في هذا الإطار، يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرب التوصّل إلى اتفاق لا يتسم بالمصداقية حتى الآن، وهذا ليس الإعلان الأول له في هذا الشأن".
ويشير إلى أنه "بحسب بعض المصادر، لا تزال الاتصالات السياسية منخفضة، وأشبه بحراك استطلاعي، لكنه يلفت إلى أن هناك متغيرات في البيئة السياسية تخلق فرصة مواتية للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار تتمثل بعدة أمور، أبرزها:
أولاً: برزت مصلحة سياسية داخلية لنتنياهو بالذهاب إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مع ارتفاع مستوى التأييد الشعبي له بعد العدوان على إيران، وإشراكه واشنطن بقصف المشروع النووي الإيراني، بمعنى أنه إذا ذهب إلى اتفاق مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية الآن، فإنه سيذهب قوياً إلى الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، لا سيما وأن أغلبية الجمهور الإسرائيلي (نحو 70%) يريدون وقف الحرب على غزة وإطلاق سلاح الأسرى باتفاق مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية.
ثانيًا: غزة والمقاومة الفلسطينية، رغم الكارثة الإنسانية، لا تزال متماسكة، وقد نجحت المقاومة في حرب استنزافها لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد تابعنا زخمًا في عمليات المقاومة، كان أبرزها عملية كتائب القسام شرق خانيونس قبل ثلاثة أيام، بوضع عبوة متفجرة في قمرة قيادة أحد المدرعات واستهداف آلية أخرى، ما أودى بحياة ضابط و6 جنود، وإصابة نحو 17 جنديًا بينهم حالات خطرة، وهذا يؤكد أن نتنياهو إذا لم يذهب إلى اتفاق وقف إطلاق النار قريبًا، فإن رصيده من "الإنجاز" أمام إيران، وشعبيته التي ارتفعت، ستتآكل ويعود خطوات إلى الوراء.
ثالثاً: الإدارة الأميركية والوسطاء ودول الإقليم يرون في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مدخلاً مهماً لتهدئة التوتر في الإقليم، الذي شهد معركة كبيرة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، وكادت أن تتحول إلى حرب إقليمية سيكون لها تأثير كبير على دول المنطقة والاقتصاد العالمي.
ويوضح أن "الطرف الفلسطيني وحركة حماس أعربا في أكثر من مناسبة عن إيجابيتهما في التعامل مع أي مقترحات تُفضي إلى وقف إطلاق نار دائم، وانسحاب شامل لجيش الاحتلال من قطاع غزة، وإدخال المساعدات والشروع في إعادة الإعمار مقابل إطلاق سراح أسرى متبادل. وهذا يشكل الحد الأدنى للمطالب الفلسطينية التي هي حقوق طبيعية متسقة مع القانون الدولي".
ويعتقد الحيلة أن "أي صيغة، إن كانت شاملة على أساس دفعة واحدة أو شاملة على مراحل، وتلبي الحد الأدنى من الحقوق والمطالب الفلسطينية المشار إليها آنفًا، يمكن لها أن ترى النور، وأن تكون منصة للخروج من الأزمة الراهنة ووقف الكارثة الإنسانية والإبادة الجماعية وسياسة التجويع الممنهج التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال والمدنيين العزل في قطاع غزة".