في حديث لـ"ليبانون ديبايت"، يضع الباحث السياسي ربيع دندشلي قضية سلاح حزب الله في إطار ثلاث زوايا مترابطة، أولًا زاوية الحزب نفسه، ثانيًا الدولة اللبنانية، وثالثًا المجتمع الدولي، ويشدّد على أن مقاربة هذا الملف لا يمكن أن تكون سطحية أو آنية، بل يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التعقيدات البنيوية والسياسية لكل من هذه الزوايا.
زاوية حزب الله: ثبات على السلاح رغم الخسائر
يرى دندشلي أن "حزب الله لا يمكن أن يتخلى ببساطة عن سلاحه أمام جمهوره، فالسلاح ليس تفصيلاً في بنيته، بل هو أساس وجوده وسبب تمويله، وهو ما يربط عناصره ومناصريه بهوية واضحة ومهمة محددة".
ويقول: "هذا السلاح هو الغاية الأساسية للحزب، لذا فإن الحفاظ عليه يشكّل أولويّة مطلقة، لا سيما بعد تجربة أحداث 7 أيار، والتي شكّلت نقطة تحوّل في تعاطي الحزب مع أي مساس مباشر أو غير مباشر بمنظومته العسكرية".
ويُشير إلى أن "الحديث عن الهزيمة أو التراجع أمام الجمهور سيؤدي إلى تفكك القاعدة الشعبية للحزب، وفتح الباب أمام ظهور جماعات أو تيارات داخل الحزب أو خارجه تطالب بامتلاك سلاح خاص بها، أو حتى تبدأ بإنشاء ترسانات صغيرة، ما يهدد وحدة الحزب ويعيد خلق الفوضى المسلحة".
الدولة اللبنانية بين واجب السيادة وضغط المجتمع الدولي
أما عن زاوية الدولة اللبنانية، فيوضح دندشلي أن "الدولة في ظل العهد الجديد تجد نفسها أمام واقع موروث ومعقّد، زادته الحرب الأخيرة مأساوية، فالعلاقات الخارجية للبنان تضرّرت بشدة نتيجة ارتباط سلاح حزب الله بالتدخلات في شؤون دول أخرى، وهو ما يدفع المجتمع الدولي اليوم إلى المطالبة بموقف واضح من الدولة اللبنانية حول السلاح، والمقاومة، وذلك كشرط أساسي قبل تقديم أي مساعدات أو دعم".
ويضيف: "خلال الفترة الأخيرة بدأنا نرى تحركات للجيش اللبناني تتكثف، وبعض هذه العمليات بات يُعلن عنها ويُوثّق إعلاميًا، وهو ما يعكس تحوّلًا في نهج التعامل مع مسألة فرض السيادة وضبط الحدود، ولو جزئيًا، حتى فيما يتعلق بتمويل الحزب، أصبحت القوى الأمنية تتحرك، فشهدنا حالات توقيف لأشخاص في المطار متورطين بإدخال أموال للحزب، وأخرى لها صلة بدبلوماسيين إيرانيين".
سلاح حزب الله: المسيرات والصواريخ الدقيقة
ويؤكد دندشلي أن "موضوع نزع السلاح أو حتى ضبطه لم يعد يتعلّق بالسلاح الفردي التقليدي، بل بالسلاح الاستراتيجي من صواريخ ومسيرات وتقنيات تصنيع عبوات وتدريب عسكري متقدم"، لافتًا إلى أن "هناك وحدات متخصصة داخل الحزب تتولى التصنيع والتدريب، ما يجعل من موضوع نزع السلاح قضية شائكة وكبيرة".
إسرائيل: اليد الطولى مقابل التراخي الدولي
من جهة أخرى، يشير دندشلي إلى أن "إسرائيل، من خلال عملياتها الأمنية والعسكرية، تتجاوز ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، حيث من المفترض أن تُبلّغ تل أبيب اللجنة المعنية التي بدورها تُبلّغ السلطات اللبنانية، لكن إسرائيل، عندما تجد أي تهديد، تبادر إلى تنفيذ الضربات مباشرة، وهذا ما رأيناه في الضربات الأخيرة على الضاحية الجنوبية وفي عمليات الاغتيال التي أصبحت شبه يومية".
ويتابع: "للأسف، هذا الواقع لا يخدم لا الدولة ولا الشرعية ولا العهد الجديد، نحن اليوم نقبل بفكرة الحرب على لبنان من دون ردّ، ونتكبّد الخسائر الكبيرة، في وقت يستمر العدو الإسرائيلي في رفع وتيرة اعتداءاته".
ويختم دندشلي: "الأمور ستبقى في سياقها الحالي، الجيش اللبناني يقوم بما يستطيع، والدولة تحاول بسط سيادتها، في المقابل، إسرائيل تستمر في إزالة ما تعتبره تهديدًا لأمنها، أما حزب الله، فيسعى جاهدًا لإعادة بناء ترسانته، حيث يرى ما كان يُعرف بمحور المقاومة، أن ما حصل هو جولة وسيعود الوضع كما كان، لكن هذه القراءة، في رأيي، غير واقعية وخاطئة".