اقليمي ودولي

سكاي نيوز عربية
الثلاثاء 24 حزيران 2025 - 07:27 سكاي نيوز عربية
سكاي نيوز عربية

تهديد إيراني بإغلاق مضيق هرمز يربك أسواق الطاقة العالمية

تهديد إيراني بإغلاق مضيق هرمز يربك أسواق الطاقة العالمية

حين يضيق مضيق هرمز، تتسارع أنفاس أسواق الطاقة العالمية، ويعلو منسوب القلق في غرف التداول والمصارف المركزية على السواء. هذا الممر البحري الذي تمر عبره يومياً خُمس صادرات النفط العالمية لم يعد مجرد معبر استراتيجي، بل تحوّل إلى مؤشر فوري على التوتر الجيوسياسي وتقلبات الأسواق.


عاد المضيق إلى دائرة الخطر مع التصعيد الأخير بين طهران وواشنطن، بعد تهديد إيراني بإغلاقه ردّاً على الهجمات الأميركية، ما أثار مخاوف جدية حول أمن الإمدادات واستقرار الأسعار ومصير الاقتصادات الكبرى التي تعتمد على تدفقات الطاقة من الخليج. لكن السؤال الأبرز يبقى: هل تملك إيران فعلاً القدرة على قطع هذا الشريان الحيوي دون أن تخنق اقتصادها أولاً؟ وكيف تستعد الأسواق والمنتجون الكبار لأسوأ السيناريوهات؟


وزير الخارجية الأميركي وصف التلويح الإيراني بإغلاق مضيق هرمز بأنه "انتحار اقتصادي"، مشيراً إلى أن المضيق، الذي لا يتعدى عرضه 33 كيلومتراً، تمر عبره يومياً أكثر من 18 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات، أي ما يعادل 20 بالمئة من إجمالي صادرات النفط والغاز العالمية، و40 بالمئة من النفط المنقول بحرياً حول العالم، فضلاً عن كونه ممراً لشريان يمر عبره 11 بالمئة من حجم التجارة البحرية العالمية.


التهديد الإيراني لم يكن مجرّد لعبة أعصاب، بل يستند إلى قرار سياسي خطير، إذ صوّت البرلمان الإيراني بالإجماع على إغلاق المضيق، مع ترك الكلمة الفصل للمرشد الأعلى علي خامنئي، بحسب الخبير الدولي في شؤون الطاقة الدكتور ممدوح سلامة.


تصدّر إيران حوالي 90 بالمئة من نفطها عبر جزيرة "خرج"، و10 بالمئة عبر "جزيرة لافان" وميناء بندر عباس شمال مضيق هرمز، ما يجعل إغلاق المضيق عملياً خنقاً لصادراتها النفطية، التي توجه معظمها إلى الصين. رغم افتتاح محطة "جاسك" على خليج عُمان عام 2021 بقدرة تصديرية تصل إلى مليون برميل يومياً لتكون بديلاً استراتيجياً، إلا أن هذه المنشأة عرضة لضربات عسكرية قد تخرجها عن الخدمة، مما يجعل خطوة إغلاق المضيق بمثابة طلقة في القدم الإيرانية من الناحية الاقتصادية.


في حال تنفيذ إغلاق المضيق، تملك بعض دول الخليج بدائل جزئية للتخفيف من آثار الانقطاع النفطي. السعودية لديها خط أنابيب "شرق-غرب" الذي ينقل النفط إلى البحر الأحمر بطاقة نظرية تصل إلى 5 ملايين برميل يومياً، مع قدرة فعلية حالية بين 2 و3 ملايين برميل، قابلة للزيادة بتعديلات تقنية. الإمارات تعتمد على خط "حبشان-الفجيرة" بطاقة تتراوح بين 1.5 و1.8 مليون برميل يومياً، مع إمكانية رفعها أيضاً. الكويت والسعودية والإمارات تخزن ملايين البراميل في مستودعات استراتيجية حول العالم، في محاولة لاحتواء أي انقطاع مفاجئ. العراق يمتلك خط "كركوك-جيهان" نحو تركيا، الذي قد يعاد تفعيله إذا تصاعدت الأزمة، بينما قطر والبحرين تعتمدان بالكامل على المضيق دون بدائل بحرية، ما يجعلهما الأضعف في مواجهة إغلاق كامل.


من الناحية الفنية، يعد إغلاق مضيق هرمز كاملاً أمراً صعباً، إذ يبلغ عرضه الأدنى حوالي 30 ميلاً، ولكن طهران تمتلك أساليب غير تقليدية مثل تحذيرات مباشرة لناقلات النفط أو زرع ألغام بحرية قد تؤدي إلى انفجار ناقلة واحدة، وهو سيناريو كفيل بشل الحركة وخلق ذعر عالمي في أسواق الطاقة. ويؤكد الدكتور سلامة أن خطر هذه المناورة حقيقي، لأن اصطدام ناقلة واحدة بلغم قد يسبب كارثة ليس فقط في أسواق النفط، بل أيضاً على مصادر مياه الخليج التي تعتمد على التحلية.


من المتوقع أن يقفز سعر برميل النفط فوق 120 إلى 130 دولاراً فور إغلاق المضيق، مع فقدان نحو 15 مليون برميل يومياً من السوق، ما يشكل كارثة اقتصادية عالمية. هذا الوضع سيؤدي إلى توسع كبير في العجز الأميركي، نظراً لاعتماد الولايات المتحدة على استيراد 8 ملايين برميل يومياً، رغم إنتاجها الداخلي الكبير.


كما قد تضطر واشنطن إلى طباعة المزيد من النقد لتغطية العجز، مما يزيد من خطر ارتفاع الديون وانهيار الثقة بالدولار. وتأثير الصدمة النفطية سيمتد حتى إلى الاقتصاد الأميركي ككل، حتى إذا لم تستورد الولايات المتحدة النفط الخليجي مباشرة.

على الصعيد الدولي، تواصل وزير الخارجية الأميركي مع الصين لإقناعها بالضغط على إيران، لكن الرد الصيني لم يكن حاسماً، مع احتمال ترك بكين لطهران حرية الرد، ما يزيد من احتمالات التصعيد.


يبقى إغلاق مضيق هرمز خياراً مطروحاً بجدية على طاولة إيران كرد فعل على الهجمات الأميركية، وسط ضيق البدائل وارتفاع التوتر. وبين شد الحبل السياسي والاقتصادي، يبقى السؤال: هل ستقدم طهران على الانتحار الاقتصادي لشلّ اقتصاد العالم، أم ستفضّل تسوية جيوسياسية في اللحظة الأخيرة لتفادي أزمة عالمية كبرى؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة