المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الجمعة 13 حزيران 2025 - 07:29 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

“أبو مازن” يطلب تجميد تسليم السلاح

“أبو مازن” يطلب تجميد تسليم السلاح

"ليبانون ديبايت"- عبدالله قمح

تفصلنا أيام قليلة عن الموعد الذي حددته السلطة الفلسطينية في رام الله، في 16 من الشهر الجاري، لتسليم السلاح الفلسطيني داخل مخيمات بيروت. وحتى اللحظة، لا يوجد اتفاق فلسطيني-فلسطيني واضح بشأن صيغة هذا التسليم.

ما تزال القوى الفلسطينية المنضوية ضمن منظمة التحرير تعقد اجتماعات متواصلة لتنسيق المواقف والخروج بحلول. آخر هذه الاجتماعات عُقد قبل أيام، وضمّ ممثلين عن تلك القوى، دون مشاركة الفصائل الأخرى، سواء التابعة لـ”تحالف القوى” أو “التيارات الإسلامية”، التي لم يتم إبلاغها لا بموعد الاجتماع ولا بمضمونه.


لم يُفضِ الاجتماع إلى أي اتفاق يُذكر؛ إذ لم يكن أكثر من محاولة لترتيب مفاعيل “توريطة” انتهت بتكريس الانقسام. وحدهم المقرّبون من قيادة رام الله أعربوا عن استعدادهم لتنفيذ ما سموه “التزامات السلطة أمام الدولة اللبنانية”، دون أن يوضحوا كيف سيتم التنفيذ، فيما بدا الآخرون وكأنهم يسبحون في تيار جارف، تائهين وسطه.


وكانت الدولة اللبنانية، ممثلة بالمدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير وضابطين من مديرية المخابرات في الجيش، قد اجتمعت قبل نحو أسبوعين مع وفد من مسؤولي منظمة التحرير، وقد تم إبلاغهم نيابةً عن الدولة بضرورة تحديد تاريخ وآلية واضحة لتسليم كامل السلاح، لا جزءًا منه فقط، على أن يُصار إلى إبلاغ الجانب اللبناني بذلك وفق الآلية التي تم التوصّل إليها خلال زيارة “أبو مازن” الأخيرة إلى بيروت.

مضت الأيام، ولم يحصل أي تطور يُذكر، بل جاءت مطالبات السلطة على شكل دعوة إلى اجتماع جديد غير محدد البنود، ما أوحى بوجود نية لإجراء تعديلات على ما سبق الاتفاق عليه، يُشمّ منها رائحة محاولة لكسب الوقت.


حتى الآن، لا توجد آلية واضحة، ولا اتفاق تنفيذي بين القوى الفلسطينية، ولا حتى بينها وبين الدولة، باستثناء ما أُبلغت به الأخيرة حول المواعيد المحددة لتسليم السلاح، والتي يبدو أنه قد جُمّد العمل بها مؤقتًا بحكم الانقسام الفلسطيني الداخلي. ما غذّى شعورًا متزايدًا بأن السلطة تسعى لنقل الأزمة إلى ساحة خصومها، في محاولة منها للتنصل من مسؤوليتها.


في المقابل، تُظهر الأجواء داخل حركة “فتح” أن تطبيق الالتزامات المتعلقة بتسليم السلاح “مسألة غير منجزة”، مع اعترافها بوجود صعوبات في إنجاز الاتفاق مع الدولة اللبنانية. لذلك، بدأت الحركة - بتكليف من سلطة رام الله - طرح مجموعة من الأفكار والخيارات “غير الواقعية”، كاقتراح بدء التسليم في مخيمات صور (البص، الرشيدية، والبرج الشمالي) بدلًا من مخيمات بيروت (مار الياس، شاتيلا، وبرج البراجنة)، أو إجراء تعديل على المواعيد التي حُدِّدت سابقًا وجرت الموافقة عليها مع الحكومة اللبنانية، مع اعترافها بصعوبة ذلك، نظرًا إلى احتمال أن يتسبب أي خيار مماثل بأزمة عميقة مع السلطة في بيروت.


كل ما تقدّم يمكن إدراجه في إطار محاولات الهروب إلى الأمام وتحويل الأنظار عن الأزمة الحقيقية المرتبطة بغياب القدرة لدى “المنظمة” على فرض تسليم السلاح حتى على أقرب فصائلها، أي حركة “فتح” وكفاحها المُسلّح، مع ما يشمل ذلك أيضًا من محاولة واضحة لتوريط خصومها - تحديدًا القوى غير المنضوية في منظمة التحرير، وعلى رأسها حركة “حماس” - وتحميلهم عبء تنفيذ الخطة.

وقد اعترضت “حماس” على ذلك بقوة، معتبرةً أنها غير معنية بأي طرح لم تُستشَر فيه ولم يُعرض عليها مسبقًا.


عمليًا، يشبه المشهد الراهن رجلًا تائهًا في الصحراء، عاجزًا عن إنتاج حل لأزمة تسبب بها بنفسه بعد أن قرر السير خارج القافلة. هذا ما يعبّر عنه بعض المقرّبين من “فتح”، الذين يقولون إن الحركة “تحمّست” نتيجة مفاعيل زيارة “أبو مازن”، الذي اتخذ القرار منفردًا دون التشاور مع أركان “ساحة لبنان”، ودون مراعاة لآليات التنفيذ، فَوَرّط وتورّط.

بعض قادة “فتح”، الطامحين إلى مجرد “نظرة” من رام الله، تعاملوا مع وعود أبو مازن كأنها أوامر منزلة، ليكتشفوا لاحقًا أن الأرضية الفلسطينية الداخلية غير مهيّأة، وأنهم تورّطوا مع أجهزة الدولة اللبنانية، التي أدت دورًا بارعًا في نقل الأزمة من ملعبها إلى داخل المخيمات.

واليوم، تمارس الدولة ضغوطًا متزايدة باتجاه التزام القوى الفلسطينية بما وعدت به، بينما تُرك “فتح” المخيمات لتواجه ارتدادات القرار وحدها.


في هذا السياق، تبدو الدولة اللبنانية - بذكاء سياسي محسوب - وكأنها نجحت في تفكيك الأزمة إلى عناصرها الفلسطينية، لتديرها من فوق لا من تحت.

حوّلت “أزمة السلاح”، التي كان يُفترض أن تكون بينها وبين الجماعات الفلسطينية، إلى أزمة ثقة وعلاقات فلسطينية-فلسطينية. وبدل أن تُتّهم بالعدائية تجاه الفلسطينيين من خلال فرض نزع السلاح، باتت تلعب دور الوسيط الذي يضغط على الفلسطينيين لتنفيذ ما التزموا به، فيما تقف متفرجة على التناحر داخل “فتح” وبين الفصائل، التي بدأت تتنصل من مسؤولية التسليم، بعدما أصبحت ضغوط المخيمات أكبر من قدرتها على الاحتمال.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة