في الساعات الأولى من فجر اليوم الجمعة، شنت الطائرات الإسرائيلية من طراز "إف-15" هجمات جوية واسعة على أراضٍ إيرانية، مستهدفة منشآت نووية وصاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين، في عملية وصفتها إسرائيل بأنها "الضربة الافتتاحية" ضمن حملة مطولة لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي.
وقد شهدت عدة مواقع في إيران، من بينها منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، انفجارات متتالية وفق تقارير إيرانية وشهادات شهود عيان. في المقابل، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم رصد أي تسرب إشعاعي أو زيادة في مستويات الإشعاع في نطنز، ما يشير إلى أن الضربات كانت محدودة بهدف تعطيل المنشآت دون التسبب في أضرار نووية بيئية واسعة.
تقع منشأة نطنز على بعد نحو 250 كيلومتراً جنوب طهران، محمية بطبقات من التحصينات الخرسانية والجبال، وبأنظمة دفاع جوي متطورة، ما يجعل ضربها تحدياً استراتيجياً كبيراً. ومن المرجح أن إسرائيل استخدمت قنابل دقيقة التوجيه متطورة قادرة على إلحاق أضرار كبيرة دون الحاجة لاختراق المنشأة بالكامل، مثل قنابل "بي إل يو 109" و"رامبيج"، بالإضافة إلى ذخائر متطورة طورتها شركة "رافائيل" الإسرائيلية.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن العملية التي أطلق عليها اسم "الأسد الصاعد" شاركت فيها نحو 200 مقاتلة، استخدمت أكثر من 300 قنبلة، واستهدفت نحو 100 هدف في مواقع مختلفة داخل إيران، بينما استمرت الطائرات في تنفيذ ضربات جديدة.
وامتازت العملية بتكامل الطائرات "إف-15" القادرة على حمل أسلحة ثقيلة ومدى تحليق واسع، مع طائرات "إف-16" المرنة، لتوفير دقة وفاعلية عالية في الهجمات.
وتجاوزت إسرائيل الاعتماد على الهجمات الجوية فقط، حيث كشفت تقارير إسرائيلية عن قيام جهاز الموساد بزرع عملاء داخل إيران على مدى أشهر، قاموا بتشغيل طائرات مسيرة هجومية وصواريخ مضادة للدروع من داخل الأراضي الإيرانية، إضافة إلى إنشاء قاعدة سرية للطائرات المسيرة داخل إيران، ما ساعد في تحييد أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية وتسهيل العمليات الجوية.
وأظهرت لقطات مصورة القوات الإسرائيلية أثناء تركيب أسلحة دقيقة قرب مواقع حساسة في إيران، بينما أكدت مصادر إسرائيلية أن الموساد استغل سنوات من جمع المعلومات الدقيقة عن شخصيات بارزة في المؤسسة الدفاعية الإيرانية، والبنية التحتية النووية والصاروخية، لتخطيط وتنفيذ هذه العملية المعقدة.
رغم الضربات الجوية المكثفة، يرى محللون أن هذا الهجوم يكشف مأزق إسرائيل، التي تحاول بقدر الإمكان إبطاء تقدم البرنامج النووي الإيراني، لكن دون القدرة على إيقافه بالكامل. وتعتبر إيران خصماً مرناً يمتلك خبرة طويلة في إدارة الحصار والصراع، مما يجعلها أكثر قدرة على الصمود أمام الضربات المباشرة.
ويعتقد خبراء أن الضربات الإسرائيلية قد تؤخر البرنامج النووي الإيراني عدة أشهر فقط، بينما تقدر الضربات الأميركية المحتملة بأنها قد تؤخره حتى عام كامل. وفي ظل تصاعد التصعيد العسكري وتنامي الدعم الأميركي لإسرائيل، يبدو أن إيران تتجه بوتيرة متسارعة نحو امتلاك السلاح النووي كخيار استراتيجي ضروري لضمان بقائها.
وفي الوقت نفسه، أعلنت إسرائيل حالة الطوارئ تحسباً لأي رد إيراني، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من تصعيد أمني قد يجر المنطقة إلى مواجهة أوسع، في ظل مواجهة جديدة تتخطى أبعادها الجغرافية لتشمل حرباً شاملة من الطائرات المقاتلة والطائرات المسيّرة والعملاء وحرب المعلومات والاستخبارات.