حتى من حاولوا الخروج من دائرة الابتزاز الكهربائي عبر الاستثمار في أنظمة الطاقة الشمسية، وجدوا أنفسهم أمام مفاجأة غير سارة: الألواح التي كانت حتى الأمس تؤمّن الكهرباء على مدار النهار، بدأت في الأيام الأخيرة تعجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية. فما الذي تغيّر؟
ارتفاع حرارة الألواح... "القاتل الصامت" للكفاءة
يشرح أحد مهندسي أنظمة الطاقة في لبنان لـ"ليبانون ديبايت" أن السبب الأول هو الحرارة المفرطة التي تتعرض لها الألواح الكهروضوئية. هذه الألواح مصمّمة للعمل بكفاءة مثالية عند درجة حرارة خلية تبلغ نحو 25°م، لكن مع حرارة الجو الحالية التي تراوح بين 35 و45°م، تصل حرارة الخلايا نفسها إلى أكثر من 60°م.
ويضيف: "كل درجة مئوية فوق 25°م تعني انخفاض الكفاءة بنسبة بين 0.3% و0.5%، وهذا يعني أن موجة الحرّ الحالية تُترجم تلقائيًا بانخفاض كبير في الإنتاج، حتى وإن كان ضوء الشمس وفيرًا".
الرطوبة العالية... أشعة شمس لا تصل كاملة
العامل الثاني هو الرطوبة المرتفعة التي تملأ الجو ببخار الماء، ما يؤدي إلى امتصاص جزء من الإشعاع الشمسي وتشتيته قبل أن يصل إلى سطح الألواح. والنتيجة، بحسب المهندس، هي تراجع ملحوظ في شدة الضوء الفعّال، خاصة في الأيام التي تكون فيها الرطوبة كثيفة، حيث يمكن أن يهبط الإنتاج بشكل واضح رغم أن السماء تبدو صافية بالعين المجرّدة.
الغبار والضغط على المكوّنات الإلكترونية
الأجواء الحارة والرطبة تخلق بيئة مثالية لالتصاق الغبار والملوثات على الألواح، خصوصًا في الصباح عندما تتكوّن طبقة رطوبة خفيفة على السطح، ما يحجب جزءًا من الضوء ويزيد من فقدان الكفاءة.
لكن الأمر لا يتوقف هنا، فالحرارة المرتفعة تضع المكوّنات الإلكترونية تحت ضغط هائل، وخصوصًا الإنفرترات (محولات التيار) وأجهزة التحكّم بالشحن. هذه الأجهزة، لحماية نفسها من التلف، قد تضطر إلى خفض قدرتها أو التوقف المؤقت، وهو ما يفاقم أزمة الإنتاج في أكثر الأوقات التي يحتاج فيها المواطن للكهرباء.
حلول مستوردة... لكنها ليست خارقة
وبينما يتمنّى اللبنانيون أن تكون الطاقة الشمسية حلًّا دائمًا لأزمة الكهرباء، تكشف موجة الحرّ الحالية أن هذه الحلول المستوردة ليست بمنأى عن الظروف المناخية القاسية، وأن الاعتماد الكلي عليها يستدعي فهمًا عميقًا لحدودها التقنية، وربما وضع خطط بديلة للأوقات الطارئة.