كشف الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، الذي كشف مدى التغلغل الاستخباراتي والعسكري العميق في المنظومة النووية والأمنية الإيرانية، عن تحديات كبيرة تواجه طهران في بناء قنبلة نووية سرية، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة إيران على مواصلة مشروعها النووي دون كشف.
وقالت شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية إن هجوم "الأسد الصاعد" الإسرائيلي أظهر قدرة الجيش وجهاز الموساد على تنفيذ عمليات استخباراتية وعسكرية دقيقة داخل الأراضي الإيرانية، استهدفت البرنامج النووي الإيراني، من بينها اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده عام 2020، عبر سلاح رشاش متحكم عن بعد.
وأشارت الشبكة إلى أن إسرائيل نفذت خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا ضد إيران عمليات تصفية لأبرز العلماء النوويين وقادة الجيش والحرس الثوري، ما أثر بشكل كبير على تقدم البرنامج النووي الإيراني.
رغم ذلك، ظلت إيران متمسكة ببرنامجها النووي، لكن صناع القرار في طهران يواجهون خيارات صعبة بعد الهجمات الأميركية والإسرائيلية على منظوماتهم الدفاعية. فمن جهة، تبدو التسوية مع واشنطن خيارًا مؤلمًا، ومن جهة أخرى، قد تضطر إيران لإحياء مشروعها النووي السري الذي انطلق قبل عام 2003، وفقًا لما ذكرته "إن بي سي نيوز".
ويوضح إريك بروير، مسؤول استخبارات أميركي سابق، أن التحدي الأبرز لإيران هو الحفاظ على سرية مشروعها النووي بعيدًا عن رصد الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، وهو أمر بات صعبًا بسبب قدرات الموساد المتقدمة.
وفي تصريحات سابقة، حذر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من أنه لن يتردد في قصف المنشآت النووية الإيرانية إذا عادت طهران إلى تخصيب اليورانيوم.
وأكد مارك بوليميروبولوس، ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، أن إسرائيل تتمتع بتفوق استخباراتي كامل على إيران، ما يمكنها من رصد أي تهديد والتعامل معه عبر ضربات عسكرية أو عمليات سرية.
ووفقًا للوثائق السرية التي سربها "الموساد" عام 2018، كانت لدى إيران خطط لبناء خمس قنابل نووية، رغم نفي طهران المستمر لامتلاك برنامج نووي عسكري.
ويُعتقد أن إيران تراهن على أن السلاح النووي سيشكل رادعًا فعالًا يمنع أي هجوم عليها ويحمي نظامها السياسي، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية.
وقد بنت عدة دول أسلحتها النووية سرًا، من بينها كوريا الشمالية وباكستان والهند وإسرائيل نفسها، التي لم تؤكد رسميًا امتلاكها لهذه الأسلحة.
وأشار التقرير إلى أن إيران تملك مخزونات من اليورانيوم المخصب وأجهزة طرد مركزي متقدمة غير معروفة للعالم الخارجي، لكنها تواجه عقبات تقنية كبيرة، مثل تدمير منشأة أصفهان المسؤولة عن تحويل اليورانيوم إلى حالته الصلبة، وهو شرط ضروري لصنع قنبلة نووية.
كما أعرب علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، عن تمسك طهران بمشروعها النووي، رغم الضربات الجوية التي تعرضت لها منشآتها، مؤكدًا أن "المفاجآت ستستمر" وأن الخبرة والمواد والقدرات المحلية لا تزال موجودة.
ويرى خبراء مثل مارفين وينباوم من معهد الشرق الأوسط أن إيران قد ترى في الأسلحة النووية الوسيلة الوحيدة للدفاع عن نفسها وضمان بقاء نظامها في ظل التفوق الإسرائيلي الواضح في المجال العسكري والاستخباري.