"ليبانون ديبايت"
وسط الإنشغال بتطورات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، أتت زيارة السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، إلى بيروت منذ أيام، لتعيد التذكير بالروزنامة الداخلية والإلتزامات اللبنانية في اللحظة الحرجة التي يمر بها لبنان والمنطقة، خصوصاً في ظل تنامي القلق من أن تتأثر الهدنة الهشة في لبنان بالصراع الدائر، وأن ينزلق لبنان مجدداً إلى دائرة التصعيد العسكري مع إسرائيل.
ووفق أوساط سياسية عليمة، فإن زيارة باراك، تجيب على الشكوك التي ظهرت أخيراً حول احتمال تراجع الإهتمام الأميركي بالملف اللبناني، حيث أن الدبلوماسي اللبناني الأصل، أعاد التذكير بموقف واشنطن المتمسك باتفاق وقف إطلاق النار وبتنفيذ القرار 1701، من دون أن تكون المهل الزمنية مفتوحةً من أجل تحقيق هذا الطلب.
لكن الأوساط السياسية تؤكد ل"ليبانون ديبايت"، أن الإهتمام الأميركي بلبنان، هو شأن يعود إلى اللبنانيين أولاً، الذين عليهم الخروج من الدوّامة التي ما زالوا عالقين بها، وتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، بأنهم يقومون بخطوات مفصلية على صعيد الإصلاح، وبشكلٍ خاص بعدما بات جلياً أن ما تغيير نوعي قد حصل في الداخل اللبناني، على مستوى معالجة الأزمات وليس الإكتفاء بإدارتها.
وتقرّ الأوساط بأن المشهد الداخلي ما زال على معادلاته السابقة، حيث أن السياسيين هم أنفسهم، والسياسات لم تتغيّر، وذلك على الرغم من أن رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة تمام سلام، يحاولان تحقيق التغيير، ولكن فعلياً على الأرض، لم تسجّل أي خطوات "شجاعة" ليكون تغيير نوعي، يلمسه الموفدون والدبلوماسيون الذين يزورون بيروت في الفترة الحالية لاستكشاف مدى التقدم على هذا الصعيد.
واللافت في هذا الإطار، هو أن الإهتمام الأميركي والدولي، يتركز على كيفية حلّ الأزمات المتراكمة، ما يدفع المسؤولين إلى ترجمة التزاماتهم عبر قرارات تمهد للتغيير الفعلي في الإدارة مثل مكافحة الفساد على سبيل المثال أو إصلاح البنى التحتية وحل أزمة الودائع وغيرها، لأنها ستكون بمثابة الإشارة إلى العالم بأن لبنان قد تغير.
إنما في المقابل، تكشف الأوساط بأن لبنان يرسل إشارات متناقضة إلى المجتمع الدولي، وقد كانت خطوة التعيينات الأخيرة من أحد الإشارات السلبية، حيث بقي القديم على قدمه من حيث الإبقاء على نهج المحاصصة، ما قد يدفع بالمجتمع الدولي إلى اعتبار لبنان "غير قابل للتغيير"، وفقدان الأمل بإنقاذه، ما يرتب مسؤوليات على اللبنانيين لكي يطالبوا بالتغيير الحقيقي، ويدفعوا المجتمع الدولي إلى تغيير نظرته للبنان.