وسط انسداد المسار التفاوضي بين إيران والولايات المتحدة، عاد إلى الواجهة مقترح يُوصف بـ"الواقعي" لإعادة تحريك عجلة المحادثات النووية المتعثّرة: "اتفاق إطار سياسي" يحدّد المبادئ العامة والنقاط الجوهرية للتفاوض، على أن يُمهّد لاحقاً لاتفاق طويل الأمد وأكثر شمولاً. هذا الطرح، وفق ما نقلت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية، لا يهدف إلى تحقيق انفراجة شاملة في المرحلة الحالية، بل يسعى إلى منع انهيار المفاوضات بالكامل.
وأشارت الصحيفة إلى أن المقترح طُرح خلال الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة التي استضافتها روما يوم الجمعة الماضي، في ظل استمرار الدبلوماسيين العُمانيين بأداء دور الوساطة ونقل الرسائل بين الطرفين. وقد ترأس الوفد الأميركي المبعوث الخاص لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي غادر مقر إقامة السفير العُماني قبل نحو نصف ساعة من انتهاء اللقاء. أما الوفد الإيراني، فترأسه وزير الخارجية عباس عراقجي، الذي توجّه لاحقاً إلى الفاتيكان للقاء كلٍّ من وزير الخارجية الفاتيكاني بيترو بارولين، ووزير العلاقات الخارجية مع الدول بول ريتشارد غالاغر.
المفاوضات بين واشنطن وطهران لم تُسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة، حيث لا تزال نقطة الخلاف الأساسية تتمثل في مسألة تخصيب اليورانيوم. ووفق تقرير الصحيفة الإيطالية، يُصرّ الأميركيون على ضرورة توقّف إيران عن تخصيب اليورانيوم، باعتبار أن ذلك قد يفتح الطريق أمام تصنيع سلاح نووي. في المقابل، يُؤكّد الإيرانيون على الطبيعة السلمية لبرنامجهم النووي، ويرون أنّ هذا المطلب غير مقبول سياسياً ويشكّل "خطاً أحمر" لطهران.
وفي هذا الإطار، نقلت "لاريبوبليكا" عن مصدر دبلوماسي مطّلع على الملف أن من بين المقترحات المطروحة وقف تخصيب اليورانيوم لمدة ثلاث سنوات، مقابل رفع جزئي للعقوبات المفروضة على إيران. ووفق المصدر ذاته، من المفترض أن تحصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال هذه المرحلة الانتقالية على وصول واسع النطاق إلى المنشآت النووية الإيرانية لإجراء عمليات تفتيش، بما يتيح اختبار حسن النية الإيرانية، ويُمكّن حكومة الرئيس الإصلاحي، مسعود بزشكيان، من تقديم هذا الاتفاق كإنجاز اقتصادي في ظل الأزمة الراهنة.
لكن تنفيذ هذا السيناريو يبقى محفوفاً بعقبات عديدة، على رأسها انعدام الثقة العميق بين الجانبين. وفي موازاة ذلك، يكثّف الوسيطان العُماني والإيطالي جهودهما لسد الفجوات.
ووفق التقرير، قدّمت سلطنة عمان عدداً من المقترحات لتقريب وجهات النظر، بينما أكدت إيطاليا استعدادها لمواصلة دور الوساطة، إذ قال وزير خارجيتها أنطونيو تاجاني: "نحن مستعدون لاستضافة المزيد من المحادثات من أجل السلام، لأن روما ترغب في أن تكون في صلب المبادرات الساعية إلى إحلال السلام".
وفي موازاة هذه المفاوضات، وصل إلى العاصمة الإيطالية كلٌّ من رئيس جهاز الموساد دافيد برنياع، ووزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية رون ديرمر، حيث عقدا اجتماعاً مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، قبيل انطلاق اللقاءات مع الجانب الإيراني.
وتواصل إسرائيل التأكيد على أن "الخيار العسكري هو السبيل الوحيد لوقف الطموحات النووية الإيرانية"، غير أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يبدو منسجماً تماماً مع موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تلويحه هو الآخر باستخدام الخيار العسكري.