الباحث السياسي ربيع دندشلي، يرى في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "حزب الله، ككل أركان "محور المقاومة" المرتبطة بإيران، مطلوب منه أن يكون في موقع المواجهة، سواء كان ذلك في الداخل اللبناني أو في المنشآت الإيرانية المنتشرة في المنطقة، من الواضح أن إيران، مؤخرًا، بدأت تتخذ منحى تصعيديًا في خطابها، ويُعتقد أن هناك طلبًا من بعض الجهات الإيرانية بأن تُطلق إشارات تصعيدية من قبل الحلفاء، في محاولة لرفع سقف المواجهة، بهدف تسريع المفاوضات أو دفع العملية إلى أن تنتهي".
ويقول: "لا شك أن إيران، إن طلبت من حزب الله إطلاق صاروخ أو الدخول في معركة، فسيقوم بذلك، فالحزب مرتبط عضويًا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، وليس هذا الدعم الإيراني المستمر له ماليًا وعسكريًا ولوجستيًا خارجًا عن سياق الأمن القومي الإيراني أو مشروعها التوسعي في المنطقة. حزب الله هو جزء من منظومة سياسية-عسكرية متكاملة، تمثّل استثمارًا استراتيجيًا لإيران في الخارج".
ويشير إلى أن "هناك تطمينات بأن حزب الله لن يتدخل، إلا أن اللهجة تغيّرت مؤخرًا، ورأينا تبدّلًا في خطاب أمين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، وإسرائيل التقطت اللهجة التصعيدية الجديدة وأعادت تحذير الحزب من الدخول في هذه الحرب".
ويعتبر أن "حزب الله قد يكون قادرًا على اتخاذ قرار المواجهة من أجل إيران، ولكنه يعلم أيضًا أن إسرائيل لن تمرر ذلك بسهولة، نحن، حتى الآن، ما زلنا في قلب المعركة، فالردم لا يزال على الأرض، وهناك أسرى، وغارات إسرائيلية جوية يومية، واستهدافات متكررة، هذه الحرب لم تنتهِ، ولم تُحسم، لأن إسرائيل لا تنوي وقف عملياتها قبل أن تضمن أمنها بالكامل، وبشكل لا تهدده أية بنية مقاومة، لا الآن ولا خلال العقود المقبلة".
في المقابل، يوضح أن "حزب الله نشأ على قاعدة مقاومة هذا "العدو"، وهويته العقائدية والأيديولوجية ترتكز على هذا التوجّه، وبالتالي من الطبيعي أن يستمر في استخدام خطاب المقاومة وردع العدوان، وما إلى ذلك، لكن المغامرة كبيرة، فإذا قرر الحزب أن يوجه ضربة لإسرائيل، فذلك يعني أنه قرر فتح حرب جديدة، علمًا أن إسرائيل لا تنتظر ذريعة، ولا تحتاج إلى ذرائع لتبرير عدوانها، وهو ما شهدناه في اجتياحات سابقة وحروب متكررة، والخشية الحقيقية اليوم هي أن الحزب، عبر هذه الخطوة، يعطي إسرائيل ذريعة جديدة لتفتح حربًا شاملة عليه، وعلى قدراته، ومقدراته، وعلى ما تبقى من موارده البشرية والعسكرية علمًا أن إسرائيل ليست لحاجة إلى ذرائع".
وبرأيه، أنه "حتى هذه اللحظة، لا شيء يستدعي قرار دخول حزب الله في المعركة مع إيران، فهي ليست محاصَرة ضمن زاوية معيّنة بعد، وبحاجة إلى فتح جبهة أخرى، لكن من الضروري التوضيح أن الحرب اليوم على إيران، إن حصلت، ليست بالأمر البسيط، سابقًا، في لبنان، سمعنا كثيرًا عن "معركة الإسناد" كتبرير لفتح الجبهة الجنوبية، بهدف التخفيف عن غزة، لكن في الواقع أن القدرة الإسرائيلية باتت واضحة، وإسرائيل قادرة على تنفيذ ضربات متزامنة، في اليمن، وفي لبنان، وفي إيران في ليلة واحدة، وبالتالي، فإن فتح جبهة من لبنان، إن لم يترافق مع استهدافات نوعية ودقيقة داخل فلسطين المحتلة، لن يُحدث تأثيرًا جوهريًا على إسرائيل، ولن يغيّر في واقع المواجهة مع إيران، والمرحلة التي قد تستدعي تدخلًا مباشرًا من محاور أخرى، هي عندما تصل إيران إلى لحظة مفصلية ويسقط خيار التفاوض تمامًا، أو عندما تصبح على شفير الانهيار العسكري أو سقوط النظام الإيراني".
ويلفت دندشلي، إلى أنه "رغم التصعيد في الخطابين الأميركي والإيراني، يبقى السيناريو الأكثر منطقية والمتوقّع في المرحلة القريبة، هو التوصّل إلى اتفاق بين الإيرانيين والأميركيين، يهدف إلى تجنّب حرب مفتوحة، وكل طرف سيكون لديه مبرّره، الإسرائيلي سيرى ذلك إنجازًا لأنه ضرب القدرة الإيرانية على دعم المقاومة، وسيسوّق لهذا الاتفاق كنصر، الأميركي سيعتبر أنه نجح في تدمير المشروع النووي الإيراني أو تجميده، أما الإيراني، فسيُقدّم الاتفاق على أنه فرصة لالتقاط الأنفاس، وإعادة بناء برنامجه النووي والعسكري، وتنظيم علاقاته وتحالفاته وميليشياته في المنطقة".