في مشهد يعيد تشكيل خريطة العلاقات الإقليمية والدولية، استضافت الرياض اجتماعًا بارزًا يُعد محطة أساسية في مسار إعادة إدماج سوريا ضمن المشهد السياسي العربي والدولي.
جاء هذا الاجتماع بعد مؤتمر العقبة، حاملاً أبعادًا استراتيجية تعكس إرادة عربية ودولية لدعم سوريا للخروج من عزلتها التي استمرت لسنوات.
تميز اجتماع الرياض بكونه أول ظهور رسمي للإدارة السورية الجديدة ضمن إطار عربي ودولي.
ووفقًا لعضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، أحمد بكوره، خلال حديثه لغرفة الأخبار على قناة "سكاي نيوز عربية"، فإن هذا الاجتماع يمثل "خطوة مفصلية نحو بناء دولة سورية آمنة ومستقلة".
وشدد بكوره على ضرورة تعاون الإدارة المؤقتة مع جميع مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك العناصر المعتدلة من الحكومة السابقة، لضمان بناء مرحلة انتقالية شاملة لا تقصي أحدًا.
وأشار إلى أهمية "دعم المجتمع الدولي والعربي للإدارة السورية الجديدة"، معتبرًا أن هذه المرحلة تتطلب جهدًا جماعيًا وإرادة حقيقية لتجاوز التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه البلاد.
وأكد أن التحركات الحالية تهدف لتوفير الأرضية الملائمة لعقد مؤتمر حوار وطني يمثل جميع الأطياف السورية.
في السياق ذاته، ألقى الكاتب والباحث السياسي عبدو زمام الضوء على التحديات التي تواجه الإدارة الجديدة، موضحًا أن "الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، تسعى للعب دور محوري في إعادة الاستقرار لسوريا".
وأضاف أن اجتماع الرياض عكس توافقًا عربيًا غير مسبوق حول ضرورة دعم عملية انتقالية سياسية تضمن تمثيلاً عادلاً لجميع مكونات الشعب السوري.
وأشار زمام إلى أن "رفع العقوبات المفروضة على سوريا" يُعد خطوة ضرورية لتحقيق تقدم ملموس في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية الهائلة.
كما حذر من التدخلات الدولية التي قد تُعقد المشهد، مشيرًا إلى أن "الولايات المتحدة لا تزال تنتهج سياسة غير واضحة تجاه سوريا، مما يثير تساؤلات حول نواياها المستقبلية".
ودعا زمام إلى تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي كأولوية قصوى، معتبرًا أن الحوار الوطني يمثل "الحل الأمثل لإعادة بناء سوريا على أسس الشراكة والشفافية".
بدوره، وصف الكاتب والباحث السياسي مبارك آل عاتي اجتماع الرياض بأنه "انعطافة تاريخية في الملف السوري"، معتبرًا أن السعودية تلعب دورًا رياديًا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السورية والدولية.
وأشاد بالدعم الذي قدمته المملكة في تعزيز فرص نجاح هذا الاجتماع، مؤكدًا أن "مؤتمر الرياض يُعد بمثابة طائف جديد لسوريا".
أوضح آل عاتي أن السعودية تعمل على ضمان توافق عربي حول الملف السوري، مشددًا على أهمية الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية لتحقيق الاستقرار.
وأضاف أن "تدخل السعودية ساهم في إزالة الكثير من العراقيل التي كانت تعيق التفاهمات الدولية بشأن سوريا".
وأشار إلى أن المؤتمر شهد لقاءات رفيعة المستوى، أبرزها بين وزراء خارجية دول عربية وغربية، ما يعكس "رغبة حقيقية في الوصول إلى حل شامل يُعيد لسوريا مكانتها في المنطقة".
ورغم الأجواء الإيجابية التي خيمت على الاجتماع، لا تزال الإدارة السورية الجديدة تواجه تحديات كبرى. أحمد بكوره أشار إلى أن الإدارة المؤقتة لا تملك الموارد الكافية لتحمل أعباء المرحلة الانتقالية بمفردها، مما يتطلب دعمًا عربيًا ودوليًا متواصلاً.
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزته الإدارة الجديدة، يرى عبدو زمام أن "التأخر في تنظيم مؤتمر الحوار الوطني يشكل عائقًا أمام تحقيق توافق حقيقي بين جميع الأطراف".
ودعا إلى تشكيل لجان تحضيرية بشكل عاجل لضمان شمولية التمثيل في المؤتمر القادم.
أما مبارك آل عاتي فقد أكد أن "الأطراف السورية بحاجة إلى تنازلات متبادلة"، مشيرًا إلى أن الأولويات يجب أن تكون منصبة على تأمين احتياجات الشعب السوري الأساسية، من استقرار اقتصادي وأمني، قبل الانتقال إلى نقاشات سياسية أوسع.
ما يحدث في الرياض ليس مجرد اجتماع بروتوكولي، بل هو إعادة تشكيل لواقع سوريا على الساحة الدولية. الاجتماع الأخير عكس إرادة جماعية من الأطراف المعنية لإنهاء عزلة سوريا وتقديم الدعم اللازم لبناء دولة مستقرة وآمنة.
التحديات كبيرة، لكنها ليست مستحيلة. ومع الإرادة السياسية والالتزام من كافة الأطراف، قد تكون سوريا الجديدة أقرب إلى أن تتحول من حلم إلى واقع ملموس.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News