في تقرير حصري نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية، كشف أحد القادة الميدانيين في "جيش تحرير سوريا"، الذي دربته الولايات المتحدة وبريطانيا لمواجهة تنظيم داعش في البادية السورية، عن معلومات مثيرة تتعلق بهجوم ضخم أدى إلى سقوط النظام السوري، موضحًا أن واشنطن كانت على دراية مسبقة بهذا الهجوم.
بحسب ما أوردته الصحيفة البريطانية، فإن المقاتلين في "جيش تحرير سوريا" تلقوا بلاغًا غامضًا من مسؤولين غربيين قبل حوالي ثلاثة أسابيع من الهجوم. وكان نص البلاغ: "هذه لحظتكم، إما أن يسقط الأسد أو أنتم ستسقطون".
وكان التحذير يخص عملية عسكرية كانت تستهدف إسقاط نظام الأسد، ولكن لم يتم تحديد وقت الهجوم أو كيفية تنفيذه. ورغم الغموض الذي أحاط بالبلاغ، إلا أن هذه الإشارة كانت تعني أن النظام السوري على وشك السقوط، وهو ما يعد تحولًا مهمًا في مجريات الأحداث في سوريا. وبذلك، تكون واشنطن على دراية مباشرة بالتطورات العسكرية في سوريا، وكان لديها معلومات استخباراتية دقيقة حول الهجوم الذي كان وشيكًا.
على الرغم من أن الولايات المتحدة قد نفت بشكل رسمي علاقتها بهجوم هيئة تحرير الشام الذي نفذته في الشمال السوري، وهو الهجوم الذي أسفر عن سقوط النظام السوري في الأيام التي تلت البلاغ، فإن المعلومات التي كشفتها "التلغراف" توضح أن واشنطن كانت على علم مسبق بالهجوم. وكانت الولايات المتحدة قد أصدرت بيانًا سابقًا عبر مجلس الأمن القومي الأميركي، نفت فيه أي تورط لها في الهجوم، مؤكدة أنها تراقب الوضع عن كثب في سوريا.
لكن مع هذه المعلومات الجديدة، يبرز تساؤل حول مستوى التنسيق بين "جيش تحرير سوريا" المدعوم أميركيًا وبين هيئة تحرير الشام، التي تصنفها واشنطن كتنظيم إرهابي. هذه التساؤلات تطرح تساؤلات كبيرة حول المدى الذي كانت قد وصلته علاقات واشنطن مع فصائل المعارضة السورية.
وفي تطور مرتبط، نقل مصدر مطلع لـ"سكاي نيوز عربية" أن الإدارة الأميركية القادمة برئاسة دونالد ترامب حثت الإدارة الحالية على عدم إزالة اسم "هيئة تحرير الشام" وقائدها أبو محمد الجولاني من قائمة التنظيمات الإرهابية الأميركية. وفقًا للمصدر، فإن إدارة ترامب ترغب في التحقق من دقة هذا القرار قبل اتخاذه، خاصة أن بعض الدول في الشرق الأوسط قد اقترحت شطب اسم الفصيل وزعيمه من القائمة. وفي الوقت نفسه، حذرت دول أخرى من أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
القرار المنتظر بشأن هيئة تحرير الشام يعتبر محوريًا في تحديد ملامح السياسة الأميركية تجاه الفصائل المعارضة في سوريا، وقد يؤثر بشكل كبير على التوازنات العسكرية والسياسية في المنطقة، خصوصًا بعد التحولات الأخيرة التي شهدتها الساحة السورية إثر الهجوم الذي أسقط النظام السوري.
هذه التطورات تشير إلى أن الولايات المتحدة لعبت دورًا أكبر من مجرد مراقب في الساحة السورية، بل كانت على دراية بالتفاصيل العسكرية الدقيقة والتوقيت المحتمل للهجوم الذي أدى إلى انهيار نظام الأسد. وبالرغم من النفي الأميركي، فإن التفاعل الأميركي مع الفصائل السورية والقرارات المرتبطة بالتصنيفات الإرهابية تشي بعلاقة معقدة ومتعددة الأطراف في سوريا، ما يعكس الصراع الدولي على أرضها.
منذ بداية الحرب الأهلية السورية في 2011، شهدت البلاد تدخلات متعددة من قوى إقليمية ودولية، بينها الولايات المتحدة وروسيا وإيران. في السنوات الأخيرة، وخصوصًا بعد الحملة العسكرية التي شنها النظام السوري مدعومًا من روسيا، بدأت العديد من الفصائل المعارضة بالتوحد في جبهات عسكرية جديدة، لا سيما ضد تنظيم داعش في مناطق البادية السورية.
كما برزت هيئة تحرير الشام، التي كانت سابقًا جزءًا من جبهة النصرة، باعتبارها من أبرز القوى المسلحة المعارضة، إلا أن تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل واشنطن ألقى بظلال من الشكوك حول دورها في العملية السياسية المستقبلية في سوريا.
مع تصاعد الحديث عن إعادة بناء سوريا بعد انهيار النظام، والتوترات المستمرة بشأن تصنيف الفصائل في قائمة الإرهاب، تتجه الأنظار إلى كيفية تعامل إدارة ترامب مع الوضع في سوريا وما إذا كانت ستواصل دعم الفصائل المعارضة بشكل غير مباشر أم ستعمل على تنسيق استراتيجيات جديدة في المنطقة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News