قال خبراء إسرائيليون أن الهجمات الأميركية المكثفة على الحوثيين في اليمن لم تُحدث تأثيرًا استراتيجيًا ملموسًا، مؤكدين أن الجماعة لا تزال ماضية في إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، كما ظهر في الهجوم الأخير الذي استهدف مطار بن غوريون.
وفيما يعتقد الإسرائيليون أن عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أحدثت تحولاً في السياسة الخارجية الأميركية، خصوصًا في التعامل مع ملف الحوثيين، فإن الواقع على الأرض يُظهر تعقيدًا متزايدًا في هذا الملف، لا سيما بعد استهداف الحوثيين لمطار بن غوريون.
وذكرت مجلة "غلوبس" أن "رغم الضربات الأميركية، لم تُستعد حرية الملاحة في البحر الأحمر بالكامل، إذ أطلق الحوثيون منذ استئناف الحرب على غزة في منتصف آذار 27 صاروخًا باليستيًا، تم اعتراض معظمها، باستثناء صاروخ واحد أصاب هدفه". وأشارت المجلة إلى أن إسرائيل لم تشارك في الهجمات ضد الحوثيين منذ عودة ترامب، تاركة الأمر للولايات المتحدة التي لم تحقق حتى الآن نتائج حاسمة.
ونقلت المجلة عن ياكي ديان، القنصل الإسرائيلي السابق في لوس أنجلوس، قوله أن "إدارة ترامب تبذل جهودًا أكبر من إدارة بايدن في مواجهة الحوثيين، من حيث عدد الضربات وكثافتها، لكن رغم تهديدات طهران المستمرة بشأن نقل الأسلحة، لم تُتخذ خطوات حاسمة حتى الآن، في ظل عدم رغبة الأميركيين في إرسال قوات برية، وغياب الحماسة لمثل هذه العملية من قبل الإمارات والسعودية والحكومة اليمنية".
من جانبه، قال الجنرال إيتان دانغوت، السكرتير العسكري الأسبق لثلاثة وزراء حرب وباحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن (JISS)، أن "الولايات المتحدة لم تخدع إسرائيل فيما يتعلق بالوضع في اليمن، لكن المبادرة تبقى بيد الأميركيين، ما يسمح لتل أبيب بالتركيز على جبهتها الشمالية، بينما تسعى واشنطن لحشد حلفائها العرب بما يعزز من موقفها".
وأضاف دانغوت أن "الضربات الأميركية تُظهر شدة أولية عالية، لكنها لم تُحدث إحباطًا لدى الحوثيين، ولم تُغير من تقييمهم الاستراتيجي، إذ استمرت عمليات الإطلاق ضد إسرائيل، مما يعكس تأثيرًا محدودًا للهجمات الأميركية"، مشيرًا إلى أن "المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران شجّعت الأخيرة على دفع الحوثيين لتكثيف هجماتهم كرسالة مزدوجة لكل من أميركا وإسرائيل".
وأوضح أن الهجوم الذي استهدف مطار بن غوريون فرض نفسه على أجندة الأمن القومي الإسرائيلي، مرجحًا أن تلجأ إسرائيل إلى "استراتيجية رد واسعة النطاق"، تشمل استهداف البنية التحتية للحوثيين وشخصيات بارزة في الجماعة، مضيفًا أن "حل معضلة الحوثيين يجب أن يأتي من الخارج، لكن كلما تأخر هذا الحل، تفاقمت الخسائر الاقتصادية في المنطقة".
وأشار إلى أن "هجمات الحوثيين أجبرت نحو 75% من السفن التي تحمل العلم الأميركي على تجنب المرور عبر البحر الأحمر، والتوجه نحو رأس الرجاء الصالح بدلًا من قناة السويس"، وهو ما اعتبره خسارة مباشرة لمصر، التي تُقدّر خسائرها الشهرية بـ800 مليون دولار، وإجمالي الخسائر لعام 2024 بنحو سبعة مليارات دولار.
وختم دانغوت بالتأكيد على أن تهدئة إقليمية شاملة أصبحت ضرورة ملحة، ليس فقط لأمن إسرائيل، بل للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في المنطقة، وخاصة في ما يتعلق بحركة الملاحة والتجارة العالمية عبر البحر الأحمر.