تتفاعل قضية ماريا فواز، زوجة الضابط محمد خليل (شقيق الوزير السابق علي حسن خليل)، بعدما كُشف النقاب عن نشاط تجاري مشبوه يُعتقد أنه غطّى على واحدة من أكبر عمليات الاحتيال المالي في لبنان خلال السنوات الأخيرة، بقيمة تقديرية تفوق 40 مليون دولار.
في ظاهر القضية، جرى الحديث إعلاميًا عن تورّط فواز وشريكتها زينب شمس الدين في تهريب أدوية سرطان عبر مطار بيروت الدولي وبيعها في السوق السوداء، وذلك عبر شركة تجارية مسجّلة رسميًا باسم فواز تُدعى “Maza Trading”، أُنشئت بتاريخ 24 تشرين الأول 2024. وعلى ضوء هذه المزاعم، أصدرت النيابة العامة المالية، وبناءً على تحقيقات مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال، قرارًا بختم الشركة بالشمع الأحمر.
لكن خلف هذا العنوان البراق المرتبط بالأدوية، تكمن وقائع مختلفة تمامًا. فبحسب ما تكشفه مصادر قضائية مطّلعة لـ”ليبانون ديبايت”، فإن القضية الحقيقية لا تتعلق بتهريب الأدوية، بل بما يبدو أنه عملية احتيال منظّمة، قامت فيها ماريا فواز بجمع عشرات ملايين الدولارات من أفراد أغرتهم بوعود تحقيق أرباح مغرية تتراوح بين 10% و20% شهريًا، مقابل استثمار أموالهم في مشاريع تجارية مزعومة.

ووفق المعلومات، كانت فواز تقدّم فوائد ربوية، مستغلّة جشع من وثق بها وسلّمها أمواله طمعًا بالفوائد العالية، في إطار مخالف للقانون وبعيد عن أي مسار شرعي. هؤلاء، وبعد انكشاف الأمر، يحاولون اليوم تحويل القضية إلى قضية رأي عام، والضغط على القضاء والأجهزة الأمنية لاستعادة أموالهم، رغم أنهم دخلوا أصلًا في علاقة مالية قائمة على مخاطرة واضحة وعوائد غير واقعية.
وتتابع المصادر أن الحديث المتداول عن تهريب أدوية قد لا يكون سوى محاولة متعمّدة لصرف الأنظار عن جوهر القضية، وتغليفها بطابع إنساني أو أخلاقي للتقليل من مسؤولية المتورطين، لا سيّما من جهة المتضررين الذين تجاهلوا كل المؤشرات القانونية وتورّطوا في استثمار أموالهم في مشروع غير واضح المعالم، مدفوعين بالربح السريع.

تجدر الإشارة إلى أن ماريا فواز ليست موجودة حاليًا في لبنان، بل فرت إلى جورجيا، وهناك نحو خمس دعاوى قانونية مرفوعة بحقها حتى الآن. وتُتابع النيابة العامة تحقيقاتها لكشف حقيقة الأموال المتداولة ومصيرها، وللتحقّق مما إذا كانت الجريمة تقتصر على الاحتيال المالي، أم أن هناك جانبًا مرتبطًا فعليًا بتهريب الأدوية.
في المحصّلة، تبدو قضية ماريا فواز أقرب إلى ملف نصب واحتيال ضخم، غُلّف بعناوين “الدواء” لتمويه حقيقة أن الأمر برمّته كان عملية ممنهجة لاستغلال الطمع البشري، وجمع الأموال تحت غطاء استثماري وهمي.
