في الشأن الحكومي مراوحة في المكان وسط تضارب في تفسير العقد والمطالب وتوسع مراوح التجاذبات الداخلية والخارجية حول التشكيلة الحكومية، يرافقها حراك داخلي وخارجي يترجم بنصائح للرئيس المكلف نواف سلام، كل منها يضغط باتجاه. وقالت مصادر متابعة إن الأميركي نفسه يرسل أكثر من إشارة متعاكسة، ونقلت المصادر رغبة رئيس الجمهورية بتسريع تشكيل الحكومة، مع حديث عن مهلة سعوديّة حتى نهاية الأسبوع لولادة الحكومة.
على خط التأليف، واصل الرئيس المكلف نواف سلام مشاوراته واتصالاته لتأليف الحكومة في ظل جملة عقد لا تزال تقف عائقاً أمام ولادة الحكومة، أهمها وفق ما تشير مصادر مطلعة لـ«البناء» الضغط الداخلي على الرئيس المكلف لا سيما من كتلتي التغييريين والقوات اللبنانية الذين تكتلوا لتحريض الرئيس المكلف لعدم تمثيل ثنائي حركة أمل وحزب الله في الحكومة وخاصة عدم منح وزارة المالية للرئيس نبيه بري، والثانية عقدة التمثيل المسيحي وتوزيع الحقائب على الطوائف المسيحية، وتوزيع الحصص بين رئيس الجمهورية والأحزاب والكتل المسيحية، إضافة إلى إشكالية تمثيل الكتل السنية المتعددة وحصة كتلة التغييريين الذين يختلفون على الأسماء المطروحة لتمثيلهم في الحكومة، فضلاً عن ضغوط خارجية على الرئيس المكلف لتأليف حكومة تكون بعيدة عن حصص للأحزاب لكي تنطلق الى معالجة الأزمات واتخاذ القرارات من دون تعطيل.
وأفادت مصادر إعلامية بأن رئيس الحكومة المكلف تلقى نصيحة إقليمية بعدم الاستعجال وعدم الخضوع لأي ضغط داخلي لتشكيل حكومة مستقلين تعكس حقيقة النهج الإصلاحي. وتحدثت عن رسالة دبلوماسية وصلت إلى لبنان نصحت سلام بأن يشكل حكومة مستقلة تحديداً في وزارة المال ولا مانع أن يكون شيعياً.
ووجّه العضوان في الكونغرس الأميركيّ دارين لاهود وداريل عيسى رسالة إلى الرئيس عون والرئيس المكلف سلام، أكدا فيها التزام إعادة بناء البلاد. وقالا: تحت قيادتكما، أصبح للبنان الآن فرصة للنمو كدولة مستقلة وذات سيادة ومزدهرة. ومن هذا المنطلق، نشجعكما على التركيز على بناء دولة قائمة على سيادة القانون، والقضاء على الفساد، وإبعاد النفوذ السياسيّ والطائفيّ، وتحرير البلاد من التأثيرات الضارة لـ«حزب الله».
وأكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون انه سيعمل على تنفيذ خطاب القسم لأن ما يحتاجه اللبنانيون هو ان يعيشوا بكرامتهم. وشدد على ضرورة الابتعاد عن المناكفات وسياسة الزواريب الضيقة وتناتش الحصص، معتبراً أن « كل الوزارات هي للبنان كما هو مجلس الوزراء»، لافتاً الى ضرورة ان تتمثل الطوائف فيه من خلال النخب التي لديها استقلالية القرار.
وجددت أوساط الثنائي الوطني لـ«البناء» تأكيدها بألا مشكلة بين الثنائي والرئيس المكلف وأن لا عقدة في التمثيل الشيعي في الحكومة، وتم الاتفاق مع الرئيس المكلف على هذا الأمر، وما اتهام القوات وغيرها بوجود عقدة شيعية وتهديد سلام بالشارع إلا ذريعة للتغطية على العقد الأخرى المتمثلة بالمسيحية والسنية، وتحريض الرئيس المكلف على الثنائي، وأوضحت الأوساط أن وزارة المالية حسمت لصالح النائب السابق ياسين جابر.
وفيما علمت «البناء» أن تكتل التغييريين لوّح بتنظيم تظاهرات ضد الرئيس المكلف تعيد مشهد أحداث 17 تشرين 2019 بحال لم يستجب لمطالب التغييريين، شدد سلام بعد لقائه رئيس الجمهورية في بعبدا أمس، على «أنني لن أتراجع عن أي معيار من المعايير التي حددتها منذ اليوم الأول لتكليفي بهذه المهمة، والأفضل أن أكون أنا مصدر هذه المعايير، وليس الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه المعايير هي:
أولاً: حكومة تقوم على مبدأ الفصل بين النيابة والوزارة.
ثانياً: حكومة تقوم على الكفاءات الوطنية العالية.
ثالثاً: حكومة لا مرشحين فيها للانتخابات البلدية أو النيابية.
رابعاً: حكومة لا تمثيل فيها للأحزاب.
ولفت سلام «الى اننا نسمع من البعض أنه لا يوجد تطبيق لوحدة المعايير خلال عملية التشكيل، وأقول إنه عندما يتم تشكيل هذه الحكومة فليأت عندها هذا البعض وليقل لنا ما إذا كنت قد أخليت بها من خلال عدم تمثيل أي مجموعة من المجموعات التي يتوجب تمثيلها بحسب المادة 95 من الدستور، فأحاسَب عندها. المعايير ذاتها ستكون مطبّقة على الجميع، والكلام عن عدم الالتزام بتطبيقها لا يجب التوقف عنده. أعود وأكرر بأنني لن أتراجع عن هذه المعايير، ولكنني أيضاً من أنصار المرونة في التعاون مع الجميع وسأبقى على هذا النهج، وواثق أنني سأتجاوز الصعوبات، وإن شاء الله نشكل حكومة تحظى بثقة اللبنانيين التواقين إلى الإصلاح من أجل انتشال لبنان من أزماته العميقة والحادة، واستعادة رصيده العربي وحشد الدعم الدولي له».
وأوضح بأن هناك من يتحدث عن عقبات وتأخير، وأؤكد أنني لست من يؤخر ولست من يضع العقبات. وإذا كان هناك من عقبات فسنتجاوزها. اما بخصوص المهلة، فإنني أعمل للانتهاء من تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن. وفيما يتعلق بالحقائب ومن سيتولاها، يجب انتظار التشكيلة الحكومية، ولن نتناقش اليوم في هذا الموضوع.
وذكر سلام بأن الحكومة ستكون من 24 وزيراً، وليس من 14 أو 30، لان ما كان يُسمّى بحكومات وحدة وطنية مؤلفة من 30 وزيراً، كانت فعلياً حكومات شلل وطني، وهي عبارة عن مجلس نواب مصغّر وهو ما لا نريده، بل نرغب في حكومة فاعلة على أكبر قدر ممكن من التجانس، وقادرة على الحكم. أما سبب عدم تشكيل حكومة مصغرة، فيعود إلى أننا أمام المهام التي نواجهها حالياً، من المفترض أن يكون لكل وزارة وزير.
وشدد على أن المبدأ العام الذي سأبقى متمسكاً به، هو أن ليس هناك من وزارة تحتكرها طائفة، كما ليس هناك من وزارة ممنوعة على طائفة، وهذا ما سنلتزم به.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News