خاص ليبانون ديبايت

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الاثنين 05 أيار 2025 - 08:23 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

“مؤامرة” تستهدف الجماعة الإسلامية؟

“مؤامرة” تستهدف الجماعة الإسلامية؟

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


منذ إعلان السلطات الأردنية عن تفكيك خلية أمنية قالت إنها كانت بصدد تنفيذ هجمات داخل الأردن، وتزعم تلقي عناصرها تدريبات عسكرية في لبنان تحت إشراف ما أسمته “فرع الإخوان المسلمين في لبنان”، تتكشف ملامح قضية تتجاوز البعد الأمني لتغرق في مستنقع التوظيف السياسي. فحتى الآن، لم تتسلّم الدولة اللبنانية أو النيابة العامة التمييزية أي أوراق رسمية تتعلق بالتحقيق من الجانب الأردني، رغم التعهدات المعلنة والاتصالات التي جرت بين وزراء الدفاع والعدل ومديري المخابرات في البلدين. هذا التأخير، وإن بدا تقنياً أو إدارياً في ظاهره، يثير تساؤلات حول الخلفيات الحقيقية للقضية.


الاتهامات الأردنية، التي لم تُدعَّم حتى اللحظة بأدلة ملموسة، تستهدف بشكل مباشر الجماعة الإسلامية وحركة حماس في لبنان. فقد حمّل الجانب الأردني، خلال تواصله مع نظيره اللبناني – حسبما أفاد مصدر مطّلع “ليبانون ديبايت” – هاتين الجماعتين مسؤولية تدريب العناصر الأردنية داخل الأراضي اللبنانية، واضعاً الهدف في إطار تحضير مسرح عمليات أمنية داخل الأردن، وشملت التجنيد والتخطيط. إلا أن الجانب الأردني لم يقدم أدلة دامغة على هذه المزاعم، لا من حيث مواقع التدريب، ولا الجهات المنفذة داخل الأردن، ولا طبيعة المهام المفترضة، مكتفياً بإطلاق الاتهامات.


وتأتي هذه الاتهامات في ظرف سياسي وأمني بالغ الحساسية داخلياً وإقليمياً، يصعب معه فصلها عن التصعيد الإسرائيلي المتواصل، والذي يشمل ملاحقة القيادات الميدانية المرتبطة بـ”قوات الفجر”، الجناح العسكري للجماعة الإسلامية.


الأهم أن الاتهامات الأردنية، التي ترافقت مع نشر “اعترافات” إعلامية، تتزامن مع توتر داخلي لبناني متصاعد حول أداء حركة حماس، التي أظهرت التحقيقات تورط عناصر منها في إطلاق صواريخ باتجاه شمال فلسطين المحتلة انطلاقاً من الأراضي اللبنانية في مناسبتين أواخر آذار الماضي. وقد عزّز هذا الاتهام العثور، الشهر الفائت، على مخبأ لصواريخ ومجسمات ومنصات إطلاق في منطقة الزهراني شمال الليطاني، مشابهة لتلك التي استُخدمت سابقاً، وتبيّن أن عناصر من الحركة أشرفوا عليه. ووفق مصادر أمنية، تم ربط هذه الوقائع بعضها ببعض للوصول إلى استنتاجات قادت إلى تحديد كامل أفراد المجموعة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ.


في قلب هذا المشهد، تقف الجماعة الإسلامية هدفاً مثالياً لضغوط متعددة الاتجاهات. ففيما تتعامل قيادتها بقلق بالغ إزاء عمليات التصفية الإسرائيلية، وآخرها استهداف القيادي حسين عطوي على طريق بعورته – قضاء الشوف، دفعتها اللحظة الأمنية إلى اتخاذ إجراءات احترازية، أبرزها تواري معظم قادتها، بمن فيهم الأمين العام الشيخ محمد طقوش. وبينما دعت القيادة عناصرها إلى الحذر الشديد، تشعر الجماعة بأنها تتعرض لحصار سياسي وأمني داخلي، في ظل أنباء عن ضغوط تمارسها قوى مناهضة لها داخل الحكومة لدفع الجيش نحو مداهمة مراكزها، في إطار محاولات للحد من نشاط حركة حماس في لبنان، بوصف الطرفين متداخلين. وهي خطوة تقابل بتحفظ أمني، خشية تداعيات محتملة.


أما حركة حماس، فيبدو وضعها أكثر تعقيداً. فهي تنفي مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ أو المخبأ المكتشف، وتحمّل “نشطاء تصرفوا من خارج القرار” المسؤولية. إلا أن هذه الرواية لا تصمد أمام تحقيقات أمنية تشير بوضوح إلى وجود علاقة تنظيمية ما، ولو غير مباشرة، بين الحركة وأفراد الخلية الأربعة الموقوفين (3 فلسطينيين ولبناني)، مما دفع المجلس الأعلى للدفاع (ومن ثم صدّقت عليه الحكومة في جلستها المنعقدة يوم الجمعة الماضي) لاتخاذ قرار بـ”حظر” أنشطة حماس الأمنية والعسكرية على كافة الأراضي اللبنانية، وقد كلّف المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير استدعاء ممثل حركة حماس في لبنان لإبلاغه مضمون القرار. وعلم “ليبانون ديبايت” أن شقير أبدى تشدداً إزاء مسألتين: تسليم المطلوبين كافة ووقف النشاط العسكري بشكل كامل، ملوحاً بإجراءات تصعيدية في حال تجاهل هذه التحذيرات أو عدم التعاون.


وبالفعل، سلّمت حماس أمس – من ضمن مهلة الـ 48 ساعة التي التزمتها عبر ممثلها – عند مدخل مخيم عين الحلوة أحد المطلوبين الأربعة. وبحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، سوف يصار، اليوم، إلى تسليم مطلوبين آخرين سبق للأجهزة الأمنية أن حددت مكان تواريهم في مخيمات صور، على أن يتم تسليم الموقوف الأخير غداً الثلاثاء، وهو “شيخ” تنسب إليه قيادة الخلية.


في ظل هذا التعقيد، تتعامل الدولة اللبنانية مع القضية بهدوء وحذر، وهي مقاربة يُفترض أن تدفع حركة حماس إلى التعاون، حفاظاً على مصالحها. لا سيما أن القوانين اللبنانية لا تُجرّم إطلاق الصواريخ باتجاه أراضي العدو، ما يستوجب معالجة أمنية وسياسية دقيقة لهذا الملف.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة