أكد رئيس الحكومة نواف سلام ان الجيش اللبناني أحرز "تقدما كبيرا" في تعزيز انتشاره جنوب البلاد ومصادرة أسلحة تابعة لحزب الله، ضمن خطوات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية بعد أشهر من التصعيد العسكري بين الطرفين.
وفي مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أوضح سلام أنّ "الجيش يوسّع ويعزّز وجوده في الجنوب"، لافتا إلى نشر 1500 جندي إضافي في مناطق الجنوب اللبناني المحاذية للحدود مع إسرائيل، ليصل عدد الجنود المنتشرين في تلك المناطق إلى 6000 جندي، مع استمرار عملية تجنيد 4000 آخرين.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤولين عسكريين لبنانيين، استأنف الجيش تنفيذ طلعات استطلاعية جوية، وأقام نقاط تفتيش جديدة، وانتشر في البلدات التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية، في إشارة إلى المواقع التي كانت تل أبيب قد دخلتها خلال العمليات العسكرية الأخيرة في جنوب لبنان.
ويأتي هذا التطور الميداني بعد سلسلة ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع تابعة لحزب الله، سواء في مناطق الجنوب أو في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، بينها الضربة التي أدّت إلى استشهاد الأمين العام للحزب حسن نصر الله في أيلول الماضي، بحسب ما أكدته مصادر مقربة من الحزب حينها.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية – فرنسية، على النشر التدريجي لـ10 آلاف جندي لبناني في الجنوب، يتولون مهام مصادرة الأسلحة غير الشرعية وتفكيك البنية التحتية المسلحة لحزب الله، تحت إشراف لجنة من 5 أعضاء، يترأسها مسؤول أميركي وتضم ممثلين عن الأمم المتحدة ولبنان وإسرائيل وفرنسا.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي مطّلع على عمل اللجنة – تحدّث بشرط عدم الكشف عن هويته – أن اللجنة تتلقى إحداثيات حول مواقع مخازن الأسلحة وقاذفات الصواريخ من الجيش الإسرائيلي وقوات "اليونيفيل"، ثم يتخذ الجيش اللبناني الإجراءات اللازمة، مشيرا إلى أنّ "الجيش فكك حتى الآن أكثر من 500 موقع عسكري تابع لحزب الله وفصائل مسلحة أخرى".
وخلال زيارتها إلى بيروت في مطلع نيسان الجاري، شددت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، على ضرورة "بسط الدولة اللبنانية سلطتها الكاملة على كامل الأراضي اللبنانية"، في دعوة واضحة لتعزيز دور الجيش في الداخل ونزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب نهر الليطاني، بل في مختلف المناطق اللبنانية.
وأكّد سلام في تصريحه لـ"واشنطن بوست" أنّ الحكومة "تسعى لضمان حصرية الدولة في حمل السلاح، شمال وجنوب الليطاني"، وهو ما يُعدّ إشارة إلى امتداد القرار الرسمي نحو مناطق نفوذ حزب الله في البقاع والضاحية الجنوبية.
غير أنّ الصحيفة الأميركية لفتت إلى أن الجيش سيواجه تحديات كبيرة في تطبيق هذه المهمة خارج الجنوب، خصوصًا في ظل تعدد مهامه وتراجع موارده في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب لبنان منذ أكثر من خمس سنوات، مشيرة إلى أنّ الجيش يحاول في الوقت نفسه تعزيز ضبط الحدود مع سوريا، حيث تكررت في الأشهر الماضية الاشتباكات مع مهربين وفصائل مسلحة عبرية.
وبحسب مصادر لبنانية مطلعة، فإنّ التزام الجيش اللبناني بتطبيق الاتفاق يأتي في ظل ضغوط دولية متزايدة لضمان استقرار الجنوب، رغم أن الاتفاق نفسه ما يزال هشًا، خاصة في ظل استمرار إسرائيل بشنّ غارات جوية بين الحين والآخر.
وكانت إسرائيل قد أبقت، رغم تعهدها بالانسحاب الكامل، على تواجد عسكري في خمسة مواقع استراتيجية قرب الخط الأزرق، وشنّت في أواخر آذار الماضي ضربات جوية على جنوب لبنان ثم على الضاحية الجنوبية، بعد إطلاق صواريخ على أراضيها، في هجوم لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.
وردًا على ذلك، هدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"مهاجمة أي موقع في لبنان يشكل تهديدًا لإسرائيل"، فيما قال الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، إنّ "الحزب سيتولى زمام الأمور بنفسه إذا لم تتحرك الدولة لمنع انتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار".