيد بريس. وفي بيان صدر الثلاثاء، نفى مكتب نتنياهو ذلك، واصفا الشروط الإضافية بأنها "توضيحات أساسية". وقالت إسرائيل إن حماس أضافت 29 مطلبا وشرطا، دون تحديد أي منها.
وذكر مسؤولون مصريون أن إسرائيل تسعى إلى الحفاظ على سيطرتها على محور صلاح الدين ( ممر فيلادلفيا)، الذي تعتقد إسرائيل أن حماس تستخدمه لتهريب أسلحة عبر أنفاق تحت الأرض، وهو ما تنفيه مصر.
وتطالب إسرائيل بالحفاظ على وجود لقواتها على طول الطريق بين الشرق والغرب الذي يشطر غزة، حتى تتمكن من القضاء على أي مسلحين يعبرون إلى شمال القطاع. وقال مكتب نتنياهو إن إسرائيل تريد سبيلا لضمان ذلك، لكنه نفى أن يكون ذلك شرطا إضافيا. ورفضت حماس المطلب، قائلة إن إسرائيل ستستخدم ذلك كذريعة لمنع الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم.
وقال المسؤولون المصريون ومكتب نتنياهو إن إسرائيل تطالب كذلك بحق رفض إطلاق سراح بعض السجناء الفلسطينيين، بينما ترفض حماس أي تنازلات بهذا الشأن.
ومن بين مطالب إسرائيل أيضا تسلم قائمة بأسماء الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة، وهو ما رفضته حماس، وفق المسؤولين، الذين اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين مناقشة هذه المفاوضات الحساسة مع وسائل الإعلام.
وبدأت الحرب إثر هجوم نفّذته حماس في تشرين الاول على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 39965 شخصا على الأقل، بحسب أرقام وزارة الصحة في القطاع.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News