ألقى العلامة علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، حيث استهل حديثه بالعدوان الإسرائيلي المستمر على الجمهورية الإسلامية في إيران، مشيراً إلى أن هذا العدوان لم يعد يقتصر على منع إيران من امتلاك القدرة النووية العسكرية، بل بات يستهدف موقفها الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته.
وأوضح أن هذا الاستهداف يشمل المس بالقدرات العسكرية والأمنية والاقتصادية والعلمية لإيران، إضافة إلى قيادتها السياسية والدينية، بهدف تقويض النظام وإضعاف تماسك شعبها.
وأكد فضل الله أن التصعيد العدواني ضد إيران مستمر رغم استعدادها للتفاوض حول برنامجها النووي لإثبات سلميته، لافتاً إلى المفارقة في أن الكيان الصهيوني، الذي يمتلك أكثر من مئتي رأس نووي، هو من يطالب بذلك.
وأشار إلى أن هذا العدوان بدأ يأخذ أبعاداً خطيرة على المنطقة والعالم، خاصة مع تلويح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمشاركة المباشرة في الحرب، وصولاً إلى التهديد باغتيال مرشد الجمهورية الإسلامية، وهو تهديد يتجاوز كل الحدود، دون اعتبار للموقع الذي يمثله المرشد على الصعيدين الإيراني والعالمي الإسلامي.
وأضاف أن العدو الصهيوني يعتقد أنه قادر على تحقيق أهدافه من خلال اغتيالات القيادات العسكرية والأمنية والعلمية، والاستهدافات التي تهدف لدفع إيران للاستسلام والقبول بالشروط المفروضة عليها.
لكنه أشار إلى أن الرد الإيراني كان قوياً، مؤكداً أن إيران ليست سهلة المنال، وأنها قادرة على رد العدوان بفضل إيمانها وصمود شعبها وتماسكه خلف قيادته العسكرية والأمنية، رغم الخسائر والجراح.
أعرب فضل الله عن أمله بأن تسفر المفاوضات الحالية أو المستقبلية عن إنهاء هذه الحرب المفروضة على إيران، محذراً من تداعياتها الخطيرة على المنطقة والعالم، لا سيما مع احتمالية مشاركة الرئيس الأميركي المباشرة في الحرب.
وأكد إدانته للعدوان الذي تتعرض له إيران، ليس من منطلق طائفي أو مذهبي أو سياسي، بل من منطلق إسلامي وإنساني يدعو إلى الوقوف في وجه الظالم ونصرة المظلوم. كما شدد على أهمية دعم حق الشعوب في السيادة على أراضيها وامتلاك قرارها الحر.
دعا فضل الله العالم العربي والإسلامي إلى تجاوز الاعتبارات السياسية والمذهبية والقومية، التي تحول دون اتخاذ مواقف واضحة إلى جانب المظلوم، مؤكدًا أن الاكتفاء بالإدانة لا يكفي، بل يجب تبني مواقف أكثر صرامة لردع العدو عن عدوانه.
وحذر من أن تحقيق أهداف هذا العدوان سيمنح "العدو الصهيوني" اليد الطولى في المنطقة، مما سيمكنه من تكرار استهداف الدول الساعية لبناء قوتها أو لدعم القضية الفلسطينية.
انتقل فضل الله للحديث عن الوضع اللبناني، مشيراً إلى استمرار العدو الصهيوني في استهداف لبنان عبر الاغتيالات والطائرات المسيرة التي تهدد أمن اللبنانيين. وأكد أن لبنان والمقاومة ملتزمان باتفاق وقف إطلاق النار، رغم الانتهاكات المستمرة للسيادة اللبنانية.
دعا فضل الله الدولة اللبنانية إلى العمل الجاد على وقف نزيف الدماء والترويع الذي يعاني منه المواطنون، وتأمين حريتهم في العيش بأمان داخل قراهم. وشدد على أهمية استعادة هيبة الدولة ومصداقيتها من خلال حماية السيادة اللبنانية ومقدرات اللبنانيين.
وجدد فضل الله دعوته إلى الامتناع عن الخطابات الاستفزازية والإقصائية التي تمس بطوائف متجذرة في لبنان شاركت في بناء الوطن وقدمت التضحيات من أجل سيادته وحريته.
وأكد أن الاختلافات السياسية في لبنان يجب أن تُدار بحكمة بعيداً عن التخوين أو الرفض المتبادل، لما في ذلك من تداعيات سلبية تؤدي إلى تصاعد الانقسامات، وتعزز هواجس اللبنانيين تجاه بعضهم البعض، وتخدم مصالح من يريدون زعزعة استقرار الوطن.
وختم فضل الله بالتأكيد على ضرورة التكاتف الوطني ونبذ الانقسامات، والعمل معاً لحماية لبنان من التداعيات الإقليمية والدولية، وضمان استقراره واستقلال قراره.