كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن مسؤولاً أمنياً سورياً سابقاً أدلى بأول إفادة أمام السلطات الأميركية، حيث أكد أن الصحافي المستقل أوستن تايس قُتل عام 2013 بأوامر مباشرة من الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وكان المسؤول هو بسام الحسن، المستشار السابق للأسد للشؤون الاستراتيجية وأحد المقربين منه، حيث خضع لاستجواب مكثف من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في بيروت خلال أبريل الماضي، بحضور مسؤولين لبنانيين.
وقال الحسن إن الأسد أمر بتصفية تايس بعد فراره لفترة وجيزة من أحد مراكز الاحتجاز، وأنه نفذ الأمر عبر أحد مرؤوسيه. وأوضح أنه حاول إقناع الأسد بالإبقاء على حياة تايس لاستخدامه كورقة تفاوض مع واشنطن، لكن دون جدوى.
رغم أهمية هذه المعلومات، أكد مسؤولون أميركيون عدم وجود أدلة قاطعة حتى الآن تؤكد رواية الحسن، معربين عن صعوبة التأكد من صحتها.
من جهته، وصف مارك تايس، والد أوستن، تصريحات الحسن بأنها "ادعاءات من مجرم حرب"، مؤكداً أنه معروف بإنكاره للفظائع ولا يمكن الوثوق بكلماته، معتبراً أنها محاولة لتبرئة نفسه.
وكشفت الصحيفة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي أطلع عائلة تايس على فحوى التحقيقات مع الحسن، بينما سافرت والدته ديبرا إلى بيروت في مايو أملاً بلقائه، إلا أن الاجتماع لم يتم.
يُذكر أن الحسن خضع لعقوبات أميركية في 2014 بسبب صلته ببرنامج الأسلحة الكيميائية السوري، وقد غادر لبنان بعد التحقيق وتوارى عن الأنظار. في المقابل، تؤكد الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع حرصها على التعاون مع الولايات المتحدة وعائلة تايس لكشف مصيره.
وأفاد الحسن مكتب التحقيقات بأوصاف لمواقع يُعتقد أنها تحتوي على رفات تايس، لكنها غير دقيقة ومتركزة حول دمشق، حيث بدأت فرق أمريكية محاولات لتفتيش بعض هذه المواقع.
وقال صفوان بهلول، ضابط استخبارات سوري سابق، إنه أشرف شخصياً على استجواب تايس في جنوب دمشق بعد اعتقاله، وأن الحسن سلّمه هاتفه الخاص للتحقق من هويته، حيث أكد تايس أنه ضابط سابق في مشاة البحرية الأمريكية ويعمل صحافياً حراً لصالح واشنطن بوست.
وزعم بهلول أن الحسن أمر بتصوير الفيديو الشهير الذي نُشر عام 2012، والذي أوحى زوراً باختطاف تايس لدى جماعة متطرفة، فيما أكدت الاستخبارات الأمريكية لاحقاً أن الفيديو من إنتاج النظام السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقييمات الاستخبارات الأميركية منذ 2016 رجحت، بشكل غير مؤكد، أن تايس قد يكون لا يزال حياً، لكن بعد سقوط نظام الأسد نهاية 2024 وعدم ظهور أي أثر له، تتجه الترجيحات إلى مقتله.
وقال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في آذار الماضي: "مرت سنوات طويلة منذ اختفاء أوستن، لكننا لن نتوقف عن البحث عنه حتى نحصل على إجابة قاطعة. كثير من الأمور السيئة حدثت، لكن الأمل لا يزال قائماً".
فتح سقوط نظام الأسد في كانون الثاني 2024، وهروب رموزه إلى روسيا، الباب أمام جهود جديدة لكشف مصير تايس، لكن حتى الآن لا توجد أدلة قاطعة حول مكانه أو وضعه.